عبداللطيف محمد أمين موسى
يُلاحظ المتتبع للشأن الدولي العام والكردي على وجه الخصوص ومن خلال التصريحات المتكررة عن أروغان رئيس تركيا، وكذلك التصريحات التي أثارت الدهشة والاستغراب من رئيس الحزب القومي وأحد أقطاب التشدد القومجي في تركيا دولت بخجلي والتي آلمح فيها وبشكل غير متوقع ومخالف لكل تصريحاته المتشددة والعنصرية السابقة تجاه الشعب الكُردي إلى إمكانية أتخاذ مسارات في ظل توافر المناخ المناسب للسعي إلى إيجاد حلحلة للقضية الكردية المتعثرة منذ سنوات في تركيا. كذلك المعلومات والتقارير الغير المعلنة التي إشارات إلى لقاءات سرية على المستوى الاستخباراتي وعبدالله اوجلان في امرالي منذ ما يقارب ثلاث أشهر حول وضع الترتيبات إلى إمكانية رفع أو تخفيف القيود عن اوجلان مقابل قدومه إلى البرلمان التركي والإعلان عن حل حزب العمال الكردستاني في تركيا وانخراطه في العملية السياسية في تركيا. هذا السرد في مسار تسلسل الأحداث الأخيرة وإمكانية تأثيراتها على القضية الكُردية في تركيا هذل السرد في تسلسل الأحداث من أجل تسليط الضوء على إمكانية وضع القارئ الكريم أمام تساؤلات مهمة هل المناخ العام الدولي والإقليمي والمحلي التركي وعلى صعيد حزب العمال نفسه متوفرة للدفع في مسار إيجاد حل للقضية الكردية في تركيا أم أن لهذه العملية اعتبارات أخرى من خلال تأثرها في خضم الأحداث والمصالح والأجندات العالمية والإقليمية والمحلية في تركيا نفسها وعلى الحزب بعينه أم يعاد استغلال هذا المسألة مرة أخرى لإعادة تشكيل ترتيبات معينة في المنطقة من قبل الدولة التركية والدول الإقليمية. والسؤال الأهم هل اوجلان له القدرة على السيطرة والبت على القرار النهائي للحزب، وهل القضية الكردية في تركيا محصورة بالحزب نفسه. من خلال التحليل السياسي الدقيق ومتابعة تسلسل الأحداث المتسارعة التي تمر بها المنقطة نلاحظ بأن مسار أحداث اختراق مزعوم في القضية الكردية في تركيا والدفع بها إلى الحلحلة بالتأكيد ستخضع لاعتبارات ومراحل من الاستغلال في منعطفات صراع المصالح وتحقيق المكاسب وتوسيع النفوذ الإقليمي والدولي والمحلي.على الصعيد المحلي التركي بالتأكيد لا يخفى الصراع القديم الجديد بين المؤسسات ومراكز القرار السياسي والأمني المعروف بها تركيا من خلال ماتسمى الدولة العميقة وهيمنتها على القرار الاستراتيجي في تركيا، ولعل صانع القرار في الدولة العميقة التركيا استشعر بتهديد أو ثمة مؤشرات على تأثر تركيا بالمتغيرات في الصراع الحاصل في المنطقة على تركيا بعد تلميح نتنياهو ورفعه لخرائط الخير والشر في مجلس الأمن وإحساس تركيا باقتراب التهديد نحو حدودها الجنوبية عبر سوريا، فعملت على أستغلال أعادة أستغلال ورقة الحزب العمال الكوردستاني مرة أخرى، وإعادة تدويرها لتحقيق مصالحها لاسيما بعد المؤشرات التي يحاول المحللين الأتراك الترويج له عن توافر ظروف جديدة في الشمال والشمال الشرقي السوري برعاية أمريكية واسرائيلية لأحداث ترتيبات أمنية وللحزب العمال