قطعان جنكيز خان، يقتلون الطفلة الكردية جيلان أونكول بدم بارد


خالص مسور

نعم، وفي كل يوم تنكشف فيه على الملأ المراهنات التركية على الإدعاء بالإسلام والديموقراطية ونغمة الإعتراف بحقوق الأقليات والشعوب التركية ولكن دون توفر مستوى من الجدية والتوثيق، فالمسؤولون الاتراك يدعون الإسلام والمساواة في الحقوق والمواطنة والواجبات ضمن الدولة التركية، ولكنهم يوقعون أنفسهم دوماً في تناقض شعارالشعب الواحد، أي – ما معناه- ليس هناك في تركية غير الشعب التركي وكل من يعيش داخل حدود الدولة التركية فهو مدموغ على جبينه بالدمغة التركية ورمزها الذئب الأغبر.
 والجميع يعلم أن تركية ليست دولة بالمعنى المعروف للدولة بل هي على الأرحج مونارشية العسكر بل ثكنة عسكرية ضخمة مثقلة بوقع جزمات الجنرالات المهترئة، أولئك الجنرالات الذين فروا مع جنودهم يوماً ما كالأرنب المذعورة أمام الجنود البريطانيين في عام 1916م.) وهم الذين فروا لايلون على شيء في معركة الزاب مع المقاتلين الكرد عام 2004م).

هؤلاء الفرار الذين يستأسدون اليوم على الأطفال والعزل في كردستان تركية ويغتصبون أرضها ماؤها وسماءها ويقتلون ناسها وأبرياءها، يتربصون اليوم في الزوايا المعتمة ليقتلوا باسم الدين والديموقراطية الأطفال البريئة وفي وضح النهار ودونما ذنب ارتكبوه أو غرور ادعوه، وإن كنا مسلمين حقاً فقد نهى الله عن قتل الأبرياء في الآية الحصينة (ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاءه جهنم خالداً فيها).


نعم، فبعد أيام معدودات وكان لايزال أطفال المسلمين يحلمون بتناول ماجمعوه من السكر والحلويات في عيد الفطر السعيد، وكانت نشوة العيد لاتزال تدغدغ مشاعرهم وأحاسيسهم البريئة، أقدم ثلة من جنود أحفاد جنكيزخان على قتل الطفلة الكردية القروية البريئة السمراء (جيلان أونكول) ذات الثلاثة عشر ربيعاً وهي ترعى غنيماتها في ضواحي قريتها الجميلة، قتلوها بالرصاص كنوع من الترويح عن النفس ولهو وتسلية ينفسون بها الجنود عن أنفسهم وهم يقومون بتمشيطات مربكة في المناطق الكردية، بحثاً عن المقاتلين الكرد الذين فروا ذات يوم من أمام هؤلاء المقاتلين فرار الشياه من الليوث الأسحم، وكان هذا في ملحمة الزاب النادرة في التاريخ والذي انهزم فيها أعتى قوة عسكرية ولظرف ساعات معدودات أمام حفنة من قوم جيلان بشكل أدهش العالم كله!  بدت فيها الصحافة التركية متلعثمة وهي تنقل الخبر وقد أصابتها الذهول والإندهاش للهزيمة الفاضحة، بعد أن كان هذا الجيش قد وعد بإحضار رؤوس المقاتلين الكرد مرفوعين على أسنة حراب الجنود.

ولكن خيب شجاعة المقاتلين الكرد ظنونهم وانهزمزا مرعوبين لايريدون إلا النجاة لأنفسهم.

ولهذا ومنذ ذلك اليوم يحاول هؤلاء الفرار الثأر لهزيمتهم الفاضحة، فيصبون كل يوم جام غضبهم على أطفال ونساء وشباب الكرد العزل وبدون تمييز في سابقة إنسانية لامثيل لها بل وخطيرة جدا في دولة مثل تركية يعيش فيها الكرد والترك متداخلين بشكل غير اعتيادي.


ومن جانب آخر فقد لمسنا الظاهرة الصحفية الأكثر نفاقاً والتي مارستها فضائيات معتبرة كالجزيرة أوالعربية اللتان تبحثان في العادة عن عصفور يموت في بلاد ربما لم يسمع بها أحد فتنقلان خبر موته ليكون لهما قصب السبق في نقل الخبر، لكنهما – ويا للأسف- لم ينقلا خبر العصفورة الكردية التي تناهبتها حراب المهمتجيك وقطعان المغول الهمجية في وضح النهار ودون أن تسأل بأي ذنب قتلت.

