مصطفى إسماعيل
بدأ البرلمان التركي اليوم الثلاثاء 10 نوفمبر، وللمرة الأولى منذ تأسيس الجمهورية التركية في 1923 ، مناقشة مقترح مقدم من حزب العدالة والتنمية الحاكم، لمناقشة مشروعها في الانفتاح الديمقراطي على القضية الكوردية في تركيا، وتعد هذه الجلسة بمثابة اعتراف ضمني رسمي متأخر بوجود قضية كوردية في البلاد، بعد عقود من إنكارها وتجاهل وجود المكون الكوردي للجمهورية التركية عبر سياسات إقصائية، أسفرت في الفاصل الزمني بين إعلان الجمهورية التركية وجلسة البرلمان لليوم الثلاثاء عن عشرات الثورات والانتفاضات الكوردية وآلاف القتلى في صفوف الشعبين الكوردي والتركي ومحن ومآس لا تزال مستمرة.
وقد اقتصرت الجلسة الافتتاحية لمناقشة مشروع الانفتاح الديمقراطي الحكومي على كلمة ممثل الحكومة، وكلمات ممثلي الكتل البرلمانية للأحزاب الممثلة في البرلمان التركي بنتيجة انتخابات صيف 2007 وهي : حزب العدالة والتنمية، حزب الشعب الجمهوري، حزب الحركة القومية، وحزب المجتمع الديمقراطي.
بدأت الجلسة بكلمة الحكومة التركية حول مشروع الانفتاح الديمقراطي على الكورد، وقد ألقاها وزير الداخلية ” بشير آتالاي ” المكلف من قبل رئيس الحكومة ” رجب طيب أردوغان ” بمهمة منسق المشروع، عرض فيها الوزير ” آتالاي ” لمساعي وجهود ومشاورات الحكومة خلال الفترة المنصرمة مع الأحزاب وقوى حركة المجتمع المدني في تركيا حول مشروع انفتاحها، ولكن كلمة الوزير ” آتالاي ” تعرضت للمقاطعة من قبل نواب حزب الشعب الجمهوري CHP الذين رفعوا يافطات عليها صور لمؤسس الجمهورية ” مصطفى كمال أتاتورك “، ما جعل القناة الثالثة TRT3 في التلفزيون الحكومي التركي توقف بثها للجلسة البرلمانية، بعد أن طلب رئيس البرلمان ” محمد علي شاهين ” من موظفي وأمن البرلمان التدخل وسحب اليافطات وإخراجها من القاعة.
وقال الوزير ” آتالاي ” في كلمته : ” أن الانفتاح الديمقراطي سيحرر تركيا من أغلالها، وينهي لوبي الحرب في حزب العمال الكوردستاني “، ووعد خلال كلمته بإعطاء نقاط تفصيلية في مشروع الانفتاح الديمقراطي للحكومة خلال جلسة البرلمان يوم الخميس 12 نوفمبر، كما وأكد ” آتالاي ” أن ” الهدف من الانفتاح هو إنهاء الإرهاب، وبلورة المعايير الديمقراطية في تركيا “.
الكلمة الثانية في جلسة الافتتاح كانت للبرلماني عن حزب الشعب الجمهوري CHP المعارض ” أونور أويمن “، الذي بدأ كلمته بهجوم لاذع على حزب العدالة والتنمية الحاكم ومشروعه الانفتاحي، وعدَّه ” أويمن ” معادياً لعلمانية ” أتاتورك ” مؤسس الجمهورية، مذكراً البرلمانيين بتصويت 11 عضواً في المحكمة الدستورية التركية العليا في العام الفائت لصالح أن الحزب الحاكم معاد للتقاليد العلمانية في البلاد، كما وأتهم ” أويمن ” الحزب الحاكم باستغلال وفاة ” أتاتورك ” للانقلاب على إرثه، وقال أن ” إجراء النقاشات في البرلمان اليوم 10 نوفمبر هو إهانة لأتاتورك “، سيما وأن اليوم المذكور يتزامن مع الذكرى السنوية الـ / 71 / لوفاة ” مصطفى كمال أتاتورك ” مؤسس الجمهورية.
