تحولات كبيرة في العام الإيراني الجديد! عام جديد.. عام الثورة والتمرد وانتصار الشعب الإيراني

عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*

 

على الرغم من أن الشعب الإيراني يعيش تحت حكم نظام ولاية الفقيه أحلك فتراته، إلا أنه قد عزز من يقظته ووعيه في مواجهة التحديات. 

في العام الماضي، ومن جهة، نفّذ النظام أحكام الإعدام بحق أكبر عدد من الأشخاص، حيث أفادت الإحصاءات بإعدام ما يقرب من 1200 فرد من الشعب الإيراني على يد هذا النظام. فقد بلغت سياسات القمع والتمييز وكراهية النساء التي يمارسها نظام الملالي في إيران ذروتها، وكان تعيين ”بزشكيان“ رئيسًا للجمهورية دليلاً على ضعف النظام المتزايد أمام الأزمات، وخاصة أزمة الإطاحة به. 

ومن جهة أخرى، ظلّت مختلف شرائح الشعب الإيراني في حالة احتجاج مستمر ضد القمع وانتهاكات الحقوق التي يمارسها النظام وأجهزته القمعية ضدهم.

 

تجديد بيوت الشعب الإيراني

 

هناك تقليد عريق يتمثل في قيام الناس بتنظيف بيوتهم وتجديدها قبيل العام الجديد. هذا التقليد يتماشى مع جوهر “تجدد الطبيعة”، وروحه تكمن في السعي نحو المستقبل. 

هذا العام، يأتي “نوروز” في وقت يترك فيه الشعب الإيراني خلفه عامًا مليئًا بالمعاناة والمقاومة واليقظة. كان العام الماضي عامًا اتسم، رغم كل الضغوط والتهديدات والقمع المنهجي، بصمود الشعب وتألق شعلة المقاومة في جميع أنحاء البلاد بشكل أكثر وضوحًا من أي وقت مضى. بينما يزداد نظام ولاية الفقيه ضعفًا وفقدانًا للمصداقية يومًا بعد يوم، تظهر بوادر واضحة لنضوج الظروف لتحقيق تغيير جذري في إيران. 

 

حكومة متزعزعة وضعيفة!

 

في العام الماضي، وأكثر من أي وقت مضى، غرق النظام في أزمات داخلية وإقليمية. فالفشل الاقتصادي، والفساد الهيكلي، والاحتجاجات المتتالية من مختلف شرائح المجتمع، وزيادة الانقسامات الداخلية، جعلت أسس هذا النظام أكثر هشاشة من ذي قبل. وفي الوقت نفسه، تقدمت مقاومة الشعب الإيراني، وخاصة من خلال مراكز المقاومة الثورية، بانسجام وإرادة وتخطيط موجه نحو المستقبل، ما أبقى آمال الحرية حية في قلوب المجتمع. 

 

فشل سياسة المهادنة مع الديكتاتورية! 

 

من بين الإنجازات المهمة في العام الماضي، كان أبرزها فشل سياسة المهادنة مع النظام الإيراني. فقد كان الغرب يعيش لسنوات طويلة على أمل “تغيير سلوك” النظام بدلاً من تغييره، متمسكًا بالحوار والتفاوض مع حكومة ولاية الفقيه. لكن اليوم، أدرك الغرب أن هذا النظام غير قابل للإصلاح. أثبتت تجربة الاتفاق النووي، ودعم القوات الوكيلة في المنطقة، والقمع الداخلي، أن هذا النظام لا يفهم سوى لغة الحزم والمقاومة.

 

دور المرأة في المقاومة الإيرانية

 

إن دور النساء في هذه المقاومة لا يُضاهى. في الانتفاضات التي شهدتها السنوات الأخيرة، وخاصة في عام 2022 لم تكتفِ النساء الإيرانيات بالوقوف في الصفوف الأولى للنضال، بل تولّين قيادة العديد من الحركات الاحتجاجية. شعار “المرأة، المقاومة، الحرية” ليس مجرد شعار، بل هو إعلان يجسد عزم النساء الإيرانيات على استعادة حقوقهن وكرامتهن الإنسانية. لقد وقفت هؤلاء النساء بشجاعة في وجه قوات القمع التابعة للنظام الإيراني، وأثبتن أنهن العمود الفقري للثورة المستقبلية في إيران. 

 

فشل النظام في منطقة الشرق الأوسط

 

على الصعيد الإقليمي، واجه النظام تراجعًا في نفوذه وتأثيره. فقد أُطيح بحكومة بشار الأسد في سوريا، وتلقت القوات الوكيلة للنظام ضربات استراتيجية أضعفتها يومًا بعد يوم. في لبنان وفلسطين، إما أُبيدت هذه القوات أو فقدت قوتها السابقة. وفي العراق واليمن، تتهاوى قوات النظام وتنهار. هذه الانتكاسات الاستراتيجية تُظهر أن إمبراطورية الإرهاب التي يقودها نظام ولاية الفقيه في حالة انهيار، وأن تكاليف تصدير الأزمات أصبحت لا تُطاق بالنسبة له. 

 

سواء توصل النظام الإيراني إلى تسوية مع الغرب أو اختار طريق الحرب، فإن الآفاق الداخلية تتجه نحو “تغيير النظام” في كلتا الحالتين. فقد فقد النظام شرعيته الداخلية، وأصبحت الهوة بين الحكومة والمجتمع لا يمكن رأبها، بينما تحولت مقاومة الشعب الإيراني إلى بديل حقيقي ومنظم. 

 

لقد دفع الشعب الإيراني ثمنًا باهظًا على مدار السنوات الماضية، من شهداء الانتفاضات إلى السجناء السياسيين، ومن الأمهات الثكالى إلى الشباب الذين سُحقت آمالهم في الشوارع. وفي مقابل هذه التضحيات الهائلة، بلغ النظام ذروة الظلم والجريمة بوقاحة. تدخلاته في دول الجوار، مثل سوريا والعراق ولبنان واليمن، لم تُسبب عدم الاستقرار في المنطقة فحسب، بل أهدرت أيضًا موارد إيران الوطنية ودمرتها. 

 

الكلمة الأخيرة

 

لذلك، تقف إيران اليوم عند نقطة حاسمة في تاريخها. النظام في أضعف حالاته، بينما المقاومة في أقوى مواقعها خلال العقود الأربعة الماضية. يجب على العالم أن يدرك أن دعم الشعب الإيراني والتسليم بحقه المشروع في المقاومة ليس واجبًا أخلاقيًا فحسب، بل هو خطوة ضرورية لتحقيق السلام والأمن المستدام في هذه المنطقة من العالم. 

عام 2025 سيكون عام الثورة والتمرد والانتفاضة ضد أحد أكثر الأنظمة رجعية في التاريخ المعاصر. عام ستُعاد فيه كتابة مصير إيران بأيدي شعبها، لتُطهَّر أرض هذا الوطن من دنس الديكتاتورية الدينية. ستتحرر إيران، ليس بفضل القوى الخارجية، بل بجهود شعبها وبقيادة المقاومة المنظمة التي ظلت لسنوات، بدمائها وتضحياتها، ترفع راية الحرية عاليًا…

***

 

*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…