ابراهيم اليوسف
تظهر منظمات المجتمع المدني كقوة فاعلة خلال الكوارث والحروب، لتسد الثغرات التي تعجز المؤسسات الرسمية عن معالجتها، وتعمل على التخفيف من معاناة الأفراد. ومن بين أبرز هذه النماذج، جمعية البارزاني للأعمال الخيرية، التي استطاعت أن ترسخ مكانتها كرمز للعمل الإنساني في كردستان العراق وخارجها، من خلال مبادراتها المتميزة ومواقفها الإنسانية.
الإغاثة في مناطق النزوح:
في ظل المأساة الإنسانية الناتجة عن الحروب في سوريا، كان لمنطقة عفرين نصيب كبير من الكوارث. نزح آلاف السكان الكرد من مناطقهم، لا سيما من حيي الأشرفية والشيخ مقصود، بالإضافة إلى تل رفعت ومناطق الشهباء عامة، بسبب الصراع الدائر هناك. في هذه الظروف العصيبة، قامت جمعية البارزاني بدور محوري في استقبال المهجرين، حيث نظمت جهودًا ميدانية لتوفير الطعام والمأوى للمحتاجين الذين كانوا يعيشون في أوضاع إنسانية متردية.
لم يقتصر دور الجمعية على تقديم المساعدات الفورية، بل امتد إلى” محاولة” الدخول إلى المناطق الكردية في سوريا (روج آفا كردستان) لتقديم الدعم اللازم، رغم التعقيدات الأمنية والسياسية التي تحيط بالمنطقة. إن وجود 15 ألف كردي محاصرين في منطقة الشهباء من قبل مرتزقة تركيا، مع تعرض بعض العائلات للقتل والخطف والتعذيب، يفرض تحديات كبيرة أمام هذه الجهود.
العودة إلى الديار وحقوق المهجرين
مع استمرار أزمة النزوح، يجب أن تكون الأولوية لتمكين المهجرين من العودة إلى ديارهم، خاصة إلى عفرين، مع ضمان استرداد بيوتهم وممتلكاتهم التي صودرت بسبب سياسات التغيير الديمغرافي المفروضة على المنطقة. ومن الضروري أيضًا إعادة المستوطنين الذين قدموا من مناطق أخرى إلى مواطنهم الأصلية، تنفيذًا للالتزامات التي أعلنتها المعارضة السورية بشأن عدم إجراء تغييرات ديمغرافية في المناطق المتنازع عليها.
وفي هذا السياق، تعاني عائلات عديدة في أحياء الشيخ مقصود والأشرفية، حيث ما زال من تبقى من السكان هناك يواجه أوضاعًا صعبة نتيجة الحصار المفروض عليهم. إن السماح لجميع هؤلاء بالعودة إلى عفرين ليس فقط ضرورة إنسانية، بل حق أساسي يجب أن يُضمن ضمن الحلول السياسية المستقبلية.
مهنية العمل المدني وأهميته
كي تؤدي منظمات المجتمع المدني دورها بفعالية، لا بد أن تتمتع باستقلالية ومهنية عالية، بعيدًا عن أية وصاية سياسية أو أيديولوجية. هذا ما جسدته جمعية البارزاني الخيرية خلال كارثة الزلزال الأخيرة، حيث وزعت المساعدات على جميع المتضررين، من الكرد والعرب على حد سواء، دون أي تمييز.
إن الالتزام بهذا النهج الشامل والمتوازن في خدمة من حولهم، يعزز ثقة المجتمع بمثل هذه المنظمات ويمنحها مساحة أوسع للعمل. ولا يمكن لمجتمع أن يتعافى من أزماته إن لم يُسمح لهذه الجهات الإنسانية بالعمل بحرية، شريطة أن تظل وفية لمبادئ الحياد والمهنية.
دعوة إلى تفعيل دور المنظمات
إن التحديات التي تواجه المهجرين والنازحين في عفرين ومناطق الشهباء وغيرها، و كذلك لمن وصل إلى مناطق: الجزيرة-الرقة-الطبقة فرض على منظمات المجتمع المدني تكثيف جهودها لمساعدة هؤلاء، مع ضرورة التعاون مع الجهات الدولية والمحلية لدعم الحقوق المشروعة للسكان الأصليين، وإعادة بناء الثقة في المناطق المتضررة.
أجل. يمثل عمل جمعية البارزاني للأعمال الخيرية نموذجًا يُحتذى به في تقديم المساعدات الإنسانية في ظل الظروف الصعبة. ورغم التحديات الكبيرة، يبقى الأمل معقودًا على استمرار هذه الجهود، جنبًا إلى جنب مع ضرورة تكاتف المجتمع الدولي لإنهاء معاناة السكان، وضمان عودة جميع المهجرين إلى ديارهم وممتلكاتهم، ليكون المستقبل أكثر عدلًا واستقرارًا.