أحمـــــد قاســــــم
لطالما عجزت الحركة الكوردية في كوردستان سوريا عن لعب دور فاعل في إدارة الأزمة في سوريا أو المشاركة في إدارتها على الأقل يتناسب مع حجمها ونسبة الشعب الكوردي من مجمل مكونات الشعب السوري, والتي تتجاوز 15%, رأت من مصلحتها الحفاظ على الراهن, والبقاء على ما هي عليه. حيث أن الحراك العسكري على الأرض يسير كما هو مرسوم له من قبل أهل القرار بعيداً عن الدائرة الكوردية, حتى السورية أيضاً. وأن الحل السياسي متمسك به راعيي المفاوضات في جنيف ( روسيا و أمريكا ), وهما تديران الأزمة حسب رؤيتهما للوضع العام في سوريا والمنطقة, إلى جانب إستمرارهما في محاربة الإرهاب ” كلٌ حسب قرائتها لمفاصل الحرب الجارية على الأرض السورية,
وبالتالي, إدارة الأزمة تتبع لمسيرة البحث عن مستقبل تتحقق فيه مصالح الدول الراعية بشكل متوازن من دون مراعاة مصلحة الشعب السوري ومكوناته العرقية والمذهبية.. ( على المدى المنظور على الأقل ). ولطالما أن حزب الإتحاد الديمقراطي يعمل في محور منذ بداية الأزمة وإنطلاق الثورة السورية, ويتفرد بإدارة المناطق الكوردية ما يشبه ( الحكم ) بقوة السلاح, مع عدم قبول مشاركة أحد من الأحزاب ” إلا تلك التي تقبل أن تعمل وفقاً لسياساته ومقرراته, بعد تجربة خمسة سنوات من عمر الثورة والأزمة السورية, وكذلك بعد كل الحوارات والإتفاقيات التي تم توقيعها بين ( المجلس الوطني الكوردي وحركة المجتمع الديمقراطي التابعة لحزب الإتحاد الديمقراطي ). أعتقد باتت من غير الحكمة أن نصدق بأن إتفاقاً سيتم توقيعه بين الطرفين المذكورين.
ولو تركنا حزب الإتحاد الديمقراطي ( الحاكم في كوردستان سوريا ) جانباً, وبحثنا في حقيقة الأحزاب الأخرى من هذه الحركة السياسية, نرى بأن أغلبية هذه الأحزاب يشكلون أعباءً تزيد من عبء حركتنا السياسية, وعقدة أمام أي توافق أو إقامة أي مشروع يهدف إلى توحيد الطاقات, وتشكيل مرجعية سياسية كما يدعي البعض. لأن تشكيل أي إطار موحد, أو هيئة موحدة تعارض وجود بعض الأحزاب التي أنتجتها الأزمة في سورية, ومُنْتَجَة لصراع المحاور, وبالتالي فإن تلك الأحزاب تقف عائقاً أمام أي مشروع توحيدي أو تشكيل إطار للتعاون والتنسيق السياسي على المستويين القومي والوطني, وذلك إضافة إلى دور الأجهزة الأمنية للنظام في دمشق, والتي لا تزال تلعب دوراً فاعلاً في تشتيت الصف الكوردي ” إضافة لدور المحاور المتناقضة والمتعارضة لبعضها البعض “.
ولطالما أن الوضع العام في سوريا لم يطرأ عليه أي تغيير ( فالحرب مستمرة على أشدها, وعملية التفاوض لم تتقدم في جنيف, والمعارضة السورية في حالة ضعف مخيف, والنظام متشبث بموقفه تجاه الثورة والحل العسكري للأزمة, والإرهاب في حالة التوسع ), ولطالما الحركة الكوردية في حالة عجز كما أسلفت, فإن الأحزاب والأطر الكوردية ترى أن الحفاظ على موقعها الحالي أفضل خيار, لطالما أن قضيتهم وكأنها إنفصلت عن الأجندات الفاعلة داخل الحركة, ويبقى طرع شعار وحدة الصف الكوردي نوع من دفع اليأس عن النفس, ونوع من اللهو في بعض الأحيان.. أو دفع المسؤلية الذاتية.