هكذا يهدر دم أطفال الكرد على إهواءات المصالح الدولية وأصحاب مباديء الديموقراطية وحقوق الإنسان.

وهو ما جعلني بالفعل أبدي ملاحظة اجتهادية تفيد بأن الإنسان في هذه الأيام وبحسب من يحكمون العالم ومنظريهم من الفلاسفة والمثقفين التابعين والوصوليين يجب أن يكون واحداً من ثلاث، إما أم يكون مطية لأصحاب الكروش والجينوسة والإيروس في الغرب ليجمع وبصمت على ظهورهم اليورو والدولار، أو هامشياً من خلق الله في الشرق يجب أن يخرج من جلده ويغير ذاته إلى ما هو غير ذاته أي أن يغير جنسه وقوميته إلى قومية تدعي لنفسها الرفعة والسمو، وفيما عدا هاتين الحالتين فهو إنسان عديم القيمة وإرهابي متعامل مع الخارج يجب سحقه وتدميره، أو تجويعه في أحسن الأحوال إذا ما كان عديم النفع للمصالح العليا لهؤلاء الناس من أصحاب الديموقراطيات الغربية، أو للمصالح العليا للقوميات المتخلفة…؟!.

    
ومن المؤسف أن الغالبية – وأركز هنا على كلمة الغالبية وليس الكل-  من المثقفين الكرد وهم جميعاً محل تقدير لدي، مستعدون أن يكتبوا كذا مقالة في اليوم يتهجمون فيها على بعضهم وينقرون رؤوس بعضهم مثل ديوك المراهنات في الهند حتى الموت، ويتهمون فيها بعضهم بالعمالة والخيانة بينما ليسوا مستعدين لكتابة مقال عن أطفال كرد يقتلون على مرآى ومسمع منهم، بل و يدبجون مطولات عن امرأة انتحرت هنا وأخرى قتلت بيد أهلها هناك، وأنا معهم في هذا حتى النهاية فليكتبوا ما شاء لهم الكتابة عن هذا ويحاربوا قتل المرأة الكردية واضطهادها في مجتمعها الذكوري غير السوي، ولكن على ألا يغفلوا عن قتل فتيات ونساء كرد مثل جيلان أونكول وغيرها بالعشرات بل بالمئات ممن يقتلهن الآخرون بدم بارد وفي سبيل نزعتهم السادية والعنصرية والإبادة والتلذذ بالقتل لاغير!.

فهل هذا يعود إلى ضعف الوعي الوطني والقومي ياترى..؟ أم أن الكردي لايجيد السجال إلا مع بني قومه..؟ وهذا شيء محير بالفعل!.
ومع هذا أقول أن العبرة والمشكلة ليستا في قتل طفلة وامرأة على يد عساكر ترك لهم تاريخهم المعروفة بالهمجية والفتك والمجازر.

لكن ما يجب أن نعلمه بأن أول الغيث قطرة، وأن هناك ما هو تسونامي قادم في وضح النهار يحمل معه الموت والدمار، ، لأن من يقتل جيلان البريئة لايتورع عن إعدام من أنجبوها وقومها بالكامل وبدونما ذنب أيضاً.

ومن هنا قد نفهم لماذا كان الخطر المحدق من قبل أحفاد جنكيز خان وهولاكو الذين أثبتوا أنهم أشرس من الذئاب البرية، لأن الذئاب البرية أشفقت يوماً ما على أطفال البشر فربت في أحضانها الطفلتين البشريتين (كمالا وأمالا) بكل لطف ودلال.

بينما شاهدنا قطعان ذئاب المغول افترست جيلان الراعية الكردية البريئة في عقر دارها، ولاأحد من الإسلاميين أصحاب التنمية والعدالة ومن العلمانيين من ندد بما أقدمت عليه هذه القطعان المتوحشة.

ومن هنا القول بأن الشعب الكردي كله معرض اليوم للإبادة على أيدي هذه القطعان وقد تكون في وضح النهار ودون أن يرف لمرتكبيها جفن..!.

وهنا أقصد بكلامي الحكام وليس الشعب التركي والمتعاطف جزء كبير منه مع القضية الكردية.