الكوردستاني دور فيها. ترى فيها تركيا تهديد حقيقي لأمنها القومي لذا تحاول تركيا أعادة تدوير ورقة الحزب العمال الكوردستاني والمبادرة إلى سحبها واستخدامها لأفشال التهديد الأمريكي الإسرائيلي والإيراني المشترك في الشمال والشمال السوري. الأمر الذي انكشف من خلال التلاسن في التصريحات بين أروغان ووزير خارجية إسرائيل ورفع مصطلح الديكتاتورية، وبالمناسبة هذا الأمر أستدعى من أردوغان مطالبة بشار الاسد مرات عديدة خلال قمة قازان بالتعاون وأتخاذ خطوات عبر مساعدة روسيا لتنبيه إلى الترتيبات الجديدة التي ترى فيها تركيا تهديد لأمنها القومي. بالتاكيد إن مسار الدفع بمحاولات أيجاد حل للقضية الكردية في تركيا عبر حزب العمال الكوردستاني تخضع للصراع الإقليمي الغير المعلن بين إيران وتركيا، ولاسيما مشروع إيران التوسعي وولاية الفقيه هذا الصراع الذي بدأ يتشكل مع بداية الأحداث السورية، وسحب إيران ورقة حزب العمال الكوردستاني والهيمنة على بعض قراراته المؤثرة، والاتهامات التركيا المتكررة في توفير إيران مقرات للحزب على أراضيها تمنع تركيا من قصفها، لذلك مع قرب تركيا عن الإعلان عن ترتيبات البدء في مؤشرات الدفع نحو أحداث أمر جوهري في سياسة حزب العمال الكوردستاني والتشهير باتفاقية السلام بمساعدة إقليم كردستان حتى بدأت إيران باستغلال نفوذها بالحزب ودفع بعض قيادات الحزب إلى أعطاء تلميحات مغايرة لأوجلان والضغط عليهم لدفع الحزب لاتخاذ عمليات في تركيا لوضع العراقيل أمام اتفاقية السلام الأمر الذي المح اليه ديمرتاش من سجنه بشكل غير علني عندما اشار في تصريحاته عن العملية بأن هنالك ثمة من يدفع بوضع عراقيل أمام عملية السلام في إشارة غير علنية إلى الجناح المهيمن عليه من إيران. لعل الأهم هو أستغلال أردوغان للتفجير الذي دفعت إليه إيران الحزب في تنفيذه في انقرة في ضرب مناطق الشمال والشمال الشرقي السوري لتوجيه رسائل للقوى والمحاور الدولية والإقليمية بأنها لتركيا حسابتها، ولديها القدرة في ضرب أي تهديد مستقبلي يأتي من هنالك. في المحصلة، لايمكن لأي شيء فصل أعادة مسار الدفع بحلحلة القضية الكردية في تركيا عن الأجندات والمصالح الدولية والإقليمية، ولكن الأهم بالنسبة للشعب الكردي في تركيا أستغلال هذه الفرصة في فرض المنطق الكردي العيش بسلام، والتخلي عن منطق الحرب التي يتم من خلالها تسيس قضية الشعب الكردي والتي لم تجلب سوى الدمار وتشويه نبل معاني القضية الكردية، وكذلك لابد من الاستفادة من تجربة إقليم كردستان العراق في كسبها استحقاقات الشعب الكردي القومية والوطنية من خلال القراءة الدقيقة والصحيحة للمشهد السياسي، والإيمان بالمشاركة الدائمة المسارات الدبلوماسية والسياسية بدلا من منطق الحرب، كذلك ولابد من أستغلال الدور التاريخي للمرجع الأعلى الكُردستاني مسعود بارزاني الذي كان له الدور الكبير في أحياء عملية السلام في تركيا سنة ٢٠١٣ ،وإصراره الدائم في مساعدة الشعب الكردي في أجزاء كردستان كافة منطلقاً من واجبه القومي.