إبراهيم محمود
” إلى رئيس حكومة إقليم كردستان العراق مباشرة، مع التحية طبعاً “
أقولها بالفم الملآن، من موقعي كباحث ومتابع لما يجري في إقليم كردستان منذ شهور طويلة، حيث الأزمة المالية تتفاقم، والمنتشون بلعبة الكراسي وغواية الظهور الإعلامي: التلفزيوني خاصة، لا ينفكّون يستمرئون لعبة طمأنة أهلهم، شعبهم، كردهم، مَن انتخبوهم من داخل الحزب أو في البرلمان، أقولها: إقليم كردستان على حافة الهاوية! نعم، على حافة الهاوية، إن لم يُبادر، وبصورة سريعة جداً جداً، إلى اتخاذ حل عملي لما يجري، وليس بـ” بخ ” الناس بالكلام المعسول، وهؤلاء لا يُلامون على كلّ ما يمكن أن يَبدر منهم أو عنهم، ما يُعتبَر استفزازاً وإساءة إلى الدولة، والوعود بدفع الرواتب تؤجَّل وتؤجَّل.. وإذا كان من مذنب جرّاء المطالبة بحقوقه في هذا المجال كاملة، ويجب أن يعاقَب، فهو أنا، نعم، أنا، تعبيراً عما يمكن أن يحصل.
وكان في وسعي كتابة المقال غفلاً من الاسم،تأكيداً على أن في المكتوب هنا وهج آلاف الملايين من الكرد الذين ينتظرون وبلهفة، من يعلمهم أنها” فُرِجَت ” مالياً، تأكيداً على نبذ الأنا، سوى أنني كتبت اسمي، لأكون المسئول عن كل كلمة كتِبت هنا، وفي هذا المنحدر المقارب للهاوية ! للسيد الرئيس مسعود البارزاني قبل كل شيء، وكل الذين يتحركون في دائرة المسئولية في السلطة تباعاً، أقول من روح مفجوعة بهذا التسويف، حيث لم يعد من إمكان للتأجيل، وأنا أرى أن ثمة ما ينذر بالانفجار، والذين لا يكفّون عن إطلاق شعارات الصمود في وجه الأعداء، ودحرهم، والوقوف في مواجهة الإرهاب، وحثّ الناس بالجملة وليس بالمفرّق، إلى أن ينسوا جوعهم، مرضهم، خوفهم مما هم فيه وعليه، لأن التصدي للأعداء أولى، ومجابهة الإرهاب واجب كل كردي قبل كل شيء، وما في ذلك من إيقاع بمن انتظروا طويلاً وصمدوا هنا وهناك كثيراً، أكثر من جل مسئوليهم المتبغددين، حيث لا يظهر أنهم في وعي ما ينطلقون منه، إلا إذا كان كلُّ معنيٍّ قد جهَّز بطاقة سفر للهرب من موقعه، واللوذ بجهة آمنة عند اللزوم، هو و” عياله ” وربما بعض المقربين منه. وليبقى الشعب، الناس الغلابة، كما كانوا دائماً في الواجهة، متلقّي طِعان من ” الخلف والأمام ” دون أي اعتبار لمكانة الكلمة، ولما يحتاجه البلد، الوطن، الشعب.. مرعبٌ حقاً، هذا التجاذب المكوكي ومنذ شهور وشهور، كما لو أن أولي أمر كردستان العراق، وليس كردستان عموماً، بعيدون عن متغيرات التاريخ، حرارته، مفاجآته، كما لو أنهم لا يدركون أن هذه الرقعة الرائعة، يجب أن تكون محمية، أن توضع تخطيطات مستقبلية، واحتياطات، حتى يستشعر الناس: الكرد وغير الكرد في الإقليم، أنهم في أمان، وأن الذين يمثّلونهم يمارسون حرصاً عليهم قبل حرصهم على أنفسهم، كما هي خطاطاتهم الشعاراتية والدعائية في كل صولة انتخابية أو مبارزة نيابية هنا وهناك.. لا مجال إلا لمواجهة الحقيقة، والاعتراف بأن ثمة انحداراً في الوقع، وأن الهاوية التي لا أحد يعلم بحجم الكارثة تزداد اقتراباً، وأن تاريخاً سيكتَب من جديد، وربما من قبل الأعداء أنفسهم هذه المرة مجدداً، لأنه حينها” لا قدر الله ” لن يكون في مقدور أي كردي كان، وبصفته مسئولاً أن يدوّن الواقعة، أو يعمّق الجرح القومي الكردستاني، ويُسمّي ” المجرم ” التاريخي والجمعي: العدو، والعدو دائماً، لأنه حينها لن يجد إلا رجماً، وربما أكثر من ذلك، وربما يكون هناك بعض مما استماتوا ويستميتون حباً كردستانياً، وهم يسطّرون هول الواقعة، والذين يتاجرون بالقضية ومن يتكلم باسم القضية، بغضّ النظر عن مذهبه، وحزبه، وطائفته، وعشيرته، وتكتله، لأن الجميع في المساءلة سواء، وبالتالي، سيكون حساب التاريخ عسيراً عسيراً بالنسبة لمن” يكرّشون ويعرشون ويفرشون وطناً كاملاً بمقاس رغباتهم الخاصة “، ولمن لم يصحوا بعد من غيبوبة تاريخ يعنيهم وهم غافلون عن صرامة المحاسبة.
ويا أيها الأخ الرئيس مسعود البارزاني، يا ابن العزيز باسمه ومقامه ملا مصطفى البارزاني، لم أجد إلا إياكم محل اعتبار، لأنكم في الاعتبار المحفوظ، وفي الاعتبار الأول تكون تسميتكم في السؤال عما يجري، ولا أظنكم ببعيدين عن تلك ” الألغام ” التي تكبر في نفوس محبّيكم، كردياً وكردستانياً وأبعد أبعد،وقدتناثر شعبكم، ويزداد الضغط عليه، والصاعق يزداد حرارة. إنها اللحظة التاريخية والانعطافية الكبرى لاستدراك الحاصل، رغم أن الحاصل لن يبقي الناس بعد الآن، وإن تم تعويضهم عما سبق، مقارنة بالخوف الذي أفقد الناس الكثيرَ من أمنهم الروحي، إنما أبصرَهم بتلك الصدوع التي انكشفت فيهم ومن حولهم جرّاء هذه التحركات المكوكية وتبادل الاتهامات، وما في ذلك من إزاحة عن المقصود، ما في ذلك من تنامي الخوف من الدائر، وما يتعلق بالوطن، والكردايتي وحقوق الناس..
الأخ الرئيس مسعود البارزاني.. لا مجال للتأجيل…لا مجال للمزيد مما يُسمَع من كلام هو مجرد كلام، ضاقت به حدود كردستان نفسها..الأخ الرئيس مسعود البارزاني.. لم أفقد الأمل بعد بالموعود ولو في ” الوقت الضائع “.
التوقيع: كردي تعنيه الحقيقة أكثر من الكردية المتداولة عينها !
مركز الأبحاث العلمية والدراسات الكردية، جامعة دهوك
في 27 كانون الثاني 2016