ثلاث لوحات… مازالت جميلة في عيون الكرد

خليل كالو

 الكتابة ليست غاية بذاتها بقدر ما هي وسيلة وأداة من أجل غاية وأفضل أنماط الكتابة هي التي تسعى إلى المجد والجمال فأكتب جميلا تصبح جميلا وكل الناس تستطيع أن تكتب بدون استثناء حتى الأطفال يكتبون والدجاجة تكتب عندما تخربش والشجرة عندما تثمر والغيمة عندما تمطر والبندقية عندما تلفظ النار والدم… الخ إذن الكتابة كمفهوم وظيفي وتعبيري ليست مقتصرة على فئة خاصة بذاتها بل له وظيفة اجتماعية في نهاية المطاف وفي ذات الوقت لا يغرن أحدهم بنفسه وليعلم أن الجمال عند الكرد حتى هذه اللحظة مازال في ثلاثة لوحات لم تكتمل رسم الرابعة بعد (لوحة النضال السياسي ما زالت تنقصها البراعة).
 أولها لوحة الجبل والنضال ومن في حكمهما واللوحة الثانية هي لوحة الشاعر والفنان الذي يغني لشعبه ويتفاعل مع مشاعره وينادي الوجدان بإبداع وسخاء واللوحة الثالثة هي لوحة القلم الذي يعكس جمال اللوحتين الأولى والثانية إلى المجتمع الكردي يكتبها على قصاصة ورق أو على جدار الزمن والتاريخ أو ينقشها على قلبه متنقلا بين التعساء والبؤساء يداوي جراحاتهم العميقة كما نقش فرهاد قصة حبه لشيرين على صخرة بهيستون وما دون ذلك يندرج ضمن ثقافة نكرة وبدون هوية ولا يعتقد أن لها موطئ قدم عند الكرد على الأقل الآن وعلى صاحب كل رسالة بائسة تحمل وزر وتبعات عمله إذا تعرض إلى نقد ورد.

لا معنى ولا جدوى من أن يكتب أحدهم في أمور لا تخص الكرد ومعالجة قضاياهم العامة لأن مصادر أية ثقافة أخرى هي متاحة للجميع وكثيرة تملأ الشوارع والساحات تنشرها وسائل أعلام عملاقة متنوعة في العالم هي متخصصة وموثقة منها ما هي إخبارية وفكرية وثقافية وفنية وعلمية و منها ما هي رياضية وبرامج مسلية درامية وترفيهية على مدار الساعة وليس في مقدور أحد ممن يكتبون في الصافة الكردية مجاراتها ولفت نظر القارئ الكردي بهذه الوسائل البسيطة والإمكانات المتواضعة والفكر الراكد والمقدرات المتاحة إلا بالكلمة المبدعة والمعبرة عن مشاعره والهادفة.

أتعس المثقفين والكتاب من يكتب غريبا عن واقعه وهو مغترب بين أهله لا يعرفه سوى حفنة من أصدقائه يمشي في ظل عربة معتقداً أن ظل العربة ظله (العربة هنا مسالة الكرد) ومرتبط زيلاً بتوجيهات خارج كيانه المفكر.

ربما جاءت هذه الكلمات قاسية تعليقاً على لوحة رمادية كشفت عن ذاتها بذاتها في الآونة الأخيرة والناس نيام.

فخيبت الظنون وفقدت الكثير من المصداقية من لدن البعض وزورت الحقيقة وكان مثلهم كمثل واعظ لم يعظ يدعو إلى أمر وينهى عن آخر وإذا به يأتي بمثله والغريب في الأمر كله والذي لا يقبله منطق العقل السليم وما لا يرضى عنه الوجدان ومرفوض من كل من يدعي أنه حراً وليس عبداً  ويعتقد أنه موجود ككائن له شخصية سيرضى بأن يسلب منه القرار و الانتقاص من كيانه في الوقت الذي لم يبق من عناصر ومفردات وجوده شيئا سوى قليلا من الرأي والتعبير وجذوة ضمير لم يمسه يد السوء أدخره وخبأه من شر وعيون الاستبداد وجور السنين والظلام وإرهاب الثقافة العندية  للأيام السوداء لعل صاحبه يسترجع بعضا من كرامته الذي فقده في زمن سيادة حجي ثعلب والقطط المتلصصة بين أزقة البيوت ـوليس الأسد كما يحكى فقد قرأت الفاتحة على روحه أو انتحر.

