كيف يستقبل السوريون عيد الفطر السعيد هذا العام

خالد بهلوي

 

يستقبل السوريون عيد الفطر السعيد بفرح وسعادة تغمران الأجواء، حيث لا يزال الناس يتمسكون بالعادات والتقاليد التي توارثوها عبر الأجيال. يبدأ التحضير للعيد منذ الأيام الأخيرة من شهر رمضان، إذ يتم تنظيف المنازل، وشراء الملابس الجديدة للأطفال والكبار، وتحضير الحلويات التقليدية مثل المعمول بأنواعه (بالعجوة، أو الجوز، أو الفستق الحلبي) إلى جانب الحلويات الأخرى كالغريبة والبرازق.

في صباح يوم العيد، يتوجه الرجال إلى المساجد لأداء صلاة العيد، حيث تعمّ أجواء التكبيرات والتهاني بين المصلين. وبعد الصلاة، يبدأون بزيارة الأقارب والجيران لتبادل التهاني والتبريكات، وهو ما يُعرف بـ “صلة الرحم”، حيث يتم تقديم القهوة والشاي مع الحلويات الخاصة بالعيد، مثل الكليجة.

أهم ما يميز العيد هو فرحة الأطفال الذين يحصلون على “العيدية”، والتي تكون نقودًا أو سكاكر، بحسب ما يتكرم به الأهل والأقارب، مما يزيد من بهجتهم ويجعلهم يتهافتون على شراء الألعاب والحلويات.

في القرى والأحياء الشعبية، تزداد أجواء المحبة والمودة بين العائلات، حيث تُنظَّم الولائم ويجتمع الأهل والأصدقاء حول مائدة واحدة لتناول أشهى الأكلات السورية، مثل الفتة، والكبب، والمحاشي.

كما تشهد شوارع المدن السورية حركة نشطة خلال العيد، حيث تزدحم الحدائق وساحات لعب الأطفال والمطاعم والمتنزهات بالعائلات التي تخرج لقضاء أوقات ممتعة، وذلك بعد زيارة المقابر وقراءة الفاتحة على أرواح شهدائهم وأحبائهم.

عند مقارنة الأعياد السابقة بالأعياد الحالية، يشعر الكثيرون بالحزن بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، والتي أدت إلى العجز المالي وتشتت أفراد الأسرة الواحدة الذين اعتادوا الاجتماع خلال عطلة العيد. ومع ذلك، من الحكمة التركيز على الأجواء الروحانية من خلال الصلاة وصلة الرحم لتعزيز الشعور بالعيد دون الحاجة إلى نفقات كبيرة.

يؤثر الغلاء والفقر بشكل كبير على ممارسة طقوس العيد، كما أثرا من قبل على شهر رمضان المبارك، حيث تواجه العديد من الأسر صعوبة في تأمين حاجيات العيد الأساسية، مثل شراء الملابس الجديدة، وتجهيز الأطعمة التقليدية، وتقديم العيديات للأطفال. هذا يؤثر على أجواء المعايدة ويقلل من الشعور بالبهجة، خصوصًا بين الطبقات الأكثر فقرًا وتضررًا اقتصاديًا.

بسبب ارتفاع الأسعار، قد تضطر بعض الأسر إلى شراء ملابس مستعملة أو الاستغناء عنها تمامًا، مما ينعكس على فرحة الأطفال بالعيد. كما أن العيد غالبًا ما يكون مرتبطًا بأكلات خاصة، لكن الغلاء قد يدفع بعض العائلات أو أغلبها إلى تقليل الكميات أو استبدال الأطعمة التقليدية بأخرى أقل تكلفة، نظرًا لضعف الإمكانيات المالية وتوقف الرواتب.

قد لا يتمكن الأهل من منح العيديات المعتادة للأطفال، مما يؤثر على سعادتهم، كما أن تكاليف النقل المرتفعة قد تقلل من الزيارات بين الأقارب والأصدقاء، مما يضعف الترابط الاجتماعي.

من الحكمة شراء الحاجيات الضرورية قبل فترة من العيد لتجنب ارتفاع الأسعار المفاجئ. وفي نهاية شهر رمضان، يتم أحيانًا تنظيم مبادرات لمساعدة الأسر المحتاجة، كما تلجأ بعض العائلات إلى صنع الحلويات في المنزل بدلًا من شرائها، أو إعادة غسل وكوي الملابس لتبدو جديدة.

أصبحت الأعياد والمناسبات تقتصر على تبادل التهاني عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن العيد يظل مناسبة لإحياء القيم الإنسانية والتواصل بطرق بسيطة تحمل معاني الفرح والمحبة.

ورغم الظروف الصعبة التي مر بها السوريون في السنوات الأخيرة، إلا أنهم لا يزالون يحافظون على روح العيد وبهجته، متشبثين بالأمل والتقاليد التي تجعل العيد مناسبة مميزة مليئة بالمحبة والفرح.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…