أحمد قاسم
إن القضية الكوردية في أي جزء من كوردستان هي قضية شعب أصيل يقيم على أرضه التاريخية. وأن الأحزاب المنبثقة عن الحراك الكوردي على مر التاريخ هي نتاج فعل جماهيري فاعل ” رفض الظلم والإنكار ” من قبل تلك الأنظمة الحاكمة لدى تلك الدول التي ألحق بها جزء من أجزاء كوردستان حسب تقسيمات ظالمة من قبل الإستعمار, وآخرها مدرجات إتفاقية ( سايكس بيكو ) السيء السمعة والصيت.
وأن أي حزب مهما عظمت شأنه لا يمكن أن يختزل القرار الكوردي الشعبي والجماهيري بوجوده ” كحزب “, ولا يمكن أن يمثل إرادة الشعب ” إيديولوجياً “, فشعبنا بعيد عن الإيديولوجيات المفترضة والتي تفرض من قبل البعض على الشعب ” مدرجاً على أنها فوق الإرادة, أو أنها صانعة لإرادة الشعب ” بصورة إفترائي. كون قضيتنا ليست قضية إيديولوجية ” كونها قضية وجود لشعب يملك الكثير من الأفكار والمعتقدات, وبالتالي, يناضل من أجل الحرية وتقرير المصير “. أما الذين يريدون إختزال هذه القضية على أنها قضية حزب بعينه, وقضية فكر ومعتقد بعينه, فهم لا يمثلون بأي شكل من الأشكال جوهر قضية شعبنا, وفي أجزاء كوردستان الأربعة.
وفي المقابل, الأنظمة الحاكمة التي هي الأخرى تختزل قضيتنا بوجود حزب واحد ولا ترى مخاطباً عند طرح مشروع حلٍ سياسي لقضيتنا إلا ذاك الحزب, ضارباً وجود تيارات وأحزاب ورموز إجتماعية وفعاليات المجتمع المدني لدى شعبنا عرض الحائط, أعتقد أن هذه الأنظمة ليست جادة في حل قضيتنا حلاً عادلاً وشاملاً, إنما تسعى من خلال ذلك إلى إجهاض الفعل النضالي لدى جماهير شعبنا لطالما أن شريكها في الخطاب ظناً منها على أنه مسيطر على إرادة الشعب وفعله النضالي. وبالتالي, بمقدور تلك الأنظمة أن تفصل الصراع على مقاساتها, وتقسم الصراع إلى مراحل تتكيف به وفقاً لسياساتها الإقصائية والشوفينية البغيضة.
ومن أجل أن ننتج ممثلية لإرادة شعبنا, وننتج من نضالاته فعلاً مؤثراً على قرارات الأنظمة الحاكمة, لابد أن نحشد أكبر قوة جماهيرية من حيث الحشد الشعبي, ومن مختلف الآراء والأفاكار والمعتقدات ” فقط أن يكون الهدف الجامع هو تحرير الشعب من الإضطهاد العنصري, وتحويله إلى حاكم يحكم نفسه بنفسه, وذلك من خلال تملكه لحقه في تقرير مصيره بنفسه “. أما قضية ” الإيديولوجيات ” علينا ترحيلها إلى مرحلة ما بعد التحرير. يجب أن يكون الإطار الجامع هو إطار قومي يهدف إلى الحرية وحق تقرير المصير وفقاً لمشروع قومي جامع, تشارك في صياغته غالبية القوى الفاعلة ( السياسية والإجتماعية والثقافية والإقتصادية ). وذلك, ومن كل بد, أن يحترم كل جزء من أجزاء كوردستان خصوصية الجزء الآخر, مع مراعاة ظروفه الموضوعية والذاتية. وأن الخلط بين الأجزاء وتقديم جزء ضحية للجزء الآخر تلبية لأجندات حزبية, أعتقد أنه ضرب من الإنتحار على المستويين الذاتي كحزب, وشعب كقضية بشكل كامل.
أعتقد, نحن نمر بفترة صعبة جداً, وظروف دقيقة ومتحولة أكثر جدية. فالعاصفة التي تضرب منطقتنا أكبر من حزب بذاته, وكذلك أكبر من شعب لذاته. فإن شعوب المنطقة مستهدفة بأكملها, ونحن في قلب العاصفة. لا يمكن أن نعزل أنفسنا عن العموم, وننحشر في زاوية معزولة. نحتاج إلى شركاء فعليين, الذين مصيرهم مرتبط بمصيرنا, وذلك ( داخلياً وإقليمياً ودولياً ) مع الحذر والتحفظ الشديدين. كون الظروف متقلبة كما أسلفت. علينا قراءة الحقائق بشكل أدق, ونجرد حساباتنا أكثر دقة. من منطلق, ” أن لعبة الأمم لا ترحم عند تقاسم المصالح ” ومن خلال ذلك علينا تحديد موقع ووجهة مصلحة شعبنا, وكذلك تحديد شركائنا الإستراتيجيين, مع عدم إهمال التعاون المؤقت مع من سيكون مسانداً لمسيرتنا نحو تجاوز الصعوبات بصورة مؤقته. هكذا تكون السياسة. علينا أن لا نفوت علينا أية صغيرة أو كبيرة. كون الصغائر في بعض الأحيان أهم من أكبر الكبريات.
لذلك, كلنا مدعوون لمراجعة سياساتنا, كوننا لانمثل بشكل إفرادي إلا أنفسنا, وبذلك نفقد شرعية التمثيل لإرادة شعبنا, وبالتالي نسيئ إلى قضيتنا المشروعة التي قضينا العمر من أجلها في النضال.
هنا أجنح إلى الجزء الملحق بسوريا, وأنبه كل الأحزاب الفاعلة جماهيرياً, والناشطين فيسبوكياً, والذين تشكلوا على الأنترنيت.. عندما أرى قائمة بأسماء الأحزاب ( أخجل في حقيقة الأمر من أنني أنتمي إلى حزب من هذه الأحزاب ).. ألم تخجلوا من أنفسكم, إخجلوا من شعبكم الذي سيبصق في وجهكم يوماً من الأيام.. وأكتفي.
وأعود إلى المجلس الوطني الكوردي وحركة المجتمع الديمقراطي العائدة إلى حزب الإتحاد الديمقراطي.. أنكما لن تمثلان إرادة الشعب الكوردي, وأنتما على هذه الشاكلة من أمركما.. عودوا إلى شعبكما في كوردستان سوريا, ووكلوا أمركما لهذا الشعب لتنالوا ثقته, وبعد ذلك ستتجرؤون أن تتكلموا بأسمه.. عند ذلك سترون أن حزبي الذي أنتمي إليه ( الحزب الديمقراطي التقدمي الكوردي في سوريا ) ومنذ نعومة أظافري, يقيناً مني سأحقق الحرية لشعبي.. سيكون جزءً منكما. فلا سبيل لنيل الحقوق إلا بتوحيد كلمتنا. أما أن يختزل كل منا هذه القضية بوجود حزبه, عند ذلك نقف في صف الخيانة لشعبنا وقضيته العادلة, لأن قضيتنا لا يمكن أن ننتصر بها إلا عندما نكون ممثلين شرعيين لهذه القضية المشروعة.
2/9/2016