هبَّة الـ«مليون» توقيعاً كُردياً !!

 ابراهيم محمود
يدل الرقم ” مليون ” على الكثرة العددية، ولكم أتألم عند قراءته، وأتحفظ عليه في الآن عينه. تذكَّروا الهجرة المليونية لكردنا، تذكروا المساعي الحثيثة وراء قول القائل” سنحشد مليوناً في المظاهرة أو المسيرة الفلانية “، ولتكون هبَّة الـ” مليون ” توقيعاً كردياً، كما أطلِقَت بعيارها الاستنفاري الكردي الروجآفاوي منذ أيام، من قبل ” ENKS “، وإظهار الحضور الكردي للمعنيين به عند ذوي القرارات الدولية، وتحديداً على ” مدخل ” جنيف ” 25 كانون الثاني 2016، تعزيزاً لهذا الرهان القديم- الجديد طبعاً!
رب سائل يسأل، وماذا يُراد مما تقدَّم؟ أو لا يعتبَر هو نفسه هبَّة ؟ لنتحاور قليلاً:
أولاً ، لست رافضاً لإجراء من هذا النوع، إنما لفكرته وما يعتقَد أنه سيغيّر في مواقف صنّاع القرارات الدولية، وهذا مؤسف جداً، لأن المعنيين بالشأن الكردي الروجآوي المنقسم على نفسه، يريدون أن يظهروا لكردهم أن أولئك الساسة الدوليين الكبار يجهلون ما يجري، وهذا وهم بالتأكيد، إذ إن لعبة السياسات الدولية هي التي تضيء رقعة ما، وتعتّم على سواها، وربما تكون أكبر منها بالمقابل، أي إنهم يعلمون بكل شاردة وواردة في هذا السياق، أكثر من الكرد أنفسهم.
ثانياً، حين يُزجُّ بهذا الإجراء الاستنفاري في حلبة المنافسات التحزبية، وما في ذلك من تقاسم القوى الكردية. ولعلّي أشك هنا في بنية المسعى، لأن الجهود التي ستبذَل، وهي مكلفة ومتعِبة، ستدخل في هذا المسار: الساحة لمن؟ توجد مأساة هنا، على مستوى التعامل مع القضية! وربما أكون كلّي العلم على أن تصرفاً كهذا، قد يأتي اضطراراً وضعف حيلة، واختباراً للقوى الفاعلة والمفعّلة في هذا المضمار، ولكن ذلك قد يشغل الكرد جانبياً أكثر مما يوحّد صفوفهم.
ثالثاً، ما أخشاه، هو أن يكون هذا الإجراء بدوره في نطاق ” البروباغندا ” التحزبية، وعقْد لقاءات،  واستقطابات ومناورات وسجالات وحتى إلهاء الكرد عن حقيقة الجاري، وهو تشرذمٌ كردي قياسي في الوضع الراهن.
نعم، يمكن للمفوَّه خارجاً، أن يكون له دور: في أهلية الحوار وشد الأنظار وتأكيد الحضور، لكن الساحة الدولية وما تفترضه من لاعبين دوليين، تسمّي مواقعهم، قبل تسميتهم بأسمائهم بأكثر من معنى، مثلما أن رموز القوة الدولية يُعرَفون بدولهم أكثر مما يعرَفون بأسمائهم.
مختصر القول، ثمة ملاحظتان جديرتان بالتوقف عندهما:
الأولى، ليس هناك في الأفق المنظور ما يشجّع على أن تغيُّراً ملموساً، على مستوى دولي، قبل كل شيء، في الموقف من القضية الكردية، لعقْد آمال وتصور الانعطافة التاريخية كردياً.
الثانية، وهي تعني الكردي دون استثناء، وهي أنه في الوقت الذي تعتمد اللعبة الدولية على قواعد دولية وطبيعة مواقع القوة الفاعلة في تحريكها وإدارتها، فإن ما لا يجب تجاهله هو أن تمثُّل الكرد لحقيقة وهي أن ليس من قوة مؤثرة ولافتة لأنظار اللاعبيين الدوليين ذوي المكانة الخاصة، تعادل تكاتفهم. وربما هنا يمكن إدراك المأساة الأكثر خصوصية لكرد، والتي بناء عليها ينظّم كثيرون ممَّن يتقاسمونهم جغرافياً وديموغرافياً وسياسياً حيث يتواجدون، وعلى صعيد دولي، قواعد اللعبة بالذات، ومن يمكن أن يفوز  أو يجب أن يفوز ويتم إسناده حتى قبل مشاركته في اللعبة، لأن الجغرافيا الدولية لم تهدأ يوماً تحت وطأة المراهنات السياسية ولعبة القوى المختلفة الأبعاد هنا وهناك .
دهوك- في 16 كانون الثاني 2016

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…