وقد أتهم ” أويمن ” الحكومة بالضعف والعجز، وردَّ مشروع انفتاحها على الكورد إلى عدم امتلاكها القوة الكافية لمكافحة الإرهاب، مقارناً في ذلك بين الحالة التركية وحالات أخرى في العالم بينها حال الولايات المتحدة الأمريكية بعد هجمات 11 سبتمبر الإرهابية، وبرأيه فإن الإدارة الأمريكية لم تلجأ إلى مفاوضة الإرهابيين وقد سقط من مواطنيها في يوم واحد أكثر من ثلاثة آلاف شخص ضحايا لتلكم الهجمات، وقال بأن الأمهات الأتراك خلال فترة حكم حزب العدالة والتنمية بكوا أكثر على أولادهن القتلى في المواجهات مع العمال الكوردستاني، كما وأتهم ” أويمن ” حكومة أردوغان بالاعتماد الكلي على السفير الأمريكي الحالي في أنقرة، وسفيرها السابق، وبعض الجنرالات المتقاعدين، والسفير البريطاني السابق في الإعداد لخارطة طريق من أجل حل القضية الكوردية في البلاد، وأشار في ختام كلمته بأن حزبه سيمزق خرائط الطريق المعدة للحكومة من قبل الخارج، ويرميها في سلة القمامة.
الكلمة الثالثة في الجلسة إياها ألقاها النائب عن حزب الحركة القومية اليميني MHP ” أوكتاي فارول “، واستنكر بدوره إجراء المناقشات البرلمانية في يوم ذكرى وفاة ” أتاتورك “، وعدَّ اختيار البرلمان لليوم 10 نوفمبر لافتتاح النقاش حول القضية الكوردية تصفية حساب من قبل حكومة العدالة والتنمية مع الجمهورية ومؤسسها ” أتاتورك “، وقد خصص ” فارول ” قسماً كبيراً من كلمته للتذكير بإنجازات ” أتاتورك ” وإرثه، متهماً الحكومة بتبديدها، متهماً الرئيس التركي ” عبد الله غول ” وحكومة العدالة والتنمية بمنح المشروعية السياسية لحزب العمال الكوردستاني، واعتماد خارطة الطريق المعدة من قبل أوجلان كمرجع لحل القضية الكوردية، وكرر مرة أخرى ما صرح به حزبه خلال الأشهر السابقة من أنهم ضد العملية السلمية، وأن حزبه يعارض العملية، وسيقف حجر عثرة أمامها، ولن يسمح بإدخال أمهات قتلى العمال الكوردستاني وأمهات قتلى الجيش التركي في سلة واحدة، واختار النائب ” فارول ” لكلمته أن تكون عاطفية، وفي معرض تعليقه على كلمة ” فارول ” قال الكاتب السياسي التركي ” آلتان تان ” بأن حزبي الشعب الجمهوري والحركة القومية لا يريدان أصلاً الحل الديمقراطي للقضية الكوردية، مستنكراً على النائب ” فارول ” إدخاله لثورة ” الشيخ سعيد ” الكوردية والاحتلال اليوناني لجزء من الأراضي التركية خلال الحرب العالمية الأولى في خانة واحدة.
