انتفاضة كآخرة في عفرين وإرادة الصمود

عبداللطيف محمدأمين موسى 

يٌلاحظ المتتبع لجملة الأحداث التي مرّ ويمر بها الشعب الكوردي عبر تاريخيه المليء بالقهر والظلم والقتل والتشريد والتهجير وحملات الأنفال بأنها جسدت أبشع مأساة مارستها قوى الظلم والعدوان في تاريخ الإنسانية من بشاعة،ولعل تلك المأساة مثلت الدافع الأساسي في إرادة الصمود بمقاومة الهمجية تلك عبر استمرارية النضال من أجل الدفاع عن حق التشبث و الوجود ومنع الانصهار والتلاشي، وكما إن جملة الأحداث التي تمر بها عفرين الفخر والعز أنما تأكيد على استمرارية بشاعة ذلك التاريخ الذي حاول الأعداء فرضه على الكورد من الظلم ،.إن  الأحداث والأعمال والتصرفات الممنهجة التي تحاول تلك المليشيات الإرهابية فرضها بشكل يومي على عفرين إنما ترقى بكل تأكيد إلى مستوى جرائم بحق الإنسانية وتُعتبر تجسيد لوحشية فرض أمر الواقع في كسر إرادة الشعب الكوردي بالعموم وأهل عفرين على وجه الخصوص عبر التغير الديمغرافي ومحاولات محو الهوية الوطنية وأضعاف الإنتماء القومي ومصادرة ممارسة الحريات والحرمان من أبسط الحقوق التي كفلتها  المعاهدات والمواثيق الأممية وبيان جنيف في حق الشعوب في تقرير المصير. إن الأحداث المؤخرة التي شهدتها قرية كآخرة في عفرين إنما تجرد تلك المليشيات من كافة صفات الإنسانية وتعبر وتفضح وحشيتهم العروبية التي تمثل الأجندات القوميجية والشوفينية التي ترفض فكرة  العيش المشترك وعدم قبول حق العيش في سلام مع الجوار وعدم التعدي على الجيران ،وكما تنافي التعددية العرقية والدينية بين الشعوب و تكشف فقدان الشرعية والقرار لدى المليشيات تلك ولتعبر عن حجم وضاعتها كأداة رخيصة لتنفذ الدور المؤكل إليها مقابل مبالغ زهيدة وامتيازات شخصية تكشف الوجه الحقيقي والقيمة اللاأخلاقية واللأشرعية لتلك المليشيات. برأي ما يهم الشعب الكوردي هو إرادة الصمود في عفرين عبر الثبات في مواجهة تلك الممارسات بيد أعزل وبإرادة لا تلين مؤمنة بالله وبحقها القومي والوطني في الوجود والثبات على أرضها كوردستان رافضة  فكرة الاستسلام التي تحاول تلك المليشيات فرضها على أهلنا في عفرين، وكما أن الصمود اليومي لأهلنا في عفرين عبر التشبث ومواجهة تلك التصرفات تفضح زيف الشعارات التي تنادي بها الدول والأنظمة الإقليمية والدولية عبر الإيهام في الديمقراطية وحقوق الإنسان وحق تقرير المصير، وتكذب أفكارهم في محاربة الإرهاب وخطر المليشيات الإرهابية عبر مشاهدة تلك الممارسات الإرهابية اليومية في عفرين والسكوت عنها، ولكن ليعلموا بأن انتفاضة نساء عفرين سترسم أبهى صورة عن الصمود والنضال والتشبث، وستبقى بمثابة شموخ شجرة الزيتون التي  افشلت المليشيات في اقتلاعها. لابد من الفضح الشبه اليومي لتصرفات تلك المليشيات ونقل صورة بشاعتها إلى كافة مراكز القرار العالمي وعدم السكوت عن حالة التجاهل وخزلان عفرين من قبل مراكز القرار تلك، والمطالبة بمحاسبة من يحمي ويستخدم تلك المليشيات والضغط  من أجل تقديم مجرميها إلى المحاكم الدولية. بمناسبة انتفاضة الشموخ في قرية كاخرة ألف تحية شموخ واعتزاز إلى نساء عفرين في انتفاضتهم البطلة، والف تحية اعتزاز واجلال لتضحيات أهل عفرين وشهداءها.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لقد كان حلم السوريين أن يتوقف نهر الدم الذي فاض وارتفع عداده ومستواه، تدريجياً، طيلة العقود الأخيرة، أن يُفتح باب السجون لا ليُستبدل معتقل بآخر، بل ليُبيّض كل مظلوم مكانه، أن يتحول الوطن من ساحة للبطش إلى حضن للكرامة. لقد كان الأمل كبيراً في أن تؤول الأمور إلى دولة ديمقراطية، تُبنى على قواعد العدالة والحرية والكرامة، لكن هذا…

صالح جانكو حينما يتوهم القائمون على سلطة الأمر الواقع المؤقتة بأنهم قد شكلوا دولة من خلال هذه الهيكلية الكرتونية، بل الكاريكاتورية المضحكة المبكية المتمثلة في تلك الحكومة التي تم تفصيلها وفقاً لرغبة وتوجهات ( رئيس الدولة المؤقت للمرحلة الانتقالية)وعلى مقاسه والذي احتكر كل المناصب والسلطات و الوزارات السيادية لنفسه ولجماعته من هيئة تحرير الشام ، أما باقي الوزارات تم تسليمها…

خالد جميل محمد جسّدت مؤسسة البارزاني الخيرية تلك القاعدة التي تنصّ على أن العمل هو ما يَمنحُ الأقوالَ قيمتَها لا العكس؛ فقد أثبتت للكُرد وغير الكُرد أنها خيرُ حضن للمحتاجين إلى المساعدات والمعونات والرعاية المادية والمعنوية، ومن ذلك أنها كانت في مقدمة الجهات التي استقبلَت كُرْدَ رۆژاڤایێ کُردستان (كُردستان سوريا)، فعلاً وقولاً، وقدّمت لهم الكثير مما كانوا يحتاجونه في أحلك…

ريزان شيخموس بعد سقوط نظام بشار الأسد، تدخل سوريا فصلًا جديدًا من تاريخها المعاصر، عنوانه الانتقال نحو دولة عادلة تتّسع لكلّ مكوّناتها، وتؤسّس لعقد اجتماعي جديد يعكس تطلعات السوريين وآلامهم وتضحياتهم. ومع تشكيل إدارة انتقالية، يُفتح الباب أمام كتابة دستور يُعبّر عن التعدد القومي والديني والثقافي في سوريا، ويضمن مشاركة الجميع في صياغة مستقبل البلاد، لا كضيوف على مائدة الوطن،…