د. محمود عباس
نتمم في هذه الحلقة تحليلنا للسيد دي مستورا…
4- إما أن المنظمة الإرهابية (داعش) ليست بتلك القوة التي تطبل لها القوى الإقليمية والدولية ولهم من ديمومتها أجندات قذرة، أو إذا كانت بتلك القوة فعلا فكيف سيقف أمامهم جيش يجند من نسبة لا يتجاوز 2% من سكان سوريا أي نصف مليون، استنادا على الفرضية التي يقال أن الأخرين من الكرد لا يشتركون مع الإدارة الذاتية في تشكيل هذا الجيش! .
5- وسنأتي إلى الخلفية المتوقعة، والتي تعلمونها، وهي أن القوى الكبرى جندت هذه الفكرة لغايتين: أولها ترهيب المعارضة ومعهم القوى الإقليمية وسلطة بشار الأسد، من الكرد، بأنهم وبهذه النسبة البسيطة سيتمكنون من فرض أجنداتهم عليكم، وتشكيل الفيدرالية، واللامركزية، فيما إذا لم تتفقوا وتشكلوا حكومة موحدة لسوريا، قادرة على الوقوف أمام المد الكردي.
والثانية موجهة إلى الكرد ذاتهم، وهي يا أيها الكرد أن قوتكم في الحقيقة، وليست النسبة التي صرحتم بها عن قصد للتصغير ليس إلا، ليست بتلك الكثرة بحيث ستقف أمام قوة داعش والقوى الإقليمية التي تريد الشر لكم، فعليكم الرضوخ بما سيملى عليكم من شروط، وقبول المحاورات التي ستجرى في جنيف القادمة، وأن مطالبكم بالفيدرالية والمرفوضة من القوى الإقليمية والمعارضة والسلطة جميعها غير مقبولة ويجب عليكم تقبل الرفض والرضوخ لما سيقدمونه ضمن الدستور السوري القادم.
6- تعلمون أن الرسالة كانت مطبوخة في الأروقة السياسية الأمريكية والروسية، وهي موجهة للكرد، بأن القضية لا تزال في العمق العسكري، ويجب ألا يخرجوا من جغرافية الإملاءات، كمحاربة داعش، فقضيتكم كشعب وبهذه النسبة القليلة لن تنقلكم إلى الواقع السياسي، وأي انزياح سيجلب لكم المآسي.
ربما ظني يكون في محله، استفزاز الشارع الكردي، وإثارة مشاعره القومية بهذا التصريح، قصدتم من وراءه دفع المعارضة بشكل أوسع، للتعامل مع إملاءات القوى الكبرى. فمن جهة فاقمتم في القضية السورية، وأضفتم قضية أخرى إلى القضايا التي تثار ضمن أروقة جنيف، فعندما يلعلع شخصيات عروبية من ضمن المعارضة لا تقارن بالتصريح الصادر من ممثل هيئة الأمم.
أوسعتم هوة الشقاق بين المعارضة العروبية والشارع الكردي، خاصة حول المطلب الذي رفعه المؤتمر الوطني الكردي لغربي كردستان، المنعقد عام 2006 في بركسل، والذي كان انعكاسا للثورة الكردية في عام 2004م، ووجدوا بناءً على تحليلات ورؤيتهم للمستقبل، أن مشاكل سوريا لن تجد سبيلا للحل إلا بالنظام الفيدرالي واللامركزية، وهنا ضربتم على الوتر الحساس للقوى العربية والإقليمية المعادية لحقوق الكرد، وعليه فأنهم بعض تصريحكم وكمستند دولي رسمي، أوقعتم في أيديهم الحجة، لتصعيد رفضهم لهذا الحل الأمثل لمشاكل سوريا الجارية والقادمة.
وهنا لتفادي هذه المعضلة التي استشريتم من الأزمة المتفاقمة أصلاً، يقضي الجلوس على طاولة الحوار مع الكرد وبـ (شكل رسمي) لمناقشة القضية الفيدرالية، والبحث في خلفية مصادركم واستنادكم على النسبة السكانية للكرد في سوريا، إلى جانب، قضايا أخرى لا بد من عرضها على طاولة الحوار، حينها ومن خلالكم ستؤكد الحركة الكردية لكم وللقوى المعارضة السورية، بأن مخاوف القوى الإقليمية ومعهم المعارضة وسلطة بشار الأسد المفتعل من أن الكرد يخططون لتقسيم سوريا، بانفصال غربي كردستان، ستكون خالية من المصداقية، وبدون تحاوركم مع الكرد فلن تبلغ الحوارات أهدافها.
لا أعتقد أن الحركة الكردية السياسية، رغم أنها أدوات، أن تكون بتلك السذاجة، لترتمي بشعبها إلى التهلكة، فأغلبية الشعب الكردي يعلم تماما أن انفصال المنطقة الكردية ليست سوى عملية انتحار ذاتي، ولا أظن أن الكرد سينتحرون بهذه السذاجة، ولابد من إقناع الأخرين أن الفيدرالية هي الخطوة الاستباقية الوحيدة لعدم تقسيم سوريا، والتي ستحفظها من التفتت، وأنكم تعلمون ما تعني النظام الفيدرالي وإيجابياته لدولة بنسيج متنوع كسوريا. لهذا فإنني أطالبكم بعقد جلسات مع القوى الكردية التي ترونها الأنسب في الحوار، دون الرضوخ لإملاءات القوى الإقليمية، والاعتذار ومن ثم تصحيح ما ورد في تصريحكم وبالتالي رؤيتكم حول الشعب الكردي وقضيته، والتحرر من رؤية المعارضة السورية وسلطة بشار الأسد والقوى الإقليمية حول الكرد وجنوب غربي كردستان…
يتبع…
الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com
7/2/2016م