ومن بوادر أمواج تسونامي التركية القادمة صوب الكرد، هي تمديد البرلمان التركي الإذن بالسماح للقوات التركية باجتياح الماطق الكردية في كردستان العراق لمدة سنة أخرى دون أن يتعظوا بفرارهم الزابي السريع، ثم التمشيطات أو (الأوبارسيونات) – كما يسميها الأتراك- لم تتوقف رغم إعلان المقاتلين الكرد وقف الحرب من جانب واحد لإعطاء الفرصة لحل القضية الكردية سلمياً.

كما درج الفاشيون الأتراك على مهاجمة العمال الكرد في المتروبولات التركية بوحشية زائدة فيحاربونهم هكذا حتى في لقمة عيشهم.

 
لكم ومن جانب آخر فقد تتعالى اليوم نغمة حل القضية الكردية وفق ما يرتئيه المسؤولون الاتراك بطريقة اللامفاوضات والحل من طرف واحد وهذا طرح غير سليم بالمطلق وضحك على اللحى الكردية كما يقولون.

فإن لم تعلن الحقوق الكردية بشكل علني سافر، ولم يصدر عفو عام عن جميع المقاتلين بمن فيهم سجين امرالي (أوجلان)، وما لم يعترف بالكرد كقومية لها ثوابتها جذورها وحدودها في المناطق الكردية، وإن لم يكتب ذلك في دستور يصادق عليه البرلمان التركي، تصبح كل الطروحات حبراً على ورق ولعب عيال كما يقول المصريون.


ولهذا أعقد أن الأكراد لن ينخدعوا هذه المرة بالوعود التركية كما خدعوا مراراً من قبل، ولن تنعم تركية بالاستقرار ما لم تباشر مفاوضات جادة بين ممثلين كرد والحكومة التركية على قاعدة من الندية والثقة المتبادلة، وفي الحالة المعاكسة يكون البديل – لاسمح الله- هو الإنجرار إلى هاوية حرب سحيقة قاسية طويلة الأمد، وسيكون المتضرر الوحيد منها هما الشعبين التركي والكردي معاً، وستذهب نتيجتها آلاف الضحايا والأبرياء، بالإضافة على حدوث حالة انهيار في الإقتصاد التركي وما يترتب عليه من ظهور المجاعات والحروب الأهلية التي لا يريدها أحد لتركيا وللشعوب التركية معاً.

……………………………………

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد ابراهيم منذ أربعة عشر عامًا، كان الأطفال السوريون يعيشون في مدارسهم، في بيوتهم، في أحلامهم. كان الحلم بالغد أقرب إليهم من أي شيء آخر. وكانوا يطمحون لمستقبل قد يحمل لهم الأمل في بناء وطنهم، سوريا، بكل ما تعنيه هذه الكلمة من عزةٍ وكرامة. كان العلم هو السلاح الوحيد الذي يمكن أن يغير مجرى الحياة. لكن بعد ذلك، غيّرت الحرب…

اكرم حسين لطالما كان الكرد في قلب الجغرافيا الشرق أوسطية أحد أكثر الشعوب تعرضاً للتهميش والاضطهاد القومي، بالرغم من كونهم يشكلون ثاني أكبر قومية في المنطقة بعد العرب، ويملكون تاريخاً عريقاً وثقافة غنية ومطالب سياسية مشروعة في الاعتراف بهويتهم القومية وحقوقهم في الحكم الذاتي أو المشاركة العادلة في السلطة. في تركيا وإيران وسوريا والعراق، تكررت السياسات ذاتها: إنكار…

دلدار بدرخان لم يعد اليوم بالأمر الصعب أن تكشف افتراءات وأضاليل الجهات التي تحاول تزوير التاريخ وتشويه الحقائق كما كان في السابق، فما هي إلا كبسة زر لتحصل على كامل المعلومات حول أي موضوع أو مادة ترغب بمعرفته، ولم يعد الأمر يحتاج إلى مراجع وكتب ضخمة غالبيتها مشبوهة ومغلوطة، بل يكفي الاتصال بالإنترنت، ووجود هاتف بسيط في متناول اليد، وبرنامج…

بوتان زيباري في قلب النقاشات، كانت الأصوات تتعالى لتؤكد أن هذه الأرض، التي يسميها البعض “كوردستان سوريا” أو “غرب كردستان”، ليست ملكًا حصريًا لقومية واحدة، وإن كان للكورد فيها حق الدم والعرق والتاريخ. بل يجب أن يُبنى الإقليم المرتجى بروحٍ تعترف بجميع مكوناته من عرب وآشوريين وسريان وغيرهم، كي لا يقع البناء الجديد فريسة لمرض القوميات الذي مزق سوريا…