الكلمة الرابعة في الجلسة ألقتها البرلمانية عن حزب المجتمع الديمقراطي DTP ” غولتان كشاناك “، قالت فيها بأن ” حمل القضية الكوردية إلى البرلمان التركي دون ذكرها بالاسم وبعد 86 سنة من تأسيس الجمهورية هو حدث تاريخي “، وبرأيها فإن القضية كانت تناقش سابقاً في الدوائر العسكرية والأمنية وفي مجلس الأمن القومي التركي، ورأت في خطوة البرلمان التركي بمناقشة القضية الكوردية، وهو البرلمان نفسه الذي أصدر في السابق ولمرات عدة تفويضات الحرب للعسكر، بمثابة اعتذار منه عن ذلك، كما وذكرت البرلمانية ” كشاناك ” بدور الكورد الفاعل في معارك استقلال تركيا وتأسيس الجمهورية التركية الحديثة، وأشارت إلى أن تسمية ” كوردستان ” الممنوعة من الصرف اليوم في تركيا كانت موجودة في المجلس التأسيس التركي في بدايات الجمهورية، التي عانى فيها الكورد من سياسات الإنكار والصهر القومي والتهجير من منطاق كوردستان، وقد عزت ” كشاناك ” أسباب قيام الثورات والانتفاضات الكوردية المتلاحقة ضد الدولة إلى ابتعاد الجمهورية التركية عن الديمقراطية وتجاهل المواطنة الدستورية والمساواة في البلاد، وعرجت في كلمتها على الآثار الكارثية لانقلاب 12 سبتمبر 1980 والمآسي التي شهدها سجن ديار بكر المرعب التي كانت أحد الأسباب الرئيسة للحرب الحالية التي تعيشها تركيا منذ 25 سنة، ولم تغفل ” كشاناك ” التذكير بالمجازر ضد العلويين الكورد والأرمن والسريان والآشوريين على خلفية الاختلاف الديني والمذهبي في تركيا، وقد عرَّفت ” كشاناك ” السنوات السابقة من عمر الجمهورية بـ ” السنوات المفقودة “، دفعت الدولة ضريبتها الباهظة في السابق ولا تزال، فتخصيص ميزانية كبيرة للحرب – برأيها – أضرَّ بالدولة ومواطنيها، وحرمتهم من أسباب العيش الكريم، وتركتهم رهن الفقر والعوز، كما أن الحرب أفقدت تركيا مكانتها في العالم وجعلتها أسيرة ومرتبطة بالخارج وقرارها السياسي مرتبطاً بمراكز القرار في العالم.
وطالبت البرلمانية الكوردية ” كشاناك ” بضرورة تعديل وتغيير دستور 1982 النافذ، كونه مخالفاً للديمقراطية، داعية أيضاً إلى وجوب الاعتراف باللغة الكوردية كلغة رسمية أخرى في البلاد، ومطالبة بحصة ( كوتا ) للنساء في المؤسسات الرسمية والسياسية للدولة، وختمت كلمتها بالتعبير عن انحياز حزبها للحل الديمقراطي ودعمه للانفتاح الديمقراطي وإصراره عليه، مطالبة في سبيل ذلك بإيقاف الجيش التركي لعملياته العسكرية الموجهة ضد مقاتلي حزب العمال الكوردستاني، مشيرة إلى أن عملية سلمية قائمة على تصفية حزب العمال الكوردستاني لن تنجح ولن تتحقق.
الكلمة الأخيرة في سلسلة الكلمات المقررة لجلسة اليوم الثلاثاء الافتتاحية لمناقشة مشروع الحكومة الانفتاحي على الكورد كانت للنائب عن حزب العدالة والتنمية AKP الحاكم ” سعاد كليج “، الذي بدأ كلمته يتوجيه الشكر لروح ” أتاتورك “، والإعراب عن الامتنان له ولرفقائه في صراعهم من أجل استقلال تركيا، لينهال لاحقاً بعاصفة من الانتقادات على تناقضات حزبي المعارضة الرئيسين ( الشعب الجمهوري والحركة القومية )، فيما يتعلق برفضهما إجراء النقاش البرلماني حول مشروع الحكومة في يوم 10 نوفمبر، الذي يتزامن مع الذكرى السنوية لوفاة ” أتاتورك “، وذكَّر ” كليج ” الحزبين المذكورين باتفاق الجميع على الموعد ( 10 نوفمبر )، وإعلانه على الرأي العام، مبدياً استغرابه من عدم تطرق أحد من الحزبين أثناء المداولات خلال الأيام السابقة لتزامن الموعد مع ذكرى وفاة ” أتاتورك “، متهماً الحزبين باللجوء إلى البروباغاندا والاستثمار السياسي لذكرى وفاة مؤسس الجمهورية، والمتاجرة بها، وذكر أعضاء البرلمان ومواطني تركيا بأن الحزبين طالبا بضرورة أن تكون جلسة النقاش علنية وأمام الكاميرات، فيما كانت الحكومة تميل إلى اعتماد الجلسات المغلقة.
