ابراهيم محمود
وفي هذه الساعة بتوقيت ” كرد مسخ “، يُعلَن الزمن الكردي الأردأ من كل أزمنته، الأكثر استيلاداً لمسوخ يُعلّموننا، وفي هذا العمر، كيف يمكننا تهجئة مفردة ” الكرد وكردستان ” وحتى الأمس القريب جداً، كانوا يهربون من ظلهم، وينبرون إلينا وعلينا وفينا، بأسماء مستحدثة وألقاب ومقامات، ومواقع ومناصب، وعند أي سؤال من قبل أي كان، مهما كان عمره وثقافته: يردد مسخ من مسوخ الكرد المعتبرين، بنوع من الأسلوب الكتاتيبي، بإصبعه المخلبية: انتبه سأفهمك، ركّز معي.. وعند تكرار السؤال، يكون اتهامك بأنك بعيد عما يجري، ويقصد عن المسوخية التي أصبحت محتلة الواجهة الكردية هنا وهناك.
لا غرابة في الأمر، فما هو جار أمام أعيننا، وملء أعيننا تماماً، هو هذا التكاثر في المسوخ على وقْع تصادم جماجم ضحايانا، وعويل ثكلانا، ورعب شهدائنا في مهادهم الأبدي، ليس منفصلاً عن أمسه وأمس أمسه، وما قبل أمس أمس أمسه، فحاكمية الكرد غير أي حاكمية، وكل نطق بلسان مدني، يلقى به في بيداء ” المحكوم بالخيانة “.
أي ذل كردي من على يد كردي، انتقاماً له من تاريخه الذي يعرفه كل كردي جرّاء هذه المهازل، حيث الأعداء المميزين باتوا أقرب إلينا من ” سواد العين لبياضها “، ومازال ” فطاحلة ” التنظير الحزبي الكردي، والتمثيل الكردي ممن تبغددوا وتسيَّدوا وعربدوا باسم الكرد وكردستان وانعدمت المسافة بين ذقونهم وقفصهم الصدري، يطنّون ويصرّحون بأن الخطأ دائماً لدى الفريق الآخر، وما أكثر الفرق الكردية بمسوخ معلنة، وأكثر أهلية للتشرذم، وإفادة لأعداء الكرد ” الأصلاء “.
حسن إذاً، وقد بلغت هذا العمر العتي، سأحاول جاهداً منذ الآن، وقبل فوات الأوان، أن ألقّن أحفادى وأولادي، ما أمكنني ذلك، كيف يمكنهم من الآن وصاعداً، التكيف مع مسوخ الكرد المتكاثرين، أن يعرّفوا بأنفسهم كرداً، ويتصرفوا على أنهم مسوخ صغار، ويؤدّوا حركات، ويحركوا ألسنتهم، بوصفهم مسوخاً، حتى لا يُشك بأمرهم، ويرسَّم عليهم خونة، وأعداء الكرد.
أن يتجنبوا طرح أي سؤال مهما كان نوعه، لئلا يُتّهم أي منهم بالغباء، وقلة الاطلاع على شأن الكردايتي. والسؤال في العرف الكردي المعلوم نقص في رصيد الكردايتي، والسؤال في العرف الكردايتي مجلبة للعار، وحجة للأعداء للتدخل السريع، وإذا طرح أحدهم سؤالاً، فليكن قصيراً، وهو مطأطىء رأسه، حرصاً على وقت المعني بأمره، حيث لا تمسكه أرض، سعياً إلى الكردايتي، أن يكون خافض الصوت، وليس كأبيه أو جده، غير المهذب، هو وثلة من أصحابه: معذَّبي الحرف الكردي منذ عقود من الزمن، حرصاً على سلامته وسلامة أخوته ومن حوله..
سأسعى جاهداً ما بقيت حياً، وربما لا يمتد بي هذا العمر” الكردي ” طويلاً، أن أعيش هذا التكاثر المسوخي، وما نُعلَم به بأن الغد أفضل من الأمس، وأن ساعة الكردية آتية لا ريب فيها، لأحسن التعبير عن هذه المسوخية التي أؤصّلها داخلي ولو قليلاً، لئلا أبعَد عن بيتي المتهدم، وعائلتي المتناثرة الأفراد، ويُرمى بي إلى صحراء الجنايات الكبرى، لأموت وحدي، كما لو أنني وحدي في المجمل، وأنا في رعب المحاط بي يميناً، يساراً، شرقاً، غرباً، من المسوخ، وفي أجندات شتى. وتلك هي الوديعة الأخيرة لعام منصرم، 2016، والمدخل المقيت لعام محتدم، كما هو المرئي فيه: 2017 .
وكل عام، يا كردنا المهزومين على أيدي مسوخهم الكرد النجباء، وأنتم أقل مسوخاً.
دهوك، في 30 كانون الثاني 2016