المثقف .. والحزب السياسي..!

دهام حسن
الحزب أي حزب كان، لا يقوّم بعدد أعضائه، لكن بنضاله السياسي أولا رغم أهمية العدد، كما يقوّم من خلال كفاءات كوادره، فالحزب الذي يعجز عن إيلاد كوادر قديرة، واعية، غير جدير أن يظهر على مسرح النضال، الحزب الذي يعجز عن تقديم الكادر المثقف من بين صفوفه، ليأخذ مكانه في صفوف متقدمة من حلبة النضال، لن يستمر ولن يكتب له التواصل والديمومة، وسينحسر عن الواقع ولو بعد حين، الحزب الذي يمضي في تأبيد السكرتير العام، أي جعل بقائه إلى الأبد، لن يخلق إلا كوادر انتهازية متملقة إمّعة دون رأي، ويفضي إلى توالي الانشقاقات.. هذا غيض مما يحضرني من الواقع الحزبي الكردي..
أما عندما نتحدث عن المثقف الكردي، وعلاقاته بواقع الأحزاب الكردية، نعني به المثقف العضوي بتعبير غرامشي، المثقف الملتحم بقضايا مجتمعه، العامل في حقول الفكر والنضال والسياسة بخلفية معرفية متخطيا بهذا ميدان تخصصه، المثقف هو المستوعب للثقافة بقدر ما، والممتلك لقدرة التفكير، واستنباط الأفكار، والخلوص للتصورات والرؤى، يرى غرامشي يمكن اعتبار كل الناس مثقفين لكن ليس كلّ واحد فيهم يمكن أن يؤدي وظيفة المثقف، فالمعلم ورجل الدين والإداري يمكن اعتبارهم مثقفين، لكنهم لا يمارسون دور المثقف المنخرط في قضايا شعبه ومجتمعه، وفي السياق ذاته لا بد ان نلمّح إلى أهميّة وضرورة التعاطي والتواصل بين المثقف والقيّمين على الأحزاب، إذا كانت السلطات الاستبدادية ترغم المثقف بالإكراه، فلا يعجبه سوى الثقافة الامتثالية، أما أحزابنا القومية، فتدجين المثقف يتم عن طريق الإغراء، وسرعان ما يستجيب له المثقف الانتهازي، الضحل الثقافة، الرخيص البضاعة، تراه ينادم المسؤول الحزبي في موائده العارمة، متناسيا دوره النضالي والاجتماعي، وربما تلقّى منه دريهمات قليلة، ليغادر بعده ساحة الشرف والنضال ممتهنا قلمه الشريف بموائد اللئام.. وما كان أمامي سوى العتاب فحسب، وقد قلت ذلك شعرا في نصين أقتطع مقطعا من أحدهما..
فلا نديمي راغب أن يحتسي من قدح.. 
بها زلالا أشربُ
ولا أنا بقادر أن أحتفي بساحةٍ.. يسرح فيها
ثعلب ويلعبُ
أعاتب الخلان في سقطاتهم .. مرٌّ عليَّ وعظهم
والعتبُ
بئس الفتاتُ نكهة زائلة.. إن الطّوى في شرف لخصلةٌ
محمودةٌ ولو يدوم السغبُ 
فلا أنا بناطح لصخرةٍ يرى به من سقطوا منجى
لهم ومنهلُ

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس في لحظات التحولات الكبرى، لا يرحم التاريخ أولئك الذين عجزوا عن رؤية الإشارات حين كان بإمكانهم أن يتداركوا المسار، وعلى مفترق المصائر، لا يُقاس القادة بما كانوا يلوّحون به من شعارات، بل بما أنجزوه أو فرّطوا فيه عند الامتحان. اليوم، تقف حكومة أحمد الشرع عند منعطف مصيري خطير، وإلى الآن لا تزال أمامها فرصة حقيقية…

نظام مير محمدي * الجدية والحسم، مطلبان غربيان صارا يفرضان نفسهما على أي حوار أو تفاوض مع النظام الإيراني بشأن برنامجه النووي، ذلك إن هذا الموضوع قد إستغرق وقتا أطول بکثير من ذلك الذي يستحقه ويتطلبه. منذ أن بدأ الغرب بالتفاوض مع النظام الإيراني من أجل معالجة سلمية تضع حدا لظلال الشك المخيمة على برنامجه النووي، فإن الضبابية والغموض کانتا…

ألبيرتو نيغري النقل عن الفرنسية: إبراهيم محمود ” تاريخ نشر المقال يرجع إلى ست سنوات، لكن محتواه يظهِر إلى أي مدى يعاصرنا، ككرد، أي ما أشبه اليوم بالأمس، إذا كان المعنيون الكرد ” الكرد ” لديهم حس بالزمن، ووعي بمستجداته، ليحسنوا التحرك بين أمسهم وغدهم، والنظر في صورتهم في حاضرهم ” المترجم   يتغير العالم من وقت لآخر: في…

شادي حاجي مبارك نجاح كونفرانس وحدة الصف والموقف الكردي في روژآڤاي كردستان في قامشلو ٢٦ نيسان ٢٠٢٥ الذي جاء نتيجة اتفاقية بين المجلس الوطني الكردي السوري (ENKS) واتحاد الأحزاب الوطنية (PYNK) بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي بعد مفاوضات طويلة ومضنية على مدى سنوات بمبادرات وضغوط كردستانية واقليمية ودولية وشعبية كثيرة بتصديق وإقرار الحركة الكردية في سوريا بمعظم أحزابها ومنظماتها الثقافية…