سوريا على أعتاب مرحلة جديدة من الانفتاح والبناء

شيرزاد هواري (عفرين)

بعد اللقاء التاريخي الذي جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برعاية المملكة العربية السعودية مع الرئيس أحمد الشرع، تتجه الأنظار اليوم نحو مرحلة جديدة في تاريخ سوريا، عنوانها الأمل والبناء والعدالة. لم يعد هناك ما هو أهم من رفع الظلم عن المظلومين، وحماية المدنيين، وتحقيق السلم الأهلي الذي افتقدته البلاد لسنوات.

إنّ المرحلة المقبلة تتطلب أن تُدار منظومة العدالة بحرفية ومهنية عالية من قبل أهلها المختصين، بعيداً عن التجاذبات السياسية أو الفئوية، لضمان سيادة القانون وكرامة الإنسان. وهذا يشكل حجر الأساس لانطلاق عملية إعادة الإعمار الشاملة، التي يجب أن تكون يداً بيد، بمشاركة جميع أبناء سوريا من مختلف أطياف الفسيفساء السورية الغنية.

إنّ الانفتاح الجديد الذي تشهده سوريا اليوم ليس مجرد تطور دبلوماسي، بل هو مؤشر على بداية عودة البلاد إلى موقعها الحضاري بين الأمم، واستعادة دورها التاريخي والثقافي في محيطها العربي والدولي.

سوريا، في المستقبل، ستكون بلا شك مختلفة عما كانت عليه في الماضي، بفضل هذا الانفتاح العربي والإقليمي والدولي المتسارع تجاهها. فالتقارب الحاصل اليوم والتفاهمات التي تمت وستتم، تعزز من فرص استقرارها ونهضتها. وإن تجدد الحرص الدولي والإقليمي على دعم سوريا كبلد قوي وآمن، كفيل بجعلها نموذجاً للتسامح والوئام والمحبة والسلام في المنطقة.

ومما لا شك فيه أن طموح الشعب السوري للعيش بحرية وكرامة هو طموح كبير ومستحق، فقد أثبت السوريون أنهم شعب عملي لا يعرف اليأس، وأنهم رغم الخراب والدمار قادرون على تجاوز أصعب المراحل الانتقالية بثقة وعزيمة. فقد توالت النجاحات اليومية والانتصارات على أكثر من صعيد، وتزايدت حملات العودة الطوعية إلى الوطن، وبدأت المنشآت تُعاد نقلها وفتحها من أماكن اللجوء إلى الداخل السوري، ترافقها كرنفالات الاحتفال التي تعكس الروح المتجددة والإرادة الفولاذية لهذا الشعب.

ولا بد أن يتسارع تحقق هذا الطموح السوري المشروع، عبر القضاء الجذري على جميع أسباب التخلف، والفكر الرجعي المتشدد والمتطرف، والفتن الطائفية التي غذّاها النظام المجرم وساهم في إنعاشها والعزف على وترها طيلة سنوات، إلى جانب التخلص من الفكر الشمولي البعثي البالي، الذي عطّل عقول أجيال بأكملها، وكبّل طاقات البلاد لعقود. فبإزالة هذه المعوقات، تنفتح أمام سوريا آفاق حقيقية للنهضة والبناء.

فمن قاوم عقوداً من الاستبداد وتحدى منظومة الفساد، قادر بلا شك على إعادة الحياة إلى مناطقه التاريخية، وبناء مستقبل أكثر إشراقاً لأجياله القادمة. فالسوري هو ابن الأرض، صبور كالفلاح مع شجرة الزيتون التي يرعاها حتى تثمر، قنوع بطبعه، وطموح بطبيعته، يحمل في قلبه الإيمان بوطن يستحق الحياة.

مبارك لسوريا وشعبها هذا التحول، على أمل أن يتحقق السلام الداخلي والخارجي، وتعود البلاد منارة للعلم والثقافة والعيش المشترك.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…