جوبهت كلمة ” كليج ” باعتراضات من نواب الحزبين ( الشعب الجمهوري والحركة القومية ) ومقاطعتهم له، وأعقب ذلك اقتراب أحد نواب حزب الحركة القومية منه أثناء إلقائه لكلمته، ما أدى إلى مبارحة نواب من حزب الشعب الجمهوري والحركة القومية والعدالة والتنمية لمقاعدهم، للحيلولة دون وقوع مشاجرة، وشهدت القاعة مشادات كلامية بين نواب حزب الحركة القومية والحزب الحاكم، أدت إلى تعليق رئيس البرلمان للجلسة، لفض الخلاف، وانقطع البث الحي المباشر للتلفزيون الرسمي التركي، وقد أشارت مراسلة قناة CNN TURK التركية الإخبارية ” سما أجر ” أن نواباً من حزب الشعب الجمهوري قد حالوا دون وقوع مشاجرة بين نواب من العدالة والتنمية وآخرين من حزب الحركة القومية.
بعد قرابة ساعة من تعليق الجلسة عاد النواب إلى القاعة، وتابع النائب ” كليج ” إلقاء كلمته من حيث توقفت، وبدأها مجدداً بانتقاد حزبي المعارضة، وهو الموضوع الذي غطى على موقف الحزب الحاكم من مشروع الانفتاح الديمقراطي، وأنهى ” كليج ” كلمته مشدداً على التزام حزبه ( العدالة والتنمية ) بالمادتين 1 و2 من الدستور التركي النافذ، اللتان تنصان على شكل الدولة الجمهوري ووحدة الدولة واشتراكيتها وعلمانيتها وكونها دولة حقوق.
جلسة اليوم الثلاثاء التاريخية، كانت جلسة مناقشة مقترح الحكومة حول إدراج مشروع الانفتاح الديمقراطي على أجندة وأعمال البرلمان التركي، وقد صوت في ختامه بالأغلبية على مناقشة البرلمان للمشروع في القادم من الأيام، على أن يحدد في وقت لاحق موعد الجلسة القادمة، ومن المتوقع أن يشهد الخميس 12 نوفمبر متابعة البرلمان لمناقشاته حول المشروع المقدم من حكومة حزب العدالة والتنمية.
بدأت الجلسة بكلمة الحكومة التركية حول مشروع الانفتاح الديمقراطي على الكورد، وقد ألقاها وزير الداخلية ” بشير آتالاي ” المكلف من قبل رئيس الحكومة ” رجب طيب أردوغان ” بمهمة منسق المشروع، عرض فيها الوزير ” آتالاي ” لمساعي وجهود ومشاورات الحكومة خلال الفترة المنصرمة مع الأحزاب وقوى حركة المجتمع المدني في تركيا حول مشروع انفتاحها، ولكن كلمة الوزير ” آتالاي ” تعرضت للمقاطعة من قبل نواب حزب الشعب الجمهوري CHP الذين رفعوا يافطات عليها صور لمؤسس الجمهورية ” مصطفى كمال أتاتورك “، ما جعل القناة الثالثة TRT3 في التلفزيون الحكومي التركي توقف بثها للجلسة البرلمانية، بعد أن طلب رئيس البرلمان ” محمد علي شاهين ” من موظفي وأمن البرلمان التدخل وسحب اليافطات وإخراجها من القاعة.
