زيادة الأسعار في مناطق ” الادارة الذاتية “: يزيد الأعباء على الفقراء ويعمق الإحباط والهجرة .؟

اكرم حسين

في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة. حيث يعتبر الخبز مصدر الغذاء الأساسي للغالبية العظمى من السكان ، خصوصاً الفقراء منهم ، ممن لا يمتلكون خيارات أخرى لتأمين غذائهم ، رغم ما يعانيه الخبز من قلة الجودة ، وسوء التصنيع، مما يثير تساؤلات حول مدى اهتمام “الإدارة الذاتية” بتأمين احتياجات الناس الأساسية والحفاظ على كرامتهم ؟ .

وكما يبدو فإن هذه الخطوة ليست الا استكمالاً لسلسلة السياسات الاقتصادية الخاطئة التي تنتهجها “الإدارة الذاتية” إلى جانب رفع أسعار المحروقات وزيادة الضرائب ، مما يزيد الاعباء على كاهل المواطنين . فبدلاً من تخصيص الدعم للفئات الهشة، يتم اتخاذ قرارات تزيد من الضغط والأعباء عليها، مثل رفع أسعار السلع الأساسية، بما في ذلك الخبز، المحروقات ، و السلع الاخرى.

لا شك أن سوء جودة الخبز المُباع من قبل الأفران التابعة “للإدارة”  يثير العديد من  التساؤلات حول  آليات الرقابة والإشراف والمحاسبة ، مما يؤدي إلى تقديم رغيف غير متناسب مع  المعايير الغذائية الأساسية.

ورغم ان المنطقة تمتلك موارد اقتصادية هامة مثل النفط والزراعة  ، لكن سوء التخطيط والإدارة ، حال دون تحويل هذه الموارد إلى مشاريع تنموية مستدامة تخفف من حدة الفقر ، وتحسّن من الوضع المعيشي ، ونتيجة لهذه السياسات، باتت الهجرة ملاذاً آمناً للكثيرين، خاصة الشباب الذين يرون فيها فرصة للهروب من الإحباط والبطالة وعدم وجود أفق مستقبلي واضح.

بالمحصلة من يدفع ثمن هذه السياسات  هو المواطن البسيط، الذي لا يمتلك القدرة على مجاراة ارتفاع الأسعار ، ولا على تحسين ظروفه الاقتصادية والمعيشية ، وفي ظل غياب أية  حلول للأزمات المتتالية ، يجد الكثيرون أنفسهم في مواجهة واقع قاسٍ يدفعهم إما إلى البحث عن حلول فردية، أو إلى مغادرة البلاد بحثاً عن مستقبل أفضل ، مما  يتطلب من  “الإدارة الذاتية” مراجعة قراراتها ، والحد من رفع أسعار المواد الأساسية ، مع وضع خطط مستعجلة لدعم الشرائح الفقيرة ، وتقديم منتجات ذات جودة مقبولة ، خاصة تلك التي تعتبر هذه المنتجات  جزءاً أساسياً من غذائها اليومي ، إضافة إلى استثمار عائدات النفط والزراعة في مشاريع تنموية بحيث توفر فرص عمل ، وتحسن من مستوى المعيشة ، وتقدم بدائل اقتصادية إيجابية  للمواطنين ، وتمكّنهم من تحسين ظروفهم الحياتية ، مثل دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع الزراعة والصناعات المحلية ، الأمر الذي يعيد الأمل ، ويحد من  الإحباط والهجرة….؟

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…