فإذا بشبيه مثل الحاج يخرج من كنف بيئة لها قدسيتها وطقوسها يعكس سلوكا ونية ورأي خفي مغبر يوحي بطمع للاستيلاء على رأي الآخر وكيانه وعلى من يعبر عما يجول في نفسه من آلام وشقاء وهدر كرامة وزيف شخصية أو يخرج آخر من عبنا ويتكلم بفعل الأمر و واو الجماعة ويوقع بدلا عن ويشطب ويوكل ويمنع ويعترض بفلسفة التسلط والفردية وبسلوك قريب من سيكولوجية الإنسان المقهور ليجعل أحدهم مواطنا وآخر أجنبي وآخر مكتوم ويتصرف ويحكم بما تحت يده من سلطة واهية دون اعتبار لمشاعر الغير وبحركة أشبه بعملية سطو شيكاغوية وسلوك النظام الشمولي والإيديولوجية المقيتة أو ربما جاء مجمل الأمر عن نية صافية ببساطة وسذاجة القروي الكردي أيضاً  فالأمر سيان فجاءت النتائج لا كما يشتهي البعض.

ما أفصح البعض عن شذرات وطراطيش كلام عما دارت بين أعضاء مجلس الوصاية (بيان 45 كاتب) ممن وجدوا أحقيتهم للإقدام على هكذا خطوة بمنطق القدم في المهنة وامتلاكهم إجازة ورخصة ممارستها ومباركة الخطب ممن حوله من أعمدة الكتابة والثقافة لوضع أسفين وحواجز بين كتاب المولاة والمعارضة كما فهم ـ  جاء ليكحلها عماها ـ  حيث يعتبر مثل هكذا إجراء في كل زمان ومكان نتاج أسوء ضروب التفكير عند المرء على الإطلاق وإن الاستعلاء والوصاية والنيابة عن الغير والاقتراب من المسائل المصيرية والشخصية والخاصة والعامة لا تعكس نية الخير من أي مبادر على هذه الشاكلة في نفس الوقت لا يعتقد أن عمل وإجراء مماثل يمكن أن يمهد لشيء أفضل ولا يمكن أن يشهده أية بقعة في هذا العالم والناس أحرارا فيها أحرار قبول ذلك ما لم يكونوا عبيداً وخاصة من ذوي الفهم والثقافة إلا فيما وجد من يعيش ذهنية جده وجدته ويغرر الناس بحكايات حبلى بالتخلف والسذاجة وفكر السلف معتقدا أن الدنيا قد توقفت تحت قدمه وبات هو محور الحركة ومركز الحراك الاجتماعي والثقافي والسياسي يقلد الزعيم وما أكثر الزعماء عندنا  فهم أكثر من العامة ولكن الأمر الأكثر غرابة أن تكون العذر أقبح من ذنب بالدعوة إلى المناطقية والتجزئة والتقسيم  فالذي في قامشلو على رأسه ريشة ليس كمثله أحد في كوباني أو في ديركا حمكو أو أي مكان آخر فهل هذا منطق يقبل به عاقل وفكر راجح وأن تصل علل السياسة إلى الثقافة وأن تصدر هذا الفعل من فئة من المفترض أن تكون أمل أمة ومشعل دربها وقدوة لغيرها من حيث الشفافية والمصداقية والصراحة والرأي السديد والعمل المبدع ويستوجب بالضرورة أن تكون هي كذلك.

فالمبدع هو عين الشعب الذي يرى به وملح ثقافته وفكره من أجل مستقبل أفضل ـ إذا فسد الملح فبماذا يملح – بلا شيء (للكب).

ومن ناحية أخرى قد استشف من الآراء وردود الأفعال للأخوة ممن أدعو بسلب أرائهم وتواقيعهم وأسماءهم وعما ورد في البيان الصادر من أسماء عدد منهم شعروا بالغبن وسلب الرأي تحت شعار وكلمة حق ربما أراد به باطلا في محاولة لرسم خريطة طريق لمهنة الكتابة وخاصة في الصحافة والأعلام الكردية وفرض البعض نفسه رئيساً لإتحاد كتاب غير معلن عنه أو زعيم على ساحة يتوهم بأنه سيدها أو ناطق رسمي فهذا ما لا يمكن استساغته وقبوله بالعمل في ظل أفكار أنا المسيطرة وبمفردات ذات طابع اضطهادي وإرهابي وإرهاص مزدوج ومركب وقد استبشر البعض منا خيرا علما بأننا لم نسمع بهكذا مبادرات الذي باركناها بالشكر والثناء وما زلنا ليس تلبية لنداء أحد بل تلبية لنداء الأخلاق والضمير والواجب وفي نفس الوقت الذي لا نعرف معظم ممن يكتبون وهذا لا يهم من قريب أومن بعيد سوى أنها أسماء محترمة تكتب في شتى المواضيع يدلون بدلوهم كما يفكرون كما هو حال السياسة فهل للسياسة ضوابط عندنا يا سادة ألا تشبه سرفيس العنترية والهلالية وتنتقد ولماذا تبقى الكتابة والثقافة مستثنى وبمنأى عن النقد ؟ فليتركوا هم وضميرهم في أداء الواجب ونكرر وسوف نكرر مرة أخرى لسنا هنا في تقييم أحد فكل الناس أبناء آبائهم وأمهاتهم ومحترمون وإن تعددت المواهب.

ولكن الذي لم يخطر في البال بعد أن أدلى الناطق الرسمي ببيان صريح حول مسائل قد التبست شارحاً فيه خطوات الإقدام على العمل وبسرعة ونيابة البعض عن البعض الآخر بسلوك قديم قد ولى زمانه واختزال الكل في جزء أو شخص والسلب في وضح النهار.

وما تتالت على الأبصار والأسماع عدد من المقالات لا هي رافضة ولا هي موافقة وهم بين نعم ولا (أي ..

لعم) وما ورد في عدد منها ومثلها من قبل أيضاً تتحدث عن أمر بات شغل الشاغل للبعض وكأن كل المشاكل قد حلت ولم يبقى غيرها ألا وهي مسألة الأسماء المستعارة والمعارة والمستأجرة والمقنعة والحركية والمموهة والمستوردة والمسروقة والمزركشة….الخ  وما إلى ذلك من تشبيهات فأين الخطأ في ذلك يا سيدات ويا سادة أتعلمون إن أسوء ما في الكتابة هي الأفكار المستعارة والمعارة والثقافة المستوردة والغريبة وليست الأسماء ـ للعلم أن أسم كاتب المقالة هذه ليس مستعاراً بل اسم أطلقته أمه عليه عند ولادته وليس عند كبره وكفى اللعب بالألفاظ والتملص زيفاً ـ وكأن قضية الكرد وحل مسألته وظاهرة البؤس الفكري والثقافي وشلل حركة التنوير والحداثة في المجتمع سببها الأسماء الخفية أو الألقاب أو أضحى حل مسألة عدم وصول الرسالة إلى المتلقي كامنة في عند قيام الكاتب عند الكتابة بعدم تزييل المقالة باسمه واسم والده ووالدته وإخوته وإلى أية عشيرة وطائفة سياسية ينتمي وعنوان بيته ورقم تلفونه وأسم زوجته وعدد أخواته فيما كن جميلات أو قبيحات وعدد عماته وخالاته وهل يصلي النوافل ويصوم الستة أيام من شوال وزار الحج واعتمر وعليه أن يلبس ربطة عنق تحتل نصف صدره وبدلة أنيقة مستعارة من غيره وصورة تزين صفحة الموقع (مع فائق الاحترام لكل صورة وشخصية) حتى تصل الرسالة وتأتي بمفعولها ويقبلها البعض من دون أن يشير البعض إلى خيبتهم والانتقام ممن يكشف عوراتهم أليس في هذا الأمر هراء واستهتار بمشاعر القارئ وعلى حساب ماذا ؟ الناس يقرؤون الرسالة وأهدافها ويبحثون عما بين السطور من معاني مباشرة وإيحاءات لعلهم يجدون ضالتهم  ليحيا فيهم الروح والأمل ولا ينظرون إلى شكل والصورة فقد كره الناس الشكل والمظهر والكلام والمجاملة  فأجمل الناس من كان جميلا في دماغه وكلامه وأفعاله كما قاله نبينا زرادشت ـ ما في حدا أحسن من حدا في الشكل فكلنا ابن التسعة ـ  لقد ملت الناس والأبصار وأصابت بعمى الألوان من كثرة النظر إلى الوهم والسراب فهم يبحثون عن الحقيقة وعن فرج قريب.

ويقتدون بالذين هم  يدعون في طرحهم وتداولهم معالجة القضايا الأساسية من خلال المقالة الهادفة والفكر والأدب والثقافة الخلاقة ويليق بالمرحلة ويدعو إلى ولادة فكر وثقافة جديدين هم موضع تقدير واحترام فائقين عندهم.

للعلم أن أبهر الأسماء والمظاهر يمكن أن يلوثها ويهينها أي بوليس على ناصية الشارع وفي أية لحظة كانت ومن دون مقدمات حتى لو كان مثقفا أو أمياً أو عاهرا أو سياسيا أو ابن زانية فلا فرق وإن كان والده.

الكاتب الجيد والمبدع الحقيقي هو من يكتب من أجل كلمة حق لإبراز حقيقة والبحث عن حيف ورفع غبن ومظلومية والدعوة لمجد يكون حينها هو الاسم الصريح والشكل الجميل والضمير النظيف.

تحياتنا إلى كل الأخوة الأفاضل ولم نقصد الإساءة أو الوصاية على شكل ونمط التفكير عند أحد بعينه ولا بنية مبيتة ومن غير غل وتشفي بل هي وجهة نظر.

لكم جميعا أيها الأخوة الكرد التوفيق والنجاح بدون استثناء فكلكم خير لأهله ولشعبه بقدر إمكانياته وقدرته ومستوى وعيه.

فطوبى لامرئ عرف حده ووقف عنده.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…