التقرير السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا عن شهر آب 2016

المشهد السياسي يشير إلى تطورات جديدة على الصعيدين الدولي والإقليمي ، يتجلى ذلك في عدد من القضايا الأساسية منها التراجع السياسي التركي في دورها لمؤازرة التحالف الدولي ومساعيها لعقد صفقات جديدة مع الدول الداعمة للنظام السوري وفي المقدمة منها الاتحاد الروسي وجمهورية إيران الإسلامية ومن ثم الجهود الرامية لتطبيع العلاقة مع النظام السوري ذاته ، كل ذلك على حساب علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوربي بعد محاولة الانقلاب العسكري في الشهر المنصرم متهمة أمريكا بالضلوع في تلك المحاولة الفاشلة كما لم تدخر تركيا أي وسع في التحرك الإقليمي لإحياء الاتفاقات الأمنية على غرار اتفاقية أضنا بين الدول التي تقتسم لكردستان وللشعب الكردي عبر اللقاءات الثلاثية (تركيا ، إيران ، النظام السوري) بغية درء الخطر الكردي المزعوم وتداعياته على دولهم وشعوبهم وخصوصا مخاوف تركيا من الخط الحدودي الفاصل بينها وبين كردستان سوريا ،

 

وتعمل بدأب من أجل إنشاء منطقة عازلة في الأراضي السورية ، وما تدخلها الأخير عسكريا في منطقة جرابلس ذات التواجد التركماني إلا خطوة عملية في هذا الاتجاه ، حيث الاتفاق مع النظام السوري لحظر تواجد قوات ب ي د في غرب نهر الفرات وإخلاء جرابلس من أي وجود لـ داعش وغيرها ، و يذكر أن تركيا ستبذل قصارى جهدها لمنع أي تواجد لـ (ب ي د) بجانب حدودها مهما كلفها ذلك من غال ونفيس ، وأمريكا بدورها تسعى للتوفيق بين مختلف حلفائها بما فيها تركيا كحليف تاريخي لها ..
إلا أن الدول العظمى ولاسيما روسيا وأمريكا لها مشاريعها ومراميها السياسية في ترتيبات جديدة للمنطقة عبر بعض عمليات الفك والتركيب لبعض دول المنطقة – كما هو مسرب – في تعديل مزعوم لخارطة ( سايكس – بيكو ) تلك المشاريع والأهداف الحائلة دون تنفيذ الأجندات المتعارضة ، أي أن الترتيبات تلك ما هي إلا حصيلة توافق بين الدولتين المذكورتين وبمؤازرة المجتمع الدولي والقوى الإقليمية المساندة لها والتي هي الأخرى لها مصالحها في تلك الترتيبات ..
وبمعيار تلك الترتيبات فإن معالجة الأزمة السورية قد تستغرق وقتا لأنها الساحة السياسية الأنسب للانطلاق منها لوضع أسس بناء المستجدات السياسية الإقليمية منها والدولية ، إلا إذا أخذنا في الحسبان التدخلات المباشرة لمعالجة الجانب الإنساني وما يقتضي المزيد من تضافر الجهود لمؤازرة الشعب السوري في محنه ومآسيه ، أو لوضع الحلول السياسية الأولية لهذه الأزمة أو فرض أسس ومبادئ دستورية لبناء الحياة السياسية الجديدة لمستقبل سوريا لحين استكمال شروط الحل السياسي الأنسب لسوريا من جهة ولتوفير شروط تلك الترتيبات العامة من جهة أخرى ..
وعلى الصعيد القومي الكردي ، ورغم أحابيل الدول المقتسمة لكردستان فإن قضية شعبنا الكردي تتقدم باضطراد و قد تأخذ حيزا هاما من اهتمامات المجتمع الدولي ، حيث العديد من الدلائل تشير إلى أنها تكون جزءا من تلك الترتيبات المرتقبة بالرغم من المواقف والممارسات الكردية المتباينة بين مؤيد لهذا الطرف أو ذاك وبين مناوئ لهذا الاتجاه أو ذاك ، ولعل جولة المناضل مسعود بارزاني في عدد من عواصم الدول الجارة منها والأوربية الصديقة ولقاءاته مع قادة تلك الدول وصناع القرار تقع في صلب تلك الترتيبات ، ودليل آخر على أن أزمات المنطقة لن تحل بمعزل عن قضية شعبنا الكردي ..
وفي ظروف كتلك التي تمر بها المنطقة عموما وتجتازها سوريا بكل مكوناتها و يعيشها شعبنا الكردي خصوصا ، والتي تقتضي المزيد من التفاهم نحو توحيد المواقف وتعزيز الصفوف والطاقات لمواجهة قوى الإرهاب والظلام والتصدي بحزم لمهام المرحلة بكل تجلياتها واستحقاقاتها ، إلا أن ما يحصل هو خلاف ذلك بل على عكسه بالتمام والكمال ، فـ ( ب ي د ) إلى جانب خوضه المعارك هنا وهناك ويزعم أنه مستهدف من أكثر من جهة ومع ذلك يرضى باستنزاف طاقاته في أماكن خارج نطاق تواجده كما في منبج وغيرها ليسلمها إلى المكونات الأخرى بعد الخسائر التي مني بها ، وهدر إمكاناته في معارك هامشية يفتعلها النظام كما يحصل بشكل متكرر في مدينة الحسكة وآخرها ما جرى خلال النصف الثاني من شهر آب الجاري بغية خلق المزيد من القلاقل بتشريد سكانها وعلى أمل تهجير الكرد لتغيير الطبيعة الديموغرافية لصالحه ، وأمام هذا الوضع وبدلا من مناشدة الأخوة للكسب السياسي والإعلامي يتعمد مسلحوه إلى اختطاف قيادات وأعضاء حزبنا وحزب يكيتي الشقيق و ليزج بهم في غياهب الزنازين ، وأين ؟ وكيف ذلك ؟ فلا عجب من أمرهم لأن ليس هناك أدنى وازع من أخلاق الكردايتي حيث تم ذلك إثناء استقبالهم موكب الشهيد البيشمركة (حبيب قدري ) بغية تشييعه ليوارى الثرى في مقبرة العنترية بمدينة قامشلو الجريحة ، لنسألهم أهكذا تكرمون الشهيد والشهداء ؟؟
وفي السياق ذاته ، فإن مجلسنا الوطني الكردي لن يدخر أي وسع من أجل المزيد من فضح ممارسات ( ب ي د ) ورجالاته تجاه حزبنا وأحزاب ومكونات المجلس الوطني الكردي في سوريا ، كما سيظل يواصل نشاطاته وفعالياته السياسية في الداخل والخارج وفي المحافل الدولية وسيستمر بهمة واقتدار في أداء دوره عبر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ، كما لن يتوان عن تجديد آلياته على طريق تعزيز دوره النضالي ، فقد خرج في اجتماعه الأخير بعدد من القرارات الهامة التي تساهم في توسيعه والارتقاء به إلى المستوى الأنسب من أهمها إقرار عقد المؤتمر الرابع للمجلس في الموعد المناسب ، وشكل بهذا الخصوص بعض اللجان للوثائق الأساسية ( البرنامج السياسي واللائحة التنظيمية ) وسيتم تشكيل لجنة أخرى لوضع التقرير السياسي بغية استعراض نشاطات المجلس بين المؤتمرين وأهم العراقيل والعقبات التي اعترضت مسيرته لمعالجتها والوقوف عند الجوانب الايجابية لترسيخها وتعزيزها ، كما أكد الاجتماع على أهمية المجلس الوطني الكردي ودوره السياسي كشخصية اعتبارية لها وزنها وأهميتها في اللقاءات والمحافل الدولية والإقليمية ينبغي الحفاظ عليه وتطويره ما أمكن ..
28 / 8 / 2016
المكتب السياسي
للحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…