ابراهيم محمود
” من سورات الصقيع العربي إلى فورة الصيف التركية “
هل نحن حقاً على وعي بما جرى ويجري في المنطقة ولو بالمفهوم التجاري ومنذ قرابة ست سنوات ؟
تُرى، ما الذي يبقي الكثيرين منا مسكونين بوحام إراقة الدماء مناظرين الأنظمة القمعية، في ظل يافطات ” ثورية “؟
كيف يمكن النظر، ومن باب المقارنة فيما كان عليه الوضع في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن وحتى سوريا، وما هو عليه الآن؟ كيف يكون حساب المكاسب ” المحمودة ” في علاقاتنا الاجتماعية والسياسية ؟ ومن قبل ساسة كردنا وأمَّعييهم حصراً.
نعم، كان، ولا زال هناك طغيان في المنطقة، ولكن السؤال: هل خفت وتيرة الطغيان، بعد هذا الدمار ومئات الألوف من الضحايا، وملايين المشردين، وما لا حصر له من الجرحى والمصدومين بما يجري؟
لقد انتفى الأمان بصورة كلية أو شبه كلية في المنطقة، فماذا تحقق بالمقابل، لنرفع نخب المحقَّق؟
ربما الذين دخلوا اللعبة بحثاً عن مكاسب مختلفة، من يمكنهم الاعتراض على قول كهذا واعتباره تواطؤاً مع أنظمة القمع!
لنحسبها قليلاً، وعلى مستوى سوريا كمثال حي، ومن الزاوية الكردية وبالنسبة لكردنا:
خروج مئات الألوف من الوطن المشترك لاجئين ومشردين، إلى جانب مئات الألوف وهؤلاء يستحيل عليهم العودة وقد لغّمت المنطقة وتفجرت أحقاداً في ظل متعهدي شعارات ومستثمريها. فأي كردستان نحن موعودين بها؟
انفجار المنطقة بالنسبة لكردها، بحيث إنه يستحيل العودة إلى ما كان وقد امتلأت النفوس جراحات ومكابدات ومخاوف من الآتي، وحيث يستحيل على الكرد المعنيين تأكيد أنهم أصبحوا أكثر قوة، أما من يثب ذلك، فليس في ذلك من غرابة، لأن غواية المصلحة من قبل الذين” بفضل دماء الضحايا والأبرياء الكرد ” أصبحوا ذوي حضور هنا وهناك .
وما جرى ويجري حتى الآن يحفّزنا على تصور وضعية البؤس الكردستانية الروجآفاوية بالذات وقد أصبح أكثر من نصف كردها خارجاً خارجاً، فعن أي كردستان وتحت أي شعار يمكن تصورها أو تخيلها؟
وما جرى في تركيا في ليل 16 تموز 2016 ” من محاولة انقلابية وصفق لها الكثيرون من كردنا، كان تعبيراً عن بؤس وعيهم لمفهوم التحول الاجتماعي والسياسي: أولاً، وهم يربطون الجاري بشخص واحد” أردوغان ” كما هو التفكير السائد حيث لما يزالوا يشددون على دور ” البطل ” الخرافي في التاريخ، وليس الشعب” القطيع “، ثانياً، وكونهم أفصحوا ولما يزالوا يفصحون عما هو انفعالي دون العقلي فيما يمكن أن يحصل لو تفجرت الأوضاع في تركيا.
لا حساب لملايين السوريين، ونسبة كبيرة منهم كرد، وهم يقيمون في تركيا، وما يمكن أن يحصل لهم فيما لو تحول الوضع في تركيا كما هو الوضع السائد في بلدان ” الصقيع العربي “، أي كارثة إنسانية سنشهدها أثر ذلك.
نعم، في ظل المكاسب ” المحمودة ” من قبل الذين يثوّرون الناس قطيعياً، ويندفعون قطيعياً، حتى لو كانوا في” أوربا ” المتحضرة، مشددين على لزوم التخلص من طغاة المنطقة مهما كانت التضحيات، طبعاً لأن عائلاتهم والكثيرين من أهاليهم في مأمن من كل سوء، فأين يقف الطغيان بالمقابل أيضاً هنا يا ترى؟
في ظل هذه النوعية الاستثنائية من المكاسب، ستعدُنا الأيام القادمة بالأسوأ مادياً ومعنوياً، وكل مجزرة أو مأساة كردية ومرابوها من الساسة وكتّابهم الكرد بمزيد من المكاسب!
دهوك- في 17 تموز 2016