وقال الوزير ” آتالاي ” في كلمته : ” أن الانفتاح الديمقراطي سيحرر تركيا من أغلالها، وينهي لوبي الحرب في حزب العمال الكوردستاني “، ووعد خلال كلمته بإعطاء نقاط تفصيلية في مشروع الانفتاح الديمقراطي للحكومة خلال جلسة البرلمان يوم الخميس 12 نوفمبر، كما وأكد ” آتالاي ” أن ” الهدف من الانفتاح هو إنهاء الإرهاب، وبلورة المعايير الديمقراطية في تركيا “.
الكلمة الثانية في جلسة الافتتاح كانت للبرلماني عن حزب الشعب الجمهوري CHP المعارض ” أونور أويمن “، الذي بدأ كلمته بهجوم لاذع على حزب العدالة والتنمية الحاكم ومشروعه الانفتاحي، وعدَّه ” أويمن ” معادياً لعلمانية ” أتاتورك ” مؤسس الجمهورية، مذكراً البرلمانيين بتصويت 11 عضواً في المحكمة الدستورية التركية العليا في العام الفائت لصالح أن الحزب الحاكم معاد للتقاليد العلمانية في البلاد، كما وأتهم ” أويمن ” الحزب الحاكم باستغلال وفاة ” أتاتورك ” للانقلاب على إرثه، وقال أن ” إجراء النقاشات في البرلمان اليوم 10 نوفمبر هو إهانة لأتاتورك “، سيما وأن اليوم المذكور يتزامن مع الذكرى السنوية الـ / 71 / لوفاة ” مصطفى كمال أتاتورك ” مؤسس الجمهورية.
وقد أتهم ” أويمن ” الحكومة بالضعف والعجز، وردَّ مشروع انفتاحها على الكورد إلى عدم امتلاكها القوة الكافية لمكافحة الإرهاب، مقارناً في ذلك بين الحالة التركية وحالات أخرى في العالم بينها حال الولايات المتحدة الأمريكية بعد هجمات 11 سبتمبر الإرهابية، وبرأيه فإن الإدارة الأمريكية لم تلجأ إلى مفاوضة الإرهابيين وقد سقط من مواطنيها في يوم واحد أكثر من ثلاثة آلاف شخص ضحايا لتلكم الهجمات، وقال بأن الأمهات الأتراك خلال فترة حكم حزب العدالة والتنمية بكوا أكثر على أولادهن القتلى في المواجهات مع العمال الكوردستاني، كما وأتهم ” أويمن ” حكومة أردوغان بالاعتماد الكلي على السفير الأمريكي الحالي في أنقرة، وسفيرها السابق، وبعض الجنرالات المتقاعدين، والسفير البريطاني السابق في الإعداد لخارطة طريق من أجل حل القضية الكوردية في البلاد، وأشار في ختام كلمته بأن حزبه سيمزق خرائط الطريق المعدة للحكومة من قبل الخارج، ويرميها في سلة القمامة.
الكلمة الثالثة في الجلسة إياها ألقاها النائب عن حزب الحركة القومية اليميني MHP ” أوكتاي فارول “، واستنكر بدوره إجراء المناقشات البرلمانية في يوم ذكرى وفاة ” أتاتورك “، وعدَّ اختيار البرلمان لليوم 10 نوفمبر لافتتاح النقاش حول القضية الكوردية تصفية حساب من قبل حكومة العدالة والتنمية مع الجمهورية ومؤسسها ” أتاتورك “، وقد خصص ” فارول ” قسماً كبيراً من كلمته للتذكير بإنجازات ” أتاتورك ” وإرثه، متهماً الحكومة بتبديدها، متهماً الرئيس التركي ” عبد الله غول ” وحكومة العدالة والتنمية بمنح المشروعية السياسية لحزب العمال الكوردستاني، واعتماد خارطة الطريق المعدة من قبل أوجلان كمرجع لحل القضية الكوردية، وكرر مرة أخرى ما صرح به حزبه خلال الأشهر السابقة من أنهم ضد العملية السلمية، وأن حزبه يعارض العملية، وسيقف حجر عثرة أمامها، ولن يسمح بإدخال أمهات قتلى العمال الكوردستاني وأمهات قتلى الجيش التركي في سلة واحدة، واختار النائب ” فارول ” لكلمته أن تكون عاطفية، وفي معرض تعليقه على كلمة ” فارول ” قال الكاتب السياسي التركي ” آلتان تان ” بأن حزبي الشعب الجمهوري والحركة القومية لا يريدان أصلاً الحل الديمقراطي للقضية الكوردية، مستنكراً على النائب ” فارول ” إدخاله لثورة ” الشيخ سعيد ” الكوردية والاحتلال اليوناني لجزء من الأراضي التركية خلال الحرب العالمية الأولى في خانة واحدة.
