انا والشيخ الشهيد وطفلتي الصغيرة وزوجتي

الدكتور عبدالعزيز حج احمد
alaziz220@gmail.com
 

عندما ووري جثمان المجاهد الكبير شيخ الشهداء معشوق الخزنوي في قامشلو ، وتزاحمت الجماهير الغفيرة تندد بالجريمة النكراء ، وتوسعت وسائل الإعلام في تغطية الحدث الجلل، فاجأتني صغيرتي بسؤال كان لي بمثابة الصدمة، قالت: من هو معشوق الخزنوي ؟ عندها سردت لها شيئاً من حياة هذا البطل الذي يندر وجوده في كثير من الأمم ، وانا اسرد اطرافا من حياته قاطعتني زوجتي لتضعني في حالة من التفكير العميق..

قالت لي زوجتي : لماذا لم نستشعر بكل هذه العظمة والرجل بين ظهرانينا ؟ لماذا تغيب عنا عظمة الرجال وهم أحياء؟ ، صحيح أننا كنا نستشعر عظمة الرجل في حياته ولكنه استشعار عام يحمل الكثير من الغفلة عن التدبر العميق في جوانب العظمة .
ولكن مع قليل من التفكير اكتشفت أننا نعجز أحيانا وربما كثيرا عن إدراك عظمة الرجال أثناء حياتهم ولكننا أيضا نستمر في هذه الغفلة -وبالقدر نفسه- بعد مماتهم..

فما إن تمر الأيام حتى تتراجع سيرة معشوق كما تراجعت سير غيره من العظماء والنبلاء الذين تحسدنا عليهم الأمم وإن اختلفوا معهم في الرؤية والمنطلق.


 
وتساءلت: لماذا لا نورث أبناءنا والأجيال القادمة هذه السير النبيلة؟ لماذا نهيل التراب على أعز ما نملك من ثروات لتغوص في بحر النسيان ؟ هل نعجز كأمة عن إحياء سير العظماء من خلال تخليد ذكراهم في أفلام سينمائية أو وثائقية أو مسلسلات تليفزيونية لتملأ فراغا في خريطة البرامج التي تكتظ بالتفاهات على معظم فضائياتنا ؟ هل نحن بحاجة إلى أن تمتد إلينا يد أعدائنا لتسطر تاريخ أبطالنا؟ هل نحن بحاجة إلى مزيد من الانتظار حتى تقوم وسائل الإعلام المتناثرة هنا وهناك لتطمس معالم البناء تشوه الصروح الشامخة ثم نسكب بعدها دموع الندم ونكتفي عندها بشجب هنا وإدانة هناك ونصب حينها جام الغضب على غيرنا الذي شوه وأفسد؟
 
إننا بحاجة إلى مشروع فاعل نترجم من خلاله حياة عظمائنا الذين عاشوا بين ظهرانينا وعاصروا واقعنا ولكنهم قرروا ألا يكونوا أمثالنا، بحاجة إلى مستهدفات واضحة وخطط رشيدة تتبعها وتتوازى معها جهود كبيرة لتوريث الأجيال القادمة ملامح العظمة في تاريخهم بدلا من الاكتفاء باجترار الأحزان ومصمصة الشفاه، وبدلا من الوقوف عند حدود الواقع المرير الذي نحياه ونعيشه..

ولتكن البداية أن ترتفع الأصوات لكتابنا ومؤرخينا لتوثيق حياة العظماء ليتعلمه ابناؤنا وليكون بداية لكتابة تاريخنا بايدينا ، ومن هذا المنطلق يأتي كتابي المتواضع خلال الاشهر القادمة ( معشوق رحلة سير فوق الاشواك )
 
ليرحمك المولى ايها الشيخ الجليل ، فلترتشف الاجيال من معين بطولتك وعلمك وجرأتك ، فالشهداء لا يموتون
21-05-2009

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…