حزب العمال الكوردستاني جعل من نفسه قوات فاغنر الكوردية!!

شكري بكر
لو أردنا أن نخوض نقاشًا مستفيضًا حول الواقع السياسي لحزب العمال الكوردستاني، يمكننا إعطاء صورة حقيقية لكل ما قام ويقوم به الحزب. سنجد أن الأمور معقدة للغاية، ومتورطة في مجموعة من الملفات الدولية والإقليمية والكوردستانية. يمكن تقريب الصورة عبر معركتي كوباني وشنكال، حيث يتضح أن “كل واحد يعمل بأصله”، دون الدخول في تفاصيل وقوع المعركة في مدينة كوباني ومعركة شنكال، اللتين كانتا مؤامرة مسرحية إقليمية، من إنتاج وإخراج مشترك بين طهران، بغداد، ودمشق، مع سيناريو داعش وبطولة منظومة قنديل.
في معركة كوباني، بغض النظر عن كيفية دخول داعش إلى هذه المدينة التي لم تكن تخضع لسلطة الأمر الواقع بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي، الجناح السوري لحزب العمال الكوردستاني، جاءت قوات البيشمركة للوقوف إلى جانب حزب الاتحاد الديمقراطي في مواجهة داعش. وبعد انتهاء المعركة، عادت قوات البيشمركة إلى مواقعها.
أما في معركة شنكال، فكان العكس. وصلت إليها قوة مؤلفة من الكريلا والحشد الشعبي العراقي المدعوم من إيران، وكانت النتيجة دحر قوات البيشمركة، مما أجبرها على اتخاذ قرار بالانسحاب. لكن لماذا؟
كان هناك مخطط لوقوع معركة بين البيشمركة والكريلا. أدركت قيادة الإقليم هذا المخطط، ولتجنب التورط، اتخذت قرار انسحاب البيشمركة من شنكال. وهكذا، دارت المعركة بين داعش من جهة والكريلا والحشد الشعبي العراقي من جهة أخرى. وبعد القضاء على داعش في شنكال، سُلّمت المنطقة بالكامل للكريلا، التي بدورها سلمتها لقوات حديثة التأسيس هناك باسم “قوات حماية الشعب”، مما جعل من شنكال إقليمًا مستقلًا خارج جغرافية الإقليم. بهذا، تحقق هدف حزب العمال الكوردستاني الذي أعلنه أوجلان عندما قال:
“في الإقليم هناك إدارة في السليمانية تابعة لجلال الطالباني، وفي هولير إدارة تابعة للبارزاني. هذا يقتضي أن يكون لنا أيضًا إدارة هناك”. وهكذا أصبحت شنكال هدفًا.
بعد أن أقدم النظام السوري المخلوع على تسليم كامل كوردستان سوريا لحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، بالإضافة إلى كافة مناطق تواجد الشعب الكوردي في المدن السورية ذات الأغلبية الكوردية، كان الهدف منع الكورد من الانضمام إلى الثورة السورية وتشكيل تلاحم كفاحي بين مكونات المجتمع السوري. أثر هذا الموقف على الأقليات القومية والدينية والمذهبية المتعايشة مع الشعب الكوردي في كافة أماكن تواجدهم، حيث اتخذ حزب الاتحاد الديمقراطي موقفًا عدائيًا من الثورة السورية بذريعة أنها انحرفت عن أهدافها الأساسية، ألا وهي إسقاط النظام. خلال الثورة، وقف الـ PYD إلى جانب النظام، كما عبر قادة قنديل الذين قالوا: “لولا PYD لسقط النظام منذ الأشهر الأولى لانطلاقة الثورة”.
سقط النظام ولا يزال الـ PYD يمارس سياسات النظام. وهنا يطرح السؤال نفسه:
ماذا يريد حزب العمال الكوردستاني عبر أداته السورية حزب الاتحاد الديمقراطي من سوريا أولًا، ومن الشعب الكوردي في كوردستان سوريا ثانيًا؟
حزب العمال الكوردستاني، بالمحصلة، هو أداة من أدوات النظام الإيراني في الساحة العراقية والسورية والتركية والكوردستانية. وقد كُلف بعدة مهام، منها:
  1. منع قيام شرق أوسط جديد.
  2. مواجهة التغيير القادم لمنطقة الشرق الأوسط ورسم خرائط جديدة بديلة لاتفاقية سايكس بيكو.
  3. تمرير المشروع الإيراني الداعي إلى تشييع المنطقة (الهلال الشيعي)، بدءًا من إيران مرورًا بالعراق، سوريا، تركيا، لبنان، فلسطين، وانتهاءً باليمن.
  4. مواجهة تركيا السنية ومنعها من التمدد نحو الدول التي تستهدفها إيران.
  5. مواجهة إقليم كوردستان، والقضاء عليه أو منعه من التمدد في المنطقة.
لكن، بالمقابل، لا تجري الرياح بما تشتهي السفن. فبعد قطع أذرع إيران، مثل حزب الله، حركة حماس، والجهاد الإسلامي، وسقوط نظام الأسد في سوريا، يبقى السؤال: أين المفر لحزب العمال الكوردستاني؟
مهام عديدة أمام حزب العمال الكوردستاني يجب القيام بها:
  1. مراجعة ذاتية شاملة لمجمل سياساته الخاطئة في المنطقة، والعودة إلى جادة الصواب لتحديد مستقبله.
  2. الانسحاب من كوردستان إيران والعراق وسوريا، والعودة إلى ساحته الأساسية في كوردستان تركيا.
  3. حل أدواته في سوريا، إيران، والعراق، مثل حزب الاتحاد الديمقراطي الذي أصبح يشكل خطرًا على سوريا عمومًا وكوردستان سوريا خصوصًا، وكذلك حزب الحل الكوردستاني الذي تسبب بالخلاف بين بغداد وهولير، واستدعى القوات التركية لملاحقة قادة حزب العمال في جبال قنديل.
كل هذا يقودنا إلى مقولة أن حزب العمال الكوردستاني هو أجندة تُستخدم عند الطلب لتحقيق مصالح القوى الإقليمية والدولية. وإذا دل هذا على شيء، فإنه يدل على أن حزب العمال الكوردستاني ليس إلا قوات فاغنر في المنطقة، تجار حروب يسعون لتحقيق مكاسب مادية من خلال شبكات تهريب المخدرات. لقد حولوا قنديل إلى مركز لتهريب المخدرات والتجارة بالأعضاء البشرية.
لا علاقة للحزب بالقضية الكوردية في المنطقة لا من قريب ولا من بعيد. همه الأول والأخير هو المال، واستخدام اسم “الكوردستاني” ليس بدافع حب للشعب الكوردي أو لكوردستان، بل لخدمة مصالحه الذاتية. ومن أوائل هذه المصالح استغلال الورقة الكوردية في المنطقة.
في النهاية، فإن جميع المسائل المتعلقة بحزب العمال الكوردستاني تقع بيد الولايات المتحدة الأمريكية، التي ستجد الحل المناسب في الوقت المناسب، وبطريقة تتوافق مع جميع الأطراف الإقليمية، بما في ذلك الطرف الكوردي، وعلى امتداد جغرافية كوردستان.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…