الكلمة الرابعة في الجلسة ألقتها البرلمانية عن حزب المجتمع الديمقراطي DTP ” غولتان كشاناك “، قالت فيها بأن ” حمل القضية الكوردية إلى البرلمان التركي دون ذكرها بالاسم وبعد 86 سنة من تأسيس الجمهورية هو حدث تاريخي “، وبرأيها فإن القضية كانت تناقش سابقاً في الدوائر العسكرية والأمنية وفي مجلس الأمن القومي التركي، ورأت في خطوة البرلمان التركي بمناقشة القضية الكوردية، وهو البرلمان نفسه الذي أصدر في السابق ولمرات عدة تفويضات الحرب للعسكر، بمثابة اعتذار منه عن ذلك، كما وذكرت البرلمانية ” كشاناك ” بدور الكورد الفاعل في معارك استقلال تركيا وتأسيس الجمهورية التركية الحديثة، وأشارت إلى أن تسمية ” كوردستان ” الممنوعة من الصرف اليوم في تركيا كانت موجودة في المجلس التأسيس التركي في بدايات الجمهورية، التي عانى فيها الكورد من سياسات الإنكار والصهر القومي والتهجير من منطاق كوردستان، وقد عزت ” كشاناك ” أسباب قيام الثورات والانتفاضات الكوردية المتلاحقة ضد الدولة إلى ابتعاد الجمهورية التركية عن الديمقراطية وتجاهل المواطنة الدستورية والمساواة في البلاد، وعرجت في كلمتها على الآثار الكارثية لانقلاب 12 سبتمبر 1980 والمآسي التي شهدها سجن ديار بكر المرعب التي كانت أحد الأسباب الرئيسة للحرب الحالية التي تعيشها تركيا منذ 25 سنة، ولم تغفل ” كشاناك ” التذكير بالمجازر ضد العلويين الكورد والأرمن والسريان والآشوريين على خلفية الاختلاف الديني والمذهبي في تركيا، وقد عرَّفت ” كشاناك ” السنوات السابقة من عمر الجمهورية بـ ” السنوات المفقودة “، دفعت الدولة ضريبتها الباهظة في السابق ولا تزال، فتخصيص ميزانية كبيرة للحرب – برأيها – أضرَّ بالدولة ومواطنيها، وحرمتهم من أسباب العيش الكريم، وتركتهم رهن الفقر والعوز، كما أن الحرب أفقدت تركيا مكانتها في العالم وجعلتها أسيرة ومرتبطة بالخارج وقرارها السياسي مرتبطاً بمراكز القرار في العالم.
وطالبت البرلمانية الكوردية ” كشاناك ” بضرورة تعديل وتغيير دستور 1982 النافذ، كونه مخالفاً للديمقراطية، داعية أيضاً إلى وجوب الاعتراف باللغة الكوردية كلغة رسمية أخرى في البلاد، ومطالبة بحصة ( كوتا ) للنساء في المؤسسات الرسمية والسياسية للدولة، وختمت كلمتها بالتعبير عن انحياز حزبها للحل الديمقراطي ودعمه للانفتاح الديمقراطي وإصراره عليه، مطالبة في سبيل ذلك بإيقاف الجيش التركي لعملياته العسكرية الموجهة ضد مقاتلي حزب العمال الكوردستاني، مشيرة إلى أن عملية سلمية قائمة على تصفية حزب العمال الكوردستاني لن تنجح ولن تتحقق.
