مشعل التمو.. تخليد لرمز الحرية!

إبراهيم اليوسف
لم يكن مشعل التمو مجرد اسم عابر في سجل النضال السوري، بل كان رمزًا صلبًا لمقاومة الاستبداد و سجل سعي مشهود له، نحو الديمقراطية الحقيقية. اغتياله على يد شبيحة النظام السوري- وبتدبير وتخطيط منه- لم يكن مجرد تصفية جسدية، بل محاولة فاشلة  لإيقاف الحراك الثوري الكردي، ولطمس صوته وروحه التي بقيت مشتعلة في قلوب المؤمنين بالحرية. ولذا، فإنه بعد سقوط نظام الأسد،  صار من الضروري أن يحظى اسم مشعل التمو بالتكريم اللائق به، بما يعكس تاريخه النضالي وما قدمه من تضحيات.
إن أول خطوة لتكريم هذا القيادي الكردي السوري الشجاع هي إطلاق اسمه على أحد الشوارع الرئيسة ليس في مدينتي قامشلي والدرباسية، فحسب، بل في أهم شوارع دمشق وغيرها من المحافظات بدلاً من شارع الرئيس أو سواه،، حيث كان يمارس نضاله، ليكون شاهدًا على أن الحرية والعدالة لا تزولان. شارع يحمل اسمه سيكون أكثر من مجرد طريق يعبره المارة، بل سيكون شاهدًا حيًا على كفاحه ضد الظلم، وسيمثل نقطة التقاء للأجيال القادمة مع نضال من ضحوا من أجل سوريا جديدة.
بل إنه إلى جانب إطلاق اسمه على شارع، فإن إنشاء مركز ثقافي يحمل اسم مشعل التمو سيكون خطوة أخرى لتكريمه. هذا المركز يجب أن يكون منارة للفكر الحر والديمقراطية، حيث تُعقد الندوات، وتُدرّس قيم العدالة وحقوق الإنسان، ويُمنح الشباب الفرصة لطرح أفكارهم دون خوف أو قيود. مثل هذا المركز سيحمل شعلة التمو التي سعى لإشعالها في كل مكان تواجد فيه.
و لا يمكن الحديث عن تخليد ذكرى مشعل التمو دون التفكير في إنشاء متحف صغير أو قاعة تذكارية توثق مسيرته. يجب أن يضم هذا المتحف مقتنياته الشخصية، صوره، مقالاته، بياناته، وحتى مقتطفات من خطاباته ورسائله التي وجهها إلى السوريين. سيكون هذا المتحف بمثابة سجل تاريخي للأجيال القادمة، حتى لا يضيع نضاله وسط زحمة الأحداث.
كما لا يمكن أن نكتفي فقط بتخليد اسمه في الشوارع أو المراكز الثقافية، بل لا بد أن يكون جزءًا من الذاكرة الوطنية. إدراج سيرته في المناهج الدراسية سيضمن أن يتعرف كل طالب سوري على هذا الرمز الوطني، وسيدرك معنى المقاومة السلمية والتمسك بالمبادئ في وجه الطغيان، من دون نسيان ضرورة إقامة تمثال أو نصب تذكاري في بعض ساحات المدن السورية بالإضافة إلى قامشلي ودمشق، تخليداً لروحه، وليبقى ماثلاً أمام اجميعنا، وعلى مر التاريخ، يذكّر الأجيال بأنه لا يزال حيًا بفكره ومبادئه.
إن تكريم مشعل التمو ليس مجرد رد اعتبار لشخصه، بل هو تأكيد على أن تضحيات الشرفاء لن تذهب سدى. فقد آن الأوان بعد سقوط النظام، أن تبدأ لحظة الوفاء لذكراه، بعد أن تحقق ما كان يسعى إليه: سقوط نظام البعث والأسد. على أمل أن تكون سوريا- كما أراد وهو وشهداء الكرامة والموقف- وطناً حراً، ديمقراطياً، يتساوى فيه جميع السوريين في الحقوق والواجبات. مشعل التمو لم يمت، بل أصبح رمزًا خالدًا في ذاكرة سوريا الحرة.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…