حول بوادر أزمة داخل الحركة الحزبية الكردية

فرحان كلش
منطقياً، المحطات التاريخية تجلب معها صياغاتها الفكرية والوجدانية والسياسية …..الخ معها، أي تستحضر منظومتها القيمية التي تتوافق مع الأرضية الاقتصادية – السياسية التي تتبناها.
وما نشهده الآن على الساحة السورية عامة والكردية خاصة بوادر حركة انحلال قوى وصعود قوى حزبية أخرى مختلفة، فالتاريخ يعلمنا أن الأزمات في البنى التحتية تلد بنى فكرية ومجتمعية منسجمة و منعَكَسة عنها.
و ما نلاحظه من فقدان البوصلة السياسية داخل الحركة الحزبية دليل صارخ على أن هذه القوى متأثرة ومتوترة مما يحصل في البلاد من تغييرات وتجاذبات صادمة.
وربما من أسباب هذا التخبط نشوء الكثير من هذه الأحزاب ليس لضرورات نضالية وواقعية، بل نواتج لتعدد القطبية التي تنخر في جسد هذه الحركة منذ أكثر من نصف قرن.
وثم فهذه الأحزاب لم تسمح للمثقفين من زرع بذرة المعرفة وأسس التحليل الواقعي المستمد من قراءات عميقة لحركة المجتمع داحل هذه الهياكل السياسية، وبذلك فقيادات هذه الأحزاب أخصت القاعدة (التي وضعت كل بيضاتها في سلة هذه القيادات وصبرت عليها طويلاً) للأسف وفصلت لها لبوسها المنسجم مع رؤيتها ومصالحها، فنلاحظ أحزاب مُنحت أسماء قيادييها، وقيادات ورثت الخط السياسي بلا إضافات، الخطوط الثلاث في الحركة الحزبية بيّنة وتسير على التوازي مع بعضها، دون أن تخطئ في محطة ما وتكسر وتخالف منطق هذا التوازي المدمر.
الآن لوحة جديدة تتشكل في البلاد، وبالتالي تموضعات جديدة مطلوبة في الانتظار.
لا مطلب سياسي واضح مطروح على الطاولة لأي تكتل حزبي، والكل يغير مصطلحاته وشعاراته، أن التغيير يصيب الجميع، والخلافات تتعمق بخلاف ما يتم التصريح به.
خط الآپوجيين لا تغيير عليه، فلسفة القائد لا يأتيها الباطل من أية جهة، فهم يعملون كأنهم في صحاري خالية من الأفكار والرؤى الأخرى، والأنكساويون يفتشون عمن يعيد لهم امتيازات بعض قادتهم، وأتصور هم يحتاجون إلى سلطة ما بهذه الخصائص من العطاء، أنهما الجهتان الأكثر تعرضاً للخلخلة ومواجهة رغبة الشارع الكردي، فهل سيحافظ الطرفان على هيكليتهما التنظيمية والسياسية أم أنهما معرضان للتغيير في تركيبتهما؟
مازلنا في المحطات البكر من التغيير المنتظر، هذا التغيير سيكنس القائم(بغض النظر عن المنحى السلبي أو الإيجابي له) لذلك فالجميع يتحسس طريقه مفرداً، دون إعطاء الأهمية لرفقة الطريق، ودون الالتفاف إلى الأبعاد الاستراتيجية للصراع، أنه الصراع الحزبي القديم الذي سندخل به العهد السوري الجديد للأسف.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…