الكلمة الأخيرة في سلسلة الكلمات المقررة لجلسة اليوم الثلاثاء الافتتاحية لمناقشة مشروع الحكومة الانفتاحي على الكورد كانت للنائب عن حزب العدالة والتنمية AKP الحاكم ” سعاد كليج “، الذي بدأ كلمته يتوجيه الشكر لروح ” أتاتورك “، والإعراب عن الامتنان له ولرفقائه في صراعهم من أجل استقلال تركيا، لينهال لاحقاً بعاصفة من الانتقادات على تناقضات حزبي المعارضة الرئيسين ( الشعب الجمهوري والحركة القومية )، فيما يتعلق برفضهما إجراء النقاش البرلماني حول مشروع الحكومة في يوم 10 نوفمبر، الذي يتزامن مع الذكرى السنوية لوفاة ” أتاتورك “، وذكَّر ” كليج ” الحزبين المذكورين باتفاق الجميع على الموعد ( 10 نوفمبر )، وإعلانه على الرأي العام، مبدياً استغرابه من عدم تطرق أحد من الحزبين أثناء المداولات خلال الأيام السابقة لتزامن الموعد مع ذكرى وفاة ” أتاتورك “، متهماً الحزبين باللجوء إلى البروباغاندا والاستثمار السياسي لذكرى وفاة مؤسس الجمهورية، والمتاجرة بها، وذكر أعضاء البرلمان ومواطني تركيا بأن الحزبين طالبا بضرورة أن تكون جلسة النقاش علنية وأمام الكاميرات، فيما كانت الحكومة تميل إلى اعتماد الجلسات المغلقة.
جوبهت كلمة ” كليج ” باعتراضات من نواب الحزبين ( الشعب الجمهوري والحركة القومية ) ومقاطعتهم له، وأعقب ذلك اقتراب أحد نواب حزب الحركة القومية منه أثناء إلقائه لكلمته، ما أدى إلى مبارحة نواب من حزب الشعب الجمهوري والحركة القومية والعدالة والتنمية لمقاعدهم، للحيلولة دون وقوع مشاجرة، وشهدت القاعة مشادات كلامية بين نواب حزب الحركة القومية والحزب الحاكم، أدت إلى تعليق رئيس البرلمان للجلسة، لفض الخلاف، وانقطع البث الحي المباشر للتلفزيون الرسمي التركي، وقد أشارت مراسلة قناة CNN TURK التركية الإخبارية ” سما أجر ” أن نواباً من حزب الشعب الجمهوري قد حالوا دون وقوع مشاجرة بين نواب من العدالة والتنمية وآخرين من حزب الحركة القومية.
بعد قرابة ساعة من تعليق الجلسة عاد النواب إلى القاعة، وتابع النائب ” كليج ” إلقاء كلمته من حيث توقفت، وبدأها مجدداً بانتقاد حزبي المعارضة، وهو الموضوع الذي غطى على موقف الحزب الحاكم من مشروع الانفتاح الديمقراطي، وأنهى ” كليج ” كلمته مشدداً على التزام حزبه ( العدالة والتنمية ) بالمادتين 1 و2 من الدستور التركي النافذ، اللتان تنصان على شكل الدولة الجمهوري ووحدة الدولة واشتراكيتها وعلمانيتها وكونها دولة حقوق.
جلسة اليوم الثلاثاء التاريخية، كانت جلسة مناقشة مقترح الحكومة حول إدراج مشروع الانفتاح الديمقراطي على أجندة وأعمال البرلمان التركي، وقد صوت في ختامه بالأغلبية على مناقشة البرلمان للمشروع في القادم من الأيام، على أن يحدد في وقت لاحق موعد الجلسة القادمة، ومن المتوقع أن يشهد الخميس 12 نوفمبر متابعة البرلمان لمناقشاته حول المشروع المقدم من حكومة حزب العدالة والتنمية.