ما هو الحزب..وكيف هو الواقع السياسي الكردي.؟!

دهام حسن
ما دعاني للكتابة في هذا الموضوع، هو هذا الكم العددي الهائل من الأحزاب القومية الكردية، وهذا التوالد غير الشرعي من الأحزاب في مناطق عديدة من سوريا حيث يتواجد شعبنا الكردي، فهل يصح أن نطلق على هذا الكم العددي الكبير تسمية أحزاب سياسية.؟ وبالتالي ما هو الحزب السياسي كما هو متعارف عليه؟ بالعودة إلى بعض المعاجم المترجمة، حيث جاء في أحدها من أن الحزب عبارة عن (تنظيم اجتماعي طوعي من تحالف أناس يعتنقون فكرة واحدة، وفي العادة يعمل أعضاء الحزب سوية، ويخضعون تصرفاتهم للانضمام الحزبي، ويصبو الحزب على الدوام لبلوغ أهداف سياسية محددة..) ولا يفوتنا التنويه من أن لكل حزب سياسي نظاما داخليا ينظم شؤون أعضاء الحزب التنظيمية، وأيضا لابد أن يكون للحزب برنامج مرحلي، وغالبا ما يتضمن أهدافا استراتيجية يناضل في ضوئه الأعضاء، فبهما يسترشد الحزب، ويناضل الرفاق..
وهنا لابد لنا من التنويه، من أن غالبا ما تطرح الأحزاب القومية في الدولة المتعددة القوميات، تطرح أهدافا قومية مشروعة، لكن تبقى المصالح الوطنية والاجتماعية وربما الطبقية من مرتكزات نشاط هذه الأحزاب..
هناك بعض المنظرين البرجوازيين من يحاول نفي سمة الطبقية عن طابع النضال لهكذا أحزاب، فلا يرون في الحزب سوى (تجمع لأناس لهم آراء موحدة حول هذه أو تلك من المسائل بغض النظر عن مواقعهم الطبقية..) وهذا الأمر برأيي مسوّغ لحّد ما جرّاء توافق صفوف الأفرقاء في المواقف والآراء لمرحلة زمنية محددة ربما، ولأهداف قد تكون آنية مرحلية..
إذا عدنا إلى الحالة القومية الكردية، وتناولنا الجانب الحزبي، لابد من الإقرار من أن منبت الأحزاب جاء من الريف، ولم تزل عقلية المالك أو عقلية الفلاح في الريف هي المسيطرة، فإذا استثنينا حزبا أو حزبين أو ثلاثة على أوسع تقدير، فلا أحزاب قومية كردية في سوريا، ثمة أحزاب ارتبطت باسم السكرتير، فلا حزب إن أغفلت اسم السكرتير، فقوام الحزب لا يتعدى السكرتير وحوله بطانة من عائلته، فلا وجود للحزب من دونه عدا عن ذلك فإذا ما توسع الحزب مناطقيا فيكون الرداء التكتلي في هذه الحالة مناطقيا، حيث تبقى عقلية المالك هي السيطرة والفعل.. أما برنامج الحزب النضالي فهو إما غير موجود بالأساس، وإن وجد فلم يطّـلع عليه غالبية الأعضاء، ولم يلتزم به الآخرون، أحزاب مرحلية موسمية..تقلّب في المواقف، هذا من خلال مواكبتي للحالة الحزبية، أحزاب صغيرة لا يعرف منها سوى اسم السكرتير، وبالتالي يتحكم في الحزب من يدفع للسكرتير، لا بوصلة يهتدي بوجهتها سوى ما يدفع له، وبالتالي ما الجدوى من البرنامج والنظام الداخلي في هذه الحال، والأنكى من كل هذا، هو اختراق غالبية الأحزاب من قبل سائر الأجهزة الأمنية، وحتى الأمن الإقليمي، فالبون شاسع بين المرتجى والواقع والله يكون في عون شعبنا الصبور المبتلي بهؤلاء السياسيين العابثين، فمثلا بالنسبة للموقف الحزبي من قضايا تطرح على الساحة.. هنا تنتفي المبدئية، وتسود العقلية القبلية، فمن أي حلف أو تحالف تكون تتبعه سياسيا سواء أكان على خطا أم على صواب، كذا كانت العقلية الجاهلية، وقد نظم الحالة شعرا أحد الشعراء في الجاهلية حيث يقول:
وما أنا إلّا من غزيّةَ إن غوتْ…..غويتُ وإن ترشدْ غزيةُ ارشدِ

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس في لحظات التحولات الكبرى، لا يرحم التاريخ أولئك الذين عجزوا عن رؤية الإشارات حين كان بإمكانهم أن يتداركوا المسار، وعلى مفترق المصائر، لا يُقاس القادة بما كانوا يلوّحون به من شعارات، بل بما أنجزوه أو فرّطوا فيه عند الامتحان. اليوم، تقف حكومة أحمد الشرع عند منعطف مصيري خطير، وإلى الآن لا تزال أمامها فرصة حقيقية…

نظام مير محمدي * الجدية والحسم، مطلبان غربيان صارا يفرضان نفسهما على أي حوار أو تفاوض مع النظام الإيراني بشأن برنامجه النووي، ذلك إن هذا الموضوع قد إستغرق وقتا أطول بکثير من ذلك الذي يستحقه ويتطلبه. منذ أن بدأ الغرب بالتفاوض مع النظام الإيراني من أجل معالجة سلمية تضع حدا لظلال الشك المخيمة على برنامجه النووي، فإن الضبابية والغموض کانتا…

ألبيرتو نيغري النقل عن الفرنسية: إبراهيم محمود ” تاريخ نشر المقال يرجع إلى ست سنوات، لكن محتواه يظهِر إلى أي مدى يعاصرنا، ككرد، أي ما أشبه اليوم بالأمس، إذا كان المعنيون الكرد ” الكرد ” لديهم حس بالزمن، ووعي بمستجداته، ليحسنوا التحرك بين أمسهم وغدهم، والنظر في صورتهم في حاضرهم ” المترجم   يتغير العالم من وقت لآخر: في…

شادي حاجي مبارك نجاح كونفرانس وحدة الصف والموقف الكردي في روژآڤاي كردستان في قامشلو ٢٦ نيسان ٢٠٢٥ الذي جاء نتيجة اتفاقية بين المجلس الوطني الكردي السوري (ENKS) واتحاد الأحزاب الوطنية (PYNK) بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي بعد مفاوضات طويلة ومضنية على مدى سنوات بمبادرات وضغوط كردستانية واقليمية ودولية وشعبية كثيرة بتصديق وإقرار الحركة الكردية في سوريا بمعظم أحزابها ومنظماتها الثقافية…