إن ما أقدم إليه حزب ( التقدمي ) لتقريب وجهات النظر بين ( المجلس الوطني الكوردي و حركة المجتمع الديمقراطي ) في الآونة الأخيرة, أيضاً لم يتجاوز حدود تبادل وجهات النظر بين الأطراف من دون أن تفتح آفاقاً جديدة للتقارب.. كون الطرفين لهما شروطاً تعجيزية تجاه الآخر ” عدا عن كون حركة المجتمع الديمقراطي التابعة لحزب الإتحاد الديمقراطي صاحبة إستراتيجية تتنافى في جوهرها أي مشروع توحيدي أو إطار للتعاون والتنسيق بين الأطراف يحافظ لكل طرف على شخصيته وخصوصيته الحزبية. ولا يخفى علينا أن ( المجلس الوطني الكوردي ) هو الآخر مُنْقاد من قبل الحزب الديمقراطي الكوردستاني ـ سوريا, والذي يتبع للحزب الديمقراطي الكوردستاني ـ عراق بقيادة الرئيس مسعود البرزاني, والذي على خلاف جوهري مع حزب العمال الكوردستاني ـ تركيا الآمر الناهي لحزب الإتحاد الديمقراطي في سوريا. لذلك أعتقد أن إقامة أي تنسيق أو تعاون بين الطرفين غير ممكن بعيداً عن إقامة تنسيق أو تعاون بين ( هولير وقنديل ), وهذا غير ممكن في المدى المنظور في ظل تجاذبات دولية وإقليمية, والحرب الإعلامية بين قطبي الحركة الكوردية الرئيسيين في ( هولير وقنديل ).
ومما تقدم, أعتقد أن الحركة الكوردية في هذه المرحلة عاجزة عن تقديم أي شيء يخدم قضية شعبنا.. وهي في أجزائها تحاول أن تحافظ على نفسها لطالما عجزت عن تعزيز مكانتها شعبياً وإقليمياً ودولياً. صحيح أن المجلس الوطني الكوردي ومن خلال الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة يتحرك دبلوماسياً في إطارٍ ضيق, إلا أنه عاجز على أن يكون فاعلاً في صياغة قرارات تدفع بالقضية الكوردية نحو آفاق الحل.. وهو في حيرة من أمره أمام العديد من شخصيات ( أعضاء في الإئتلاف ) يحملون في أفكارهم بذور العنصرية وإلغاء الآخر, ولا يختلفون عن البعث الذي عانينا من سياساته طوال أكثر من خمسة عقود. ومع ذلك, يحاول المجلس من خلال حراكه الدبلوماسي كسب المزيد من الجماهير أمام دكتاتورية حكم أنصار الحزب الإتحاد الديمقراطي, الذي يحاول محاصرة نشاطاته في الداخل, وإعتباره قوة معارضة يتعاون مع أعدائه, واتهامه بالخيانة.. وهذا ما يعقد العلاقات بين الطرفين ويبعد آفاقاً للتعاون والتنسيق بين الطرفين في الأمد المنظور. تبقى الأحزاب الأخرى والتي تتحرك وتنشط خارج الإطارين, فإنها أيضاً في حالة عجز لفعل أي شيء يدفع بالقضية إلى آفاق أقرب إلى الحل, كونها لاتمتلك قوة مسلحة على الأرض يُحْسَبُ لها حساب كما يمتلكها حزب الإتحاد الديمقراطي, والتي أصبحت الآن إحدى أهم القوات على الأرض تواجه الإرهاب بدعم دولي.. ولا تشارك المعارضة كما هو الحال مع المجلس الوطني الكوردي, وبالتالي فهي عاجزة عن تحرك دبلوماسي وسياسي على المستويين الإقليمي والدولي. لذلك أعتقد أن الآفاق مسدودة أما حركتنا السياسية في الوقت الراهن, إن لم نرى تحولاً إستراتيجية للدبلوماسية الدولية, وإيداع قضية الكورد على لائحتها, من شأنها تساعد الكورد على لملمة قواها كما حصل في كوردستان العراق مع الإتحاد الوطني الكوردستاني بقيادة الرئيس مام جلال طالباني والحزب الديمقراطي الكوردستاني بقيادة الرئيس مسعود البرزاني في سبتمبر 1998 على يد وزيرة الخارجية الأمريكية مادلين أولبرايت.
2272016