من سيسقط الرهانات؟

سربست جزيري

تعيش الأحزاب والتنظيمات الكردية, حالة من الصراعات والتناقضات الداخلية منذ سنوات, واشتدت وتيرة هذه الصراعات بعد التراجع في الخطاب السياسي الكردي, والذي تجاوز في ربيع 2004 الخطوط المرسومة ما بعد الانشقاق الأول في 1965, أي بعد أربعة عقود وبفضل تضحيات الجماهير الكردية, والتي عبرت عن سخطها من تنظيماتها بالخروج إلى الشارع, والمطالبة بالاعتراف الدستوري بحقوقها القومية المشروعة.
منذ آذار 2004, والشعب الكردي المغلوب على أمره, بدأ يخطو خطوات نضالية نحو النضال السلمي العلني, وذلك عبر الاعتصامات والتجمعات والتظاهرات, احتجاجاً على استمرار سياسة إنكار وجود الشعب الكردي وعدم الاعتراف به كثاني قومية في البلاد, وكذلك رداً على السياسات العنصرية والشوفينية التي عبرت عنها المراسيم والقرارات الصادرة من أعلى مراكز القرار السياسي في البلد لصهر القومية الكردية, وعرقلة مسيرة الحياة الطبيعية للمواطنين الكرد, وذلك بإصدار قوانين منع البناء وحظر التملك للعقارات والمساكن, ليضطر المواطنين الكرد إلى الهجرة لمحافظات الداخل, وبذلك يتحقق مشروع محمد طلب هلال السيئ الصيت, حيث تشتيت الشعب الكردي وإبعاده عن موطنه وعن أرضه التاريخية.
في ظل استمرار هذه السياسات واشتدادها, تنشغل أحزابنا بصراعات هامشية, حيث هاجسهم الوحيد الحفاظ على (وحدة أحزابهم), واتهام الرأي المخالف أو المطالب بتصحيح التوجه النضالي, بتهم الخيانة والعمالة وما إلى ذلك من تهم رخيصة, ويمارسون نفس ممارسات النظام, عندما تتهم محاكم البلاد مناضلي الشعب الكردي بالارتباط بجهات خارجية أو الخيانة العظمى, أو العمل ضد أهداف الثورة.
تتقلص أعداد الحزبيين يوميا, وذلك بمغادرة الأعضاء وخصوصاً النشطاء منهم صفوف التنظيمات الكردية, كما أن بعضهم يصمد لفترة طويلة من أجل إجراء التغييرات وتصحيح مسار حزبه, إلا أنه في نهاية المطاف يكون مصيره الفصل أو الطرد.
ما دفعني إلى الخوض في هذا الموضوع, مقالة في العدد الأخير من جريدة آزادي العدد (416) – كانون الأول 2009, وفي الزاوية الثابتة (في الصميم), وتحت عنوان (آزادي ..

مسقط الرهانات بامتياز), كاتب المقال وكأنه أحد البعثيين, يكتب عن الامبريالية والصهيونية وأذنابهم والمتعاملين معهم, فعندما قرأت المقال, وكأني أقرأ جريدة البعث وهي تمدح حزب البعث وتهاجم مطالبي التغيير في البلاد, باعتقادي أن كاتب المقال متشبع بثقافة التآمر وكيل الاتهامات في كافة الاتجاهات, إلا وجهة وحيدة, فقط لم يسعفه وضع آزادي المتردي لمدح سكرتير الحزب (عفواً: الأمين العام للحزب), كما جاء في بيان منظمة أوروبا, والذي عقد تحت إشراف السكرتير وبحضور أحد عشر عضواً فقط, وإبعاد كافة أعضاء الكونفرانس دون وجه حق, ودون وجود أي إجراء ضدهم, سوى أن ذنبهم الوحيد كانوا آزاديون, وليسوا من أتباع السكرتير, فالسكرتير حفظه الله ورعاه من كل سوء, اتصل بقيادته قبل فترة وأكد لهم بأنه سيحضر المؤتمر, إلا أنه بعد الحسابات والتقسيم والطرح, توصل إلى أن الأمور ليس في صالحه, فاضطر إلى الإدعاء في رسالة وجهها لقيادته: بأن قلبه صغير ولا يتحمل السفر بالطائرة, حسب إرشادات طبيبه, ولكن كيف حضر بحالته هذه كونفرانس منظمة أوروبا؟
أعتقد أن ادعاء السيد باهوز هوري, بأن آزادي سيتجاوز المحن ويحقق النجاحات, إدعاءٌ لا صلة له بواقع حزب آزداي, وإلا ما معنى تأخير موعد انعقاد مؤتمر آزادي, ومطالبة السكرتير بانتخاب مرشحي المؤتمر بالتوافق في منطقتين فقط, وكذلك انتخاب أعضاء اللجنة السياسية مناصفةً.

سيدي باهوز, لا أود الخوض في تفاصيل الأمور التنظيمية فأنت أدرى مثلي بما يجري, فلو أن سكرتيرك جاد في الحفاظ على آزادي ومسيرته النضالية, وعمل من أجل إسقاط الرهانات, لما تشبث بمنصب السكرتير (الأمين العام – حسب طلبه), واشترط أحد أزلامه بضرورة بقائه سكرتيراً للحزب.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…