ما وراء الأسئلة حول نقل مراكز امتحانات القامشلي

جوان حسين (جوان كوردي)
    
خطوة لم تكن في حسابات الطلاب الذين فضلوا البقاء في حضن الوطن ،متحدّين الموت و الحصار والحرب ، كل ذلك في سبيل آمال واحلام عريضة باتت تترنح في جعجعة الحرب، التي لم ترحم الاطفال والنساء والشيوخ حتى تستثني جيلا من الشباب أصبح مستقبلهم على كفي عفريت، ففي ظل الظروف العصيبة و الضغوط النفسية و الحرمان من أبسط سبل العيش و التهديد بالموت حينا أو الاعتقال حينا اخر، التي يعيشها طلاب سوريا عامة، اقدمت مديرية التربية في محافظة الحسكة على اتخاذ قرار بنقل المراكز الامتحانية لطلبة شهادات الثانوي في مدينة قامشلو الى مركز المحافظة في الحسكة في خطوة غير مسبوقة بحجة منع الغش و ضبط العملية الامتحانية على أكمل وجه اولا، و بحسب ادعاء المديرية فإن عددا من المراكز تقع خارج دائرة نفوذ سيطرتها ثانيا، هذه الحجج الواهية و سواها لتشريع قرارات يصبّ في أجندات سياسية ستنعكس سلبا على مصير المئات من الطلبة الأكراد والعرب و المسيحيين  الذين وجدوا أنفسهم أمام أصعب الخيارات تواجه مستقبلهم، 
أمام هذا الواقع و القرار الظالم الