المحامي محمود عمر
كانت الجلسة مخصصة في ذلك اليوم للإستماع الى شهادة شهود الحق العام وكان الموكلون قد حرك الإدعاء العام بحقهم جرم اثارة النعرات الطائفية والمذهبية وتعكير الصفاء بين عناصر الأمة وفقا للمادة307من قانون العقوبات التي تنص على ان كل عمل وكل كتابة وكل خطاب يقصد منها أو ينتج عنها اثارة النعرات الطائفية أو العنصرية أو……يعاقب عليه بالحبس من ستة أشهر الى سنتين وبالغرامة من مائة ليرة الى مائتي ليرة………, وكان الشهود الذين تم استدعائهم من قبل المحكمة عناصر الشرطة والدوريات الأمنية التي ألقت القبض على الموكلين, وكان محور شهادتهم تدور حول ظروف وكيفية وسبب القائهم القبض على هؤلاء,وكانت ملخص اجاباتهم تتضمن بأن الأوامر الصادرة اليهم في ذلك اليوم والمقصود به ـ يوم نوروزـ تقضي بضرورة القاء القبض على كل من يحمل ايشارب أو رمز أو اشارة تحمل ألوان الأحمر والأخضر والأصفر لأن في ذلك اشارة الى العلم الكردي.
وان المدعى عليه الأول كان يعتمر قبعة تتضمن ألوان هذا العلم وذاك يلف حول عنقه لفحة تتضمن تلك الألوان ام الموكل الثالث فقد كان أنتيل سيارته مزينا بالأحمر والأصفر والأخضر,أما الرابع فقد كان في عنقه قلادة ترمز الى علم كردستان, والخامس فقد كان حول معصمه خيوط منسوجة بهذه الألوان, وهكذا دواليك ,ولأن الأوامر كانت واضحة بقمع مثل هذه المظاهر فقد صادرنا ما بحوزتهم بعد ان تم اعتقالهم من قبلنا,وحين انهى القاضي اسئلته للشهود أفسح المجال مشكورا للوكلاء ان كانت لديهم أية اسئلة أواستفسارات للشهود حينها اسأذنت القاضي قائلا:
ــ سيدي هل لي أن اسأل الشاهد هل بإمكانه ان يصف لنا العلم الكردي؟؟ وحين أحال القاضي السؤال اليه أجاب:
لا أستطيع أن أصفه بالضبط!!ولكن حمل أو رفع أو ارتداء أي ايشارب أو رمز يتضمن الأحمر والأخضر والأصفر في يوم نوروز فهذا يعني بالنسبة لنا اشارة الى العلم الكردي ومطلوب منا قمع الظاهرة والقاء القبض على من يقدم على مثل هذا الأعمال.
ـــ سيادة القاضي حيث ان الأصل في الأشياء الإباحة فهل لي بسؤال الشاهد اذا ما كانت هناك قرارات أوتعليمات قد تم تعميمها الى المواطنين قبل عيد نوروز بمدة أو قبل أية مناسبة اخرى تقتضي بضرورة عدم رفع أو التزين بألوان أو اشارات أو رموز معينة, وان مخالفة ذلك تستوجب المسؤولية حتى يكون الناس على بينة.
وحين أجاب معظم الشهود بالنفي, توجه اليُ القاضي مبتسما يا استاذ: ما هي الغاية والفائدة من هذه الأسئلة؟ فأجبته:
ــ سيدي كما ذكرت في متن السؤال بأن الأصل في الأشياء الإباحة وان من المبادىء الأولية الي تعرفنا عليها تقول بأن المطلق يجري على اطلاقه ما لم يقيد بنص وان الدستور ينص على ان لا جريمة ولا عقوبة الا بنص قانوني.
لذلك فان اقتناء الموكلين لهذه الألوان أو تلك لاتعد من قبيل الأعمال أو الأفعال التي يعاقب عليها القانون,فاالألوان هي من نعم الله على الطبيعة والبشر و من طبيعة البشر اختلاف أطباعهم وأذواقهم لذلك يختلف حبهم واختيارهم للألوان وان ما أقدم عليه الموكلين يعد من قبيل الأفعال المباحة ولا تتجاوز أعمالهم حدود الحرية الشخصية التي صانتها كافة الشرائع السماوية والوضعية والعهود والمواثيق الدولية والدستور والقانون السوري
ـ سيدي القاضي: أما اعتبار ما أقدم عليه الموكلين بمثابة رفع للعلم الكردي أو اشارة الى علم كردستان ففيه إجحاف ليس بحقهم فقط وانما بحق العدالة ايضا, فمعلوم لدى سيادتكم انه لا توجد دولة بحدود معينة معترف بها دوليا على انها دولة كردستان وان علم أي دولة في العالم يوضع بقانون تنص مواده على شكل ولون وحجم علم هذه الدولة أو تلك ,وان لكل لون أو رمز أو اشارة في ذلك العلم دلالة ومقاصد معينة, وعدم توفر أدنى رمز أو اشارة أو لون في ذلك العلم حسب ما نص عليه قانونه يسقط منه شرط العلم, بإعتباره قد فقد أحد الشروط التي نص عليها القانون.
ـ سيادة القاضي: ان سمحت لي بمثال بسيط عن علم الوطن ـ والذي ندين كلنا له بالولاء ونعمل في ظله ـ المرفوع خلف سيادتكم ماذا لو لم يتضمن هذا العلم ـ وعلى سبيل المثال ـ أحد نجمتيه هل يظل اسمه علم الجمهورية العربية السورية.
حينها قاطعني القاضي مبتسما ولكن تعلم يا استاذ اننا جميعا في هذا البلد نعمل تحت راية هذا العلم وان أي مخالفة لذلك يستوجب المسؤولية وان هؤلاء كانوا يقصدون رفع العلم الكردي في العيد القومي للكرد وهو عيد نوروز, ثم اين القانون الخاص بالعلم الكردي.
ـ سيدي القاضي: هذا ما أحببت الوصول اليه وهو اننا جميعا وهؤلاء الموكلين في هذا البلد نستظل بهذا العلم ولا نعرف علما سواه, وان ما أقدموا عليه لا يشكل أي جرم باعتبار ان ما تم مصادرته معهم لا يرمز الى علم أية دولة وان المسألة فقط هي حب واخيتار لألوان تم اقنائها من السوق المحلية وهذه حرية شخصية, ثم ماذا لو صادف هؤلاء الأخوة عناصر الدوريات ـ في ذلك اليوم الذي تم فيه إلقاء القبض على الموكلين أو في غيره ـ احد المواطنين السوريين من غير الكرد وهو يرتدي أو يعتمر ايشاربا أو لفحة تحمل مثل هذه الألوان هل كان سيتم اعتقاله من قبلهم واحالته الى محكمتكم الموقرة للإدعاء عليه بهذا الجرم.
اما اذا كان المقصود بالعلم هو علم اقليم كردستان العراق فسيادتكم تعلمون بأن الإقليم هو ووفق دستور العراق والقوانين الدولية جزء من دولة العراق وان ما تم ضبطه مع هؤلاءالموكلين لا يتطابق حتى مع علم الإقليم المنصوص عليه في قانون الإقليم من حيث توفر جميع الألوان وترتيبها وحتى لوصادف و توافرت هذه الألوان مع ترتيبها فيما تم ضبطه مع أحد الموكلين,فإن قانون علم الإقليم اضافة الى هذه الألوان ينص على توسط شمس صفراء بإحدى وعشرون شعاعا مرسوم على مساحة بيضاء وسط العلم, ومعلوم لسيادتكم ومن أقوال الشهود ان ما تم ضبطه مجرد ايشاربات ورموز تحتوي الوان حمراء وصفراء وخضراء دون وجود اللون الأبيض أوالشمس, وانه حتى لو توافرت كل هذه الشروط ولكن وجدت شمس بعشرون شعاعا فلا يمكن الحديث ان ما تم ضبطه هو علم اقليم كردستان لأنه بذلك يفقد أحد شروطه القانونية, أما اذا تعلق الأمر بالألوان فإن أعلام العديد من الدول المعترف دوليا بها,تتضمن هذه الألوان منها على سبيل المثال العلم الإيطالي والإيراني وربما الغاني أيضا,وان مشجعي الرياضة في بلادنا في مواسم الإولمبياد والألعاب الدولية نراهم يرسمون ويرفعون على بيوتهم بل والبعض منهم على أجسادهم أعلام فرق الدول التي يحبونها فهل هذا يعني ان هؤلاء يقومون بإثارة النعرات وعلينا ملاحقتهم, واذا كانت أعلام تلك الدول تحمل نفس الألوان التي تم ضبطها مع الموكلين فلماذا لم تتم ملاحقتهم على أساس رفعهم لأعلام هذه الدول وليس العلم الكردي,أما اذا تعلق الأمر بالنوايا فسيادتكم أعلم من ان العدالة أسمى من أن تحاسب الناس على نواياهم لأن النوايا لا يعلم بها الا الله سبحانه وتعالى.
حين أدركت بانني أثقلت على القاضي بحديثي مع انني كنت ألتمس بأنه بتابعني بتمعن وشغف, اعتذرت منه وشكرته على اتاحته الفرصة لنا للإيضاح وعلى طيب خلقه, وسعة علمه, رغم حداثة سنه,وعهده بالقضاء.
ــ سيدي هل لي أن اسأل الشاهد هل بإمكانه ان يصف لنا العلم الكردي؟؟ وحين أحال القاضي السؤال اليه أجاب:
لا أستطيع أن أصفه بالضبط!!ولكن حمل أو رفع أو ارتداء أي ايشارب أو رمز يتضمن الأحمر والأخضر والأصفر في يوم نوروز فهذا يعني بالنسبة لنا اشارة الى العلم الكردي ومطلوب منا قمع الظاهرة والقاء القبض على من يقدم على مثل هذا الأعمال.
ـــ سيادة القاضي حيث ان الأصل في الأشياء الإباحة فهل لي بسؤال الشاهد اذا ما كانت هناك قرارات أوتعليمات قد تم تعميمها الى المواطنين قبل عيد نوروز بمدة أو قبل أية مناسبة اخرى تقتضي بضرورة عدم رفع أو التزين بألوان أو اشارات أو رموز معينة, وان مخالفة ذلك تستوجب المسؤولية حتى يكون الناس على بينة.
وحين أجاب معظم الشهود بالنفي, توجه اليُ القاضي مبتسما يا استاذ: ما هي الغاية والفائدة من هذه الأسئلة؟ فأجبته:
ــ سيدي كما ذكرت في متن السؤال بأن الأصل في الأشياء الإباحة وان من المبادىء الأولية الي تعرفنا عليها تقول بأن المطلق يجري على اطلاقه ما لم يقيد بنص وان الدستور ينص على ان لا جريمة ولا عقوبة الا بنص قانوني.
لذلك فان اقتناء الموكلين لهذه الألوان أو تلك لاتعد من قبيل الأعمال أو الأفعال التي يعاقب عليها القانون,فاالألوان هي من نعم الله على الطبيعة والبشر و من طبيعة البشر اختلاف أطباعهم وأذواقهم لذلك يختلف حبهم واختيارهم للألوان وان ما أقدم عليه الموكلين يعد من قبيل الأفعال المباحة ولا تتجاوز أعمالهم حدود الحرية الشخصية التي صانتها كافة الشرائع السماوية والوضعية والعهود والمواثيق الدولية والدستور والقانون السوري
ـ سيدي القاضي: أما اعتبار ما أقدم عليه الموكلين بمثابة رفع للعلم الكردي أو اشارة الى علم كردستان ففيه إجحاف ليس بحقهم فقط وانما بحق العدالة ايضا, فمعلوم لدى سيادتكم انه لا توجد دولة بحدود معينة معترف بها دوليا على انها دولة كردستان وان علم أي دولة في العالم يوضع بقانون تنص مواده على شكل ولون وحجم علم هذه الدولة أو تلك ,وان لكل لون أو رمز أو اشارة في ذلك العلم دلالة ومقاصد معينة, وعدم توفر أدنى رمز أو اشارة أو لون في ذلك العلم حسب ما نص عليه قانونه يسقط منه شرط العلم, بإعتباره قد فقد أحد الشروط التي نص عليها القانون.
ـ سيادة القاضي: ان سمحت لي بمثال بسيط عن علم الوطن ـ والذي ندين كلنا له بالولاء ونعمل في ظله ـ المرفوع خلف سيادتكم ماذا لو لم يتضمن هذا العلم ـ وعلى سبيل المثال ـ أحد نجمتيه هل يظل اسمه علم الجمهورية العربية السورية.
حينها قاطعني القاضي مبتسما ولكن تعلم يا استاذ اننا جميعا في هذا البلد نعمل تحت راية هذا العلم وان أي مخالفة لذلك يستوجب المسؤولية وان هؤلاء كانوا يقصدون رفع العلم الكردي في العيد القومي للكرد وهو عيد نوروز, ثم اين القانون الخاص بالعلم الكردي.
ـ سيدي القاضي: هذا ما أحببت الوصول اليه وهو اننا جميعا وهؤلاء الموكلين في هذا البلد نستظل بهذا العلم ولا نعرف علما سواه, وان ما أقدموا عليه لا يشكل أي جرم باعتبار ان ما تم مصادرته معهم لا يرمز الى علم أية دولة وان المسألة فقط هي حب واخيتار لألوان تم اقنائها من السوق المحلية وهذه حرية شخصية, ثم ماذا لو صادف هؤلاء الأخوة عناصر الدوريات ـ في ذلك اليوم الذي تم فيه إلقاء القبض على الموكلين أو في غيره ـ احد المواطنين السوريين من غير الكرد وهو يرتدي أو يعتمر ايشاربا أو لفحة تحمل مثل هذه الألوان هل كان سيتم اعتقاله من قبلهم واحالته الى محكمتكم الموقرة للإدعاء عليه بهذا الجرم.
اما اذا كان المقصود بالعلم هو علم اقليم كردستان العراق فسيادتكم تعلمون بأن الإقليم هو ووفق دستور العراق والقوانين الدولية جزء من دولة العراق وان ما تم ضبطه مع هؤلاءالموكلين لا يتطابق حتى مع علم الإقليم المنصوص عليه في قانون الإقليم من حيث توفر جميع الألوان وترتيبها وحتى لوصادف و توافرت هذه الألوان مع ترتيبها فيما تم ضبطه مع أحد الموكلين,فإن قانون علم الإقليم اضافة الى هذه الألوان ينص على توسط شمس صفراء بإحدى وعشرون شعاعا مرسوم على مساحة بيضاء وسط العلم, ومعلوم لسيادتكم ومن أقوال الشهود ان ما تم ضبطه مجرد ايشاربات ورموز تحتوي الوان حمراء وصفراء وخضراء دون وجود اللون الأبيض أوالشمس, وانه حتى لو توافرت كل هذه الشروط ولكن وجدت شمس بعشرون شعاعا فلا يمكن الحديث ان ما تم ضبطه هو علم اقليم كردستان لأنه بذلك يفقد أحد شروطه القانونية, أما اذا تعلق الأمر بالألوان فإن أعلام العديد من الدول المعترف دوليا بها,تتضمن هذه الألوان منها على سبيل المثال العلم الإيطالي والإيراني وربما الغاني أيضا,وان مشجعي الرياضة في بلادنا في مواسم الإولمبياد والألعاب الدولية نراهم يرسمون ويرفعون على بيوتهم بل والبعض منهم على أجسادهم أعلام فرق الدول التي يحبونها فهل هذا يعني ان هؤلاء يقومون بإثارة النعرات وعلينا ملاحقتهم, واذا كانت أعلام تلك الدول تحمل نفس الألوان التي تم ضبطها مع الموكلين فلماذا لم تتم ملاحقتهم على أساس رفعهم لأعلام هذه الدول وليس العلم الكردي,أما اذا تعلق الأمر بالنوايا فسيادتكم أعلم من ان العدالة أسمى من أن تحاسب الناس على نواياهم لأن النوايا لا يعلم بها الا الله سبحانه وتعالى.
حين أدركت بانني أثقلت على القاضي بحديثي مع انني كنت ألتمس بأنه بتابعني بتمعن وشغف, اعتذرت منه وشكرته على اتاحته الفرصة لنا للإيضاح وعلى طيب خلقه, وسعة علمه, رغم حداثة سنه,وعهده بالقضاء.
ضم القاضي طرفي الإضبارة على بعضها, بعد ان حدد لها موعدا للجلسة القادمة المخصصة للدفاع, وتوجه الى مبتسما على أية حال شكرا نحن جميعا أبناء هذا البلد ومن الطبيعي أن نختلف بالآراء,وان هذه المعلومات قد استفدنا منها كثقافة عامة وبإمكانك ان تضمها الى مذكرة الدفاع عن موكليك, واستطرد ممازحا ولكن لا تطلب مني أن أعد أشعة الشمس التي تتوسط علما اذا صدف وتم ضبطه مع أحد موكليك, غادر القاضي قوس المحكمة بعد ان ترك له في نفوسنا جميعا موكلين ووكلاء شعورا بالمزيد من الإحترام والتقدير لشخصه الكريم الناجم عن رحابة صدره وتمسكه بالإصول القانونية في المحاكمات.