صلاح بدرالدين
كان التضامن بمايشبه الاجماع مع الصحافية الكردية السورية السيدة – رنكين شرو – بعد تعرضها للمعاملة السيئة من جانب أسايش أو جهاز قمع – سلطة الأمر الواقع – السيء السمعة على معبر سيمالكا الحدودي واذا كان لاخلاف حول كون هذه الناشطة الاعلامية الرزينة تستحق كل التقديروالمسيئين اليها كل الادانة فان مسألة التصدي لخطايا وانحرافات تلك السلطة الاستبدادية ومواجهة سياسات حزبها الحاكم الواحد المدمرة وتصرفات أجهزتها ومنظوماتها الأمنية المتعددة الأسماء والمرتبطة مركزيا بقيادة قنديل العسكرية عبر غرف عمليات أمنية متعددة تشارك فيها أطراف ايرانية وسورية يجب أن لاتكون محصورة بادانة هذا الفعل أوذاك ثم الدعوة الى الهدوء وطي صفحة الماضي .
لو توقفت المسألة على خطأ هنا وسوء تصرف هناك من جانب جماعات سلطة الأمر الواقع المنقادة من الحزب الواحد لكان الأمر بغاية السهولة أما أن تتجاوز كل الأعراف القومية والوطنية والتقاليد السياسية للحركة الوطنية الكردية والنوازع الأخلاقية في الحياة الثقافية والاجتماعية فتعني أن هناك خلل بنينوي وانحراف فكري وردة ثقافية وخطايا سياسية ومن ثم تصرفات مسيئة وممارسات طائشة كنتيجة حتمية لما هو سائد وليست كمقدمة والتي لن تعالج الا بازالة السبب وهنا نجد أنفسنا أمام نهج ارتدادي مغامر متكامل داخل صفوف الحركة التحررية الكردية عامة وفي ساحتنا السورية تحديدا علينا مواجهته بشكل جذري وبالعمق فكريا وسياسيا وثقافيا وتنظيميا وجماهيريا وبكل الوسائل النضالية المشروعة .
لقد وصل الأمر بأصحاب هذا النهج المغامر الى دفع الكرد السوريين نحو موقع المهادنة مع نظام الاستبداد ومعاداة ثورة الشعب السوري وارادته في التغيير الديموقراطي وسوريا الجديدة التعددية التشاركية وتجيير قضية الكرد السوريين لمصالح القيادة العسكرية ل – ب ك ك – في جبال قنديل وصراعاتها الحزبية الفئوية الضيقة مع هذا الطرف الاقليمي أو ذاك بعد أن انخرطت طرفا في محور الممانعة الى جانب نظامي طهران ودمشق وحكومة بغداد والتحول الى جماعات تعمل بالأجرة أحيانا لدى المحتل الروسي وأحيانا أخرى مع التحالف الدولي من دون أي برنامج سياسي واجماع قومي أو توافق وطني أو خطة معروفة حيث تقوم هي بدور التنفيذ ليس الا .
كما تمادى أصحاب ذلك النهج في عملية الاساءة للكرد السوريين ليس برفض ولفظ وقمع الآخر المختلف من أحزاب وجماعات سياسية وفئات وطنية مستقلة وحراك شبابي بل بطي قضيتهم القومية المشروعة كمسألة قومية ووطنية ديموقراطية لاتتجزأ من النضال الوطني الديموقراطي في سوريا الى ملحق بسياسات حزب العمال الكردستاني التركي ومنظومة المجتمع الديموقراطي ( تف دم ) بحسب تسميتهم واستصغارها وتقليصها الى كانتونات حزبية بعد افراغها من كل مخالف سياسي ثم استعداء مكونات الشعب السوري من عرب وتركمان ومسيحيين اضافة الى جميع أطياف المعارضة الوطنية وقوى الثورة ومختلف الأحزاب والتيارات يكفي أنهم نجحوا في تشويه سمعة الكرد السوريين من مناضلين أشداء طوال التاريخ ضد الدكتاتورية ومن أجل التقدم الى شبيحة وفرسان الثورة المضادة .
لقد أصبح أعوان هذا النهج في ساحتنا الكردية السورية الى أشد المعادين لعلاقات الصداقة والتنسيق والعمل المشترك بين قوى وأطراف الحركة التحررية الكردستانية وتخوين ونبذ من هو خارج سياسات ونفوذ واستغلال حزبهم الأم والعمل ليل نهار بالدعاية والاعلام والممارسات السرية والعلنية على هدم وتصفية انجازات شعب كردستان العراق ومعاداة المؤسسات الديموقراطية المنتخبة هناك واعتقال كل كردي سوري يحترم رموزه التاريخيين مثل القائد الكبير مصطفى بارزاني بل الدخول طرفا مع المجموعات الكردية المنقادة من نظام طهران ضد رئاسة وحكومة الاقليم والانحياز الكامل للحشد – الشيعي – المناوىء لشعب الاقليم والعمل معه لاثارة الفتنة والاقتتال في سنجار .
عندما زج أنصار هذا النهج ( وهم خليط من بقايا محبي أوجلان وعناصر الأمن السوري ومعادي الحركة الكردية والعاطلين عن العمل ) بمعظم قواهم العسكرية في أتون الصراع بسوريا في وضع كان جيش النظم يتهاوى وقوى الثورة في مراحل البناء الأولى والحركة الكردية السورية التاريخية تمارس نضالها السلمي ونقلوا بدعم نظامي طهران ودمشق مسلحيهم المدربين من جبال قنديل بمختلف جنسياتهم ( التركية والايرانية والسورية ) الى المناطق الكردية السورية وشغلوا مواقع السلطة ومكاتبها حسب عملية ( الاستلام والتسليم ) أصيبوا بمرض – جنون العظمة – واعتقدوا أن الفرصة سانحة لهم بالانتقام من الجميع الكردي : الشعب والجماهير والتيارات السياسية والشخصيات الوطنية وكل من هو مختلف معهم ومن ثم تسليم المناطق لقيادتهم العسكرية على طبق من ذهب وتحويل مافرضوه من أتاوات وضرائب على الفقراء وأثمان النفط وضرائب التهريب والجمارك الحدودية الى ماوراء الحدود .
وهكذا وأمام تلك اللوحة القاتمة نحن أمام نهج فكري سياسي ثقافي مغامر لايجدي معه الحوار والأخذ والعطاء ولايمكن التسامح مع خطاياه وانحرافاته وممارساته بطيبة قلب أو عبر المناشدات والمجاملات ان أصحاب هذا النهج يعملون الآن بحسب خطط مدروسة بخبرات أولياء أمورهم وليس بالطريقة العفوية فعندما يقومون بحملات الاعتقال والتهديد والملاحقة فانهم يهدفون الى صرف الأنظار عن خططهم الأصلية واشغال الناس والرأي العام لتنفيذ أهداف شريرة أخرى أبعد من ( حميميم ) و ( سنجار ) و ( الاحصاء ) وعلينا الحذر هنا من أصوات ترتفع في مثل هذه الحالات ظاهرها توفيقي مسالم تصالحي من عناصر بين ظهرانينا قد يكون لبعضهم مصالح خاصة ولكنها بالحقيقة هي أصوات أصحاب هذا النهج بالذات وجزء من تكتيكاتهم الاعلامية .
لذلك نعود الى القول مرارا وتكرارا ودائما أن شعبنا أحوج مايكون الى الوحدة والاتحاد في مواجهة كل أنواع مقسمي الصفوف وحركتنا بحاجة ماسة الى عملية جذرية انقاذية في اعادة بنائها من جديد تنظيميا وفكريا وسياسيا وعلى الصعيدين الذاتي والموضوعي وهي قد تأخذ وقتا وهو أمر طبيعي في تاريخ حركات الشعوب ولكن لاسبيل أمامنا غير ذلك .