حسين جلبي
تقول المعلومات من عدة مصادر، بأن تنظيم داعش إرتكب قبل حوالي عشرة أيام مذبحة بحق مقاتلي وحدات حماية الشعب التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي على مشارف مدينة منبج. كانت وحدات “اليبكا” تعسكر بين أشجار الزيتون، في منطقة غير مؤمنة تبين بأنها كانت كميناً، فقد كانت مليئة بالخنادق والحفر ومفتوحة على كل الاتجاهات، وقد فاجأ الدواعش العناصر ليلاً، وخرجوا من كل مكان ليعملوا فيهم قتلاً بأسلحة كاتمة للصوت، وكذلك بالسلاح الأبيض. من بين حوالي خمسمائة مقاتل نجا ثلاثون فقط، وجميعهم مصاب بجروح خطيرة، تركهم الدواعش وشأنهم، لأنهم ظنوا بأنهم لم يعودوا أحياء.
لكي لا تلفت الإنتباه وتثير الأسئلة، عمدت الجماعة الآبوجية خلال الأيام الماضية، ومنذ وقوع المجزرة إلى دفن ما بين خمسة وعشرين إلى ثلاثين من الضحايا بشكل يومي في مقابرها الكثيرة التي باتت منتشرة في كل مكان، والتي تتوسع كل يوم، ويقول من أمكنه الإطلاع على خبايا الأمور، بأن الكثير من جثث الضحايا كانت دون رؤوس، وبأنه جرى تقطيع أوصال الكثير منها والتمثيل بالجثث.
لقد إستهلكت المغامرة التي وضع حزب الاتحاد الديمقراطي، بزعامة صالح مسلم كُرد سوريا في دوامتها، وجبهة المعارك الطويلة التي نثرهم عليها كل إمكانياتهم المادية والبشرية، جفت كل الينابيع وأصاب التصحر كل أوجه الحياة، لم يعد هناك شبان قادرون على حمل السلاح، لدرجة أن عمليات الخطف والتجنيد القسري طالت حتى الأحداث ما دون سن الثامنة عشر، أما الفئة العمرية التي يعول عليها في البناء، وفي إستمرار الحياة فهي إما تقاتل على جبهات الحزب العبثية أو فر من تمكن منها إلى خارج البلاد، نتيجة عدم الإيمان بالمشروع الذي يطرحه البيدا، والذي كلف الكُرد كل شئ ولم يجلب لهم بالمقابل أي شئ، بما في ذلك الأمان، أو حتى أبسط شروط الحياة من ماء وخبز وكهرباء. وهكذا أصبحت البقية الباقية من الكُرد في المنطقة إما من كبار السن، أو من مناصري الحزب أو حواشيه، الذي يقومون بتسيير أموره الإدارية، والتي تعتبر الدعاية الحزبية النارية عمودها الفقري، وعمليات التجنيد القسري وتحصيل الأتاوات من الكُرد أهم وجوهها، وهذا الأمر الأخير تحديداً هو ما أدى إلى فقر مدقع أصاب حتى الطبقة الغنية في المجتمع الكُردي، وإلى بروز طبقة حزبية آبوجية فاحشة الثراء وتمتلك كل شئ، من الملايين إلى القصور والسيارات الفارهة، والتي تحميها بسلاحها الحزبوي، وطبقة أُخرى من المواطنين الكُرد الذين لا يملكون شئياً، لا بل فقدوا كل شئ كانوا يملكونه.
وبالعودة إلى ما جرى في منبج قبل أيام، والذي أدى إلى زج عناصر من قوات الآسايش، التي يقتصر دورها على الأمور الاستخباراتية في المعارك، حيث تم إرسال ثلاثمائة وخمسون عنصراً إلى المدينة التي يسيطر عليها داعش، وكانت النية تذهب إلى إرسال المزيد، إلا أنه حصل شبه تمرد بين قادة هذه الميليشيا، التي يعتبر معظم قياداتها من العناصر الأكثر قرباً من النظام، إذ تمردوا ورفضوا الذهاب إلى منبج.
هل يعتبر تفجير القامشلي اليوم رسالةً من النظام إلى حزب الاتحاد الديمقراطي، بكل فصائله وتشكيلاته بأن مهمته تنحصر في تنفيذ ما يطلب منه دون إحتجاج، وبأنه ـ أي النظام ـ هو المالك الحصري لمصير القامشلي وأمنها وحتى لإقدار الحزب؟ أم هي رسالة الآسايش إلى زملائهم في وحدات حماية الشعب، أو من بعض أجنحتها إلى أُخرى، ومفادها أن المدينة تحتاجهم أكثر من جبهة منبج، ولذلك عليهم البقاء فيها لمنع تفجيرات أُخرى قد تكون قادمة؟ أم هي عملية إنتقامية من داعش، بناءً على تكليف من النظام نفسه، تقوم على دعوة الحزب إلى المنازلة في منبج وما ورائها، وبأن عليه، إذا أراد حماية نفسه في معاقله الزج بكل قواته هناك؟ مع التذكير بأن الرسائل كلها، بما فيها تفجير اليوم هي برعاية نظام الأسد.
27.07.2016