خداع جديد عنوانه «مؤتمر وطني كردي»

زيور العمر

قبل عدة أشهر , ثمة أمور حدثت , دفع بعض المتابعين و المعنيين في الشأن السياسي الكردي , و منهم صاحب هذه الأسطر , للإعتقاد أن الحوار الدائر بين تسع أحزاب من أجل إنشاء مجلس سياسي بدأ ينحرف عن سكته , و يدخل في غياهب تحركات و إتصالات مشبوهة , و كان من بينها الإشارات المتبادلة بين عبد الحميد درويش و عبد الحكيم بشار.

سكرتير البارتي عمل على حذف مادة نقدية من موقع حزبه تنتقد  سياسة و مواقف عبد الحميد درويش , فضلا ً عن الضغوط التي مارسها بشار على أحزاب الحوار الأخرين من أجل توجيه الدعوة الى قيادة التقدمي و الوحدة الديمقراطي للمشاركة في حوارات المجلس السياسي , بالرغم من موقفهما من المجلس السياسي و جدواه , و موقف الأحزاب الأخرى منهما , خاصة فيما يتعلق بدورهما في إفشال مشروع المرجعية السياسية.
ثمة إعتقاد يتعزز مع مرور الوقت , و يدعمه جملة من المعطيات , يفيد أن الحوار و النقاش بين الأحزاب المعنية بالمجلس السياسي وصل طريقا مسدودا , و إن ما جرى في شهر أوكتوبر الماضي , عندما أعلن حزب يكيتي عزمه تنظيم تجمع جماهيري في دوار الهلالية , عجل من نهاية المشروع و ليس بسببه, سيما و أن أطرافا , بعينها كانت تنتظر الفرصة , لإعطاء الضوء الأخضر لمرحلة أخرى.

و عندما يعلن عبد الحميد درويش و إسماعيل عمو عن مشروعما الرامي لعقد  «مؤتمر وطني كردي» في هذا الوقت , فإن ذلك مؤشر واضح على أن الحوار المتعثر بين أحزاب المجلس السياسي لم يكن بسبب إختلافات سياسية أو غيرها , و إنما بسبب إتفاق بين عبد الحكيم بشار من داخل المجلس , و عبد الحميد درويش من خارجه, على العمل من أجل طي صفحة المجلس, و فتح صفحة أخرى جديدة عنوانه مؤتمر وطني كردي يحقق , ظاهريا, أمرين في آن واحد , أوضحهما إسماعيل عمو نفسه: الأول مؤتمر وطني بصفة مرجعية سياسية , و الثاني مجلس سياسي يستمد شرعيته من المؤتمر, أي ضرب عصفورين بحجر واحد.


و لكن مع ذلك فإن الواقع يقول , أن مصير الفشل الذي يترقبه مشروع المجلس السياسي سببه , توقيت الحسم في شأن الإستمرار , أو عدم الإستمرار في إخراج المشروع الى حيز التنفيذ.

و يبدو أن سكرتير البارتي إستشعر , قبل أن يحين الوقت , خطر لحظة الحسم , لأنه , عندما أطلق مشروعه لأنشاء مجلس سياسي من تسعة أحزاب , كان هدفه , أصلا ً,  إضاعة الوقت , و إلهاء الجمهور الكردي في تفاصيل ما يجري من حوارات و نقاشات بين الأحزاب الكردية.


لذلك بعد أن تخمرت الأفكار , و تبينت المواقف , و لاحت الخيارات أمام الجميع , لإتخاذ موقف نهائي من مشروع المجلس السياسي , أعطي الضوء الأخضر ل عبد الحميد درويش و إسماعيل عمو للإعلان عن مشروع المؤتمر الوطني الكردي, و بالتالي الإنتهاء من المرحلة الثانية من المشروع الأوسع في أجندة قيادات الأحزاب الكردية ألا و هو: خداع الشعب الكردي , و تعليقه على مشنقة الإنتظار الأبدي , من خلال إلهاءه و إشغاله بمسألة أخرى , قديمة جديدة , في المشروع الآنف الذكر.


و نظراً لقناعتنا الراسخة في أن هذه الأحزاب تفعل ما تستطيع من أجل إبقاء الحالة السياسية الكردية , ضعيفة و هشة , لا حول لها و لا قوة , فإن ما تقوم بها من أعمال , و ما تطلقها من مشاريع , لا تندرج إلا في سياق نهجها الرامي لإستمرار الحالة المشار إليها أنفاً كما هي عليه , بل و ربما محاولة متجددة منها , من اجل القضاء على ما تبقى من أمل و طموح في رؤية تغير قد يطراً في أخر لحظة , تنتج عن يقظة ضمير , ومراجعة ذات , إفتقدناها عند الأحزاب الكردية و قياداتها.
و إلا ما معنى أن تضع أحزاب المجلس السياسي مسؤولية فشل المرجعية الكردية على عبدالحميد درويش و إسماعيل عمو عندما بدأوا مشروعهم , و ما الهدف من الإتصال معهما من اجل الإنضمام الى حوارته
 لاحقاً , و لماذا يعلن درويش و عمو مشروعهما , إذا كانت الأحزاب الأخرى لا تثق بهما , و تحملهما جريرة فشل مشروع المرجعية , إذا لم يكن هنا إتفاق أو تواطئ من أجل نسف كل المشاريع , الواحد تلو
 الأخر .
إن مشروع «المؤتمر الوطني الكردي» الذي أعلن عنه درويش و عمو , ماهو إلا حلقة جديدة من حلقات التراجيدية الكردية التي لن تنتهي أبداً , في ظل الأحزاب الكردية الحالية , بسبب إصرار قياداتها على خداع شعبها , و تضليله , و هو علاوة على ذلك , ثمرة إتفاق بين قوى الشر و الإرادات الخبيثة , من أجل تصفية القضية الكردية في سوريا , و ضرب مرتكزاتها الشرعية.

28/11/2009

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…