يا ليتني عرفتك ….قبل أن يتوقف قلبك عن النبض

  حجي عفريني

تعرفت على الشهيد أبو مسلم في المؤتمر التأسيسي الأول للوفاق الديمقراطي الكردي السوري، لم يتحدث كثيراً خلال المدوالات و النقاشات الجارية في قاعة المؤتمر ، فقط قام بمداخلة واحدة أو إثنتين خلال أيام المؤتمر ، كان إنساناً هادئاً و لا يلفت إنتباه الأخرين إليه ، و دائما كان يتمعن النظر في الحضور و يستمع الى كلماتهم وخطاباتهم ، وكانت إشارات الرضا أو عدم الرضا واضحة على سمات الشهيد من مداخلات و تقييمات مندوبي المؤتمر.

و اليوم و بعد مرور ثلاث سنوات على إستشهاد الرفيق حسين محمود عباس ” أبو مسلم ” ، أعلم جيداً لما كان يلتزم الصمت ..و لم يقم بمداخلات عديدة خلال جلسات المؤتمر ..؟ و كأنه كان يريد أن يقول بأن لا جدوى للكلام كثيراً ..

المهم أن نترجم ما نقوله  في الواقع العملي ، وبالفعل كان الشهيد أبو مسلم خير مثال على المثل الشعبي القائل ” إن خير الكلام ما قل و دل ” و
 قد قال الشهيد الخالد أثناء أدائه القسم بعد ما إنتخب عضو هيئة المتابعة و الإشراف ” سأعمل بكل جهد و إخلاص لإيصال رسالة الشهيد القائد كمال شاهين إلى كل أرجاء الجزيرة الكردية ” تلك الرسالة التي نصت على أن الكرد في سوريا هم ثاني أكبر قومية في البلاد ، وأن القضية الكردية في سوريا هي قضية أرض و شعب.
لقد شهدت منطقة الجزيرة إنفتاحاً كبيراً في المجال التنظيمي و الدبلوماسي في عهد الشهيد أبو مسلم ، فقد كان الوفاق الديمقراطي أنذاك محطة نظر لكل القوى و الفصائل و التنظيمات الكردية و حتى العربية و الأشورية ، وقد شهدنا اكثر من مرة واحدة الجهود الحثيثة التي كان يبذلها الشهيد في تللك المنطقة من أجل لم شمل الصف الكردي وتمتين العلاقات الكردية – الكردية من جهة ، ومن جهة أخرى العلاقات الكردية – العربية و العلاقات الكردية – الأشورية من جهة ثالثة .


أجل هذا هو الشهيد أبو مسلم القيادي في الوفاق الديمقراطي الكردي السوري ، كان خير تلميذ في مدرسة الشهيد القائد كمال شاهين ، و كان الرسول الوفي لإيصال الرسالة الوفاقية الى كافة مناطق الجزيرة الكردية ، لم يكن يعرف الملل و الكلل ، وقد اسخر كل طاقاته و إمكاناته في خدمة قضيته العادلة ومنذ ريعان شبابه.
أجل أيها الشهيد الوفي ..
اليوم و بعد مرور ثلاثة أعوام على إستشهادك ، أعلم جيداً لما إستهدفتك أيدي الغدر و الخيانة ..؟؟
كيف لا يستهدفوك ، وانت الذي قمت بفضح ممارسات البعث الغاشم و توجاته العنصرية في المنطقة ، كيف لا ..و أنت الذي قمت بالكشف عن هوية أولئك الذين كانوا يتلاعبون بالقضية الكردية وباسم استقلال و حرية كردستان ، كيف لا ..و أنت الذي كنت سداً منيعاً أمام كل الإنتهازيين و الذين كانوا يعبثون بقيم الشعب تحت مسميات مختلفة ..أجل يا رفيقي الشهيد ..لم يكن من قبيل الصدفة أن تختارك قوى الظلام و الإجرام في منطقة الجزيرة ، كما لم يكن من قبيل الصدفة أن تختار هذه القوى الغاشمة الشهيد القائد كمال شاهين في المقر المركزي للوفاق الديمقراطي الكردي السوري ، كما أنه لم يكن من قبيل الصدفة أن تختار قوى الإرهاب من قبلك الشهيد كميران محمد حمزة في منطقة عفرين ..

أنتم أيها الشهداء دفعتم ضريبة الكلمة الحرة و الرأي الأخر ، أنتم شهداء الديمقراطية في كردستان سوريا.


نعم ..

أيها الشهيد
اليوم و بعد مرور ثلاثة أعوام على إستشهادك عرفتك أكثر و أكثر … رغم إنني لم ألتقي بك سوى مرتين أو ثلاث بعد المؤتمر التأسيسي ..

عرفتك من خلال الندوات التي كنت تعقدها في أنحاء الجزيرة ..عرفتك من خلال علاقاتك الطيبة مع كل الأطراف و التنظيمات الكردية ..عرفتك من خلال علاقاتك مع الوجهاء و الشخصيات الديمقراطية في المنطقة ..عرفتك من خلال متابعتك للأمور التنظيمية و من خلال مواقفك الحاسمة اتجاة المتطفلين والدخلاء على التنظيم …عرفتك شامخاً و صلباً وقويا اتجاه الممارسات العنصرية للبعث الحاكم في البلاد …كنت خير المناضلين و أول من إستوعب الوفاق نهجاً وممارسة ..

ياليتني عرفتك ايها الشهيد قبل أن يتوقف قلبك عن النبض .لأتعلم منك ما تعلمته من خلال مسيرتك النضالية خلال السنوات التي قضيتها كلها في خدمة القضية الكردية في كردستان سوريا .
و لا يسعني في هذا اليوم الذي يصادف فيه الذكرى السنوية الثالثة على  توقف قلبك الكبير عن النبض ، إلا و أن أجدد لك العهد و الوفاء للسير على نهجكم أنتم شهداء الكلمة الحرة و شهداء الرأي الأخر و الديمقراطية لغاية تحقيق أهداف شعبنا في العيش الكريم ضمن كردستاتن سوريا حرة ، وسورية ديمقراطية .
رفيق الدرب
حجي عفريني