الحدث الذي أضحى مجرد ذكرى

زيور العمر

تحاول الغرف الكردية على شبكة الإنترنت , في كل عام , تنشيط ذاكرة الساسة الكرد , و وضعهم أمام مسؤولياتهم ,  عندما تحل الذكرى السنوية لإنتفاضة  آذار.

فتقوم بالإتصال مع قيادات الأحزاب الكردية في سوريا, لمعرفة إن كانوا قد زاروا مقابر الشهداء , و عوائلهم , و وزعوا عليهم المعونات التي ترسلها منظماتهم في الخارج بهذه المناسبة.

كما إعتدنا أن نشهد عشية ومساء يوم الذكرى السنوية لإنتفاضة 12 آذار , جردة حساب أخلاقي و إنساني و قومي مع هؤلاء القياديين , لإن سرعان ما يكشف مدير الغرفة في عدة إتصالات مع عوائل و ذوي الشهداء الحقيقة المرة :” لم يزونا أحد , و لم يطرف بابنا أحد … هؤلاء كذبة و منافقون ..”.
و بدلا ً من إستثمار الحدث , و إنتهاز الفرصة , لإعادة النظر في الطروحات السياسية , و التحركات الميدانية التقليدية , و حالة الإنقسام و التشرزم في الحركة السياسية الكردية , شاهدنا و عايشنا الكيفية التي تعاملت معها الأحزاب الكردية مع أحداث 12 آذار , و الإنتفاضة الشعبية التي أسفرت عنها .

إختلفوا و تخالفوا في شأنها في كل شئ , حتى في لغة المفردات .

حتى أضحت مجرد ذكرى , يتم إحيائها من خلال ندوة أو زيارة مقبرة أو مظاهرة تنديد في أوروبا على أكثر تقدير .
كان يتوقع أن تحدث إنتفاضة 12 آذار تغييراً جذرياً في الحالة السياسية الكردية , فكريا ً و سياسيا ً و حزبيا ً .

إلا أن تجربة السنوات الخمس الماضية , أظهرت العكس .

فبدلاً من تجاوز حال الإنقسام و الخلاف , و إجراء المراجعة الشاملة , و التخطيط للمستقبل على أساس الحقائق التي أفرزتها إنتفاضة 12 آذار , بدا أن المشهد الكردي يغرق أكثر فأكثر في الضبابية و الفوضى الشاملة : مزيد من الإنشطارات الحزبوية , و تهالك الأطر التحالفية و الجبهوية و التنسيقية , و تراجع في وتيرة الأنشطة الميدانية و التحركات الشعبية .

و كانت الحصيلة , أحزاب تتطابق في كل شئ .
فعندما حدث ما حدث في 12 آذار 2004 و ما تلتها , كنا ننتظر من الأحزاب الكردية و قياداتها , أن تترفع عن الصغائر , و أن تشرب من إناء الإرادة الصلبة للجماهير الكردية المنتفضة , فتنهض بمسؤولياتها , وتتصدى للتحديات التي إنتصبت أمام شعبها , و كانت الخطوة الأولى المنتظرة من هذه الأحزاب عقد كونفرانسات و مؤتمرات إستثنائية عاجلة , تضع رفاقها و مؤازريها أمام الحقائق الجديدة , و تخيرهم بين الإستمرار في النهج السائد الذي لم يسفر عنه شئ , و بين نهج أخر تمليه المستجدات و المتغيرات التي أملتها الإنتفاضة , و صوت الشعب الهادر .

كان يؤمل من القيادات الكردية  , أن تدعو بصوت صارم و صريح , الى تجاوز الخلافات الحزبية و المصالح الضيقة و التاريخ الموغل في السلبية , و إقامة  إطار نضالي شامل , تجتمع تحت خيمته جميع الأحزاب و الفعاليات السياسية و الثقافية و الإجتماعية الكردية بدون إستثناء , و تتبنى خطاب سياسي جديد , يرتكز على وحدة الصف الكردي و تقويته , في مواجهة النظام القائم , من أجل تحقيق الحقوق القومية و الديمقراطية المشروعة للشعب الكردي ي سوريا .
و من أجل تعزيز التوجه الجديد , كان لا بد من إطلاق تسمية « يوم الإنتفاضة » على 12 آذار .

و بدلاً من الوقوف على أطلال الحدث , كان لا بد من الإنخراط فيه , و إسناده و إعلاء شأنه , من خلال جملة من الخطوات , و ثلة من المواقف , التي ترتقي الى أهمية الحدث , و تضحيات أبناءه البررة .
عبثاً نحاول النفخ في أرواح ميتة , و جثث هامدة , أثبتت السنوات عقم الراهانات عليها , و عبث التفكير في شؤونها و احوالها .

رحل عنا 12 آذار , و سكن صفحات التاريخ الساطع , ولم يبقى لنا سوى أن نتطلع الى المستقبل , عله يعيدنا من جديد الى تاريخ الثاني عشر من آذار  و معانيه الرائعة  و سطوره الخالدة .

ألف تحية الى الشهداء الأبرار , و الخزي و العار للجبناء .

12 /03/2009

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…