لقد قسّم هذا الإحصاء المواطنين الكرد في سوريا إلى ثلاث فئات
الثالثة: أكراد جردوا من الجنسية, ولم يتم قيدهم في السجلات الرسمية نهائياً، وأطلق عليهم وصف “مكتومي القيد” فيميز وجودهم ورقة صفراء، ولا يملكون أية وثائق رسمية, باستثناء شهادة التعريف من المختار أو سند الإقامة، وبالتالي لا يتمتعون بأي حق من حقوق المواطن.
وبعد مرور سبع وأربعون سنة على مرور هذا الإجراء الشوفيني, ما يزال ساري المفعول, دون أن تلغى نتائجه الكارثية على المنطقة, وذلك بالرغم من المحاولات الحثيثة التي قامت وتقوم بها الحركة الوطنية الكردية في سوريا من أجل إلغائه, من خلال إيصال معاناة هؤلاء المواطنين إلى القوى الوطنية المختلفة من فعاليات سياسية وثقافية واجتماعية ودينية ، وإلى لجان حقوق الإنسان في الداخل والخارج ، الأمر الذي أدى إلى توسيع دائرة التضامن مع هؤلاء المجردين من الجنسية ، وبعد ذلك ازدادت المطالبات من مختلف هذه القوى بضرورة إيجاد حل وطني ديمقراطي ينهي مشكلة الإحصاء ويزيل كل آثارها الضارة , إضافةً إلى الوعود التي تكررت من قبل السلطة بحل هذه المشكلة ( خلال لقاء السيد رئيس الجمهورية بالفعاليات الاجتماعية والدينية والسياسية أثناء زيارته لمحافظة الحسكة عام 2002م– خلال لقائه مع قناة الجزيرة الفضائية عام 2004م عقب أحداث القامشلي – خلال أدائه لخطاب القسم الثاني تحت قبة مجلس الشعب عام 2007م – توصيات المؤتمر العاشر لحزب البعث ” الأخير ” عام 2005م ….) .
هنا نتساءل لماذا هذه الانتكاسة في الوعود المقطوعة ؟! ولماذا هذا الفشل من قبل الحركة الوطنية الكردية في محاولاتها المتكررة ؟!
لعل أهم سبب كان وراء الفشل هو حالة الشرذمة في صفوف الحركة الكردية وتفرقتهم وهدر طاقات الحركة في مهاترات جانبية , مما يقلل من إيلاء السلطة لأية حسابات تجاه تحركاتها , والتي لا تترد في قمع أي تحرك لها إذا أضطر الأمر , والسبب الرئيسي الآخر هو إيمان السلطات السورية بالعقلية الشوفينية في إدارة البلاد , التي تستمر في تطبيق المزيد من حلقات مسلسل العنصرية بحق أبناء شعبنا الكردي ( الحزام العربي المشؤوم – الإحصاء الاستثنائي الجائر – المرسوم السيئ الصيت 49 – التعريب – التهجير القسري ….
الخ ) .
إن استمرار السلطات في هذه الممارسات يعتبر عملاً مخالفاً لأبسط معايير حقوق الإنسان والمواثيق الدولية , كما أنها تعتبر مخالفة للدستور السوري أيضاً , حيث أن ذلك لا يخدم المصلحة الوطنية بأي شكل من الأشكال , وتؤثر سلباً على الوحدة الوطنية , وتبقي مئات الآلاف من أبناء هذا الوطن معرضين للإبادة البطيئة من خلال افتقارهم إلى أبسط متطلبات الحياة, الأمر الذي يدفعهم إلى الهجرة الداخلية والخارجية على حدٍّ سواء, خاصة ً بعد سنين الجفاف التي حلت بالمحافظة.
فهل تتحمل الحركة الكردية مسؤولياتها الملقاة على عاتقها لتحقيق مطالب أبناء شعبنا, وفي مقدمتهم ضحايا الإحصاء ؟؟
وهل من مراجعة وطنية مسؤولة للسلطات السورية لسياساتها الخاطئة , وتسير بالتالي بالاتجاه الصحيح , لما في ذلك من تعزيزٍ للوحدة الوطنية , وابتعادٍ عن انتكاسة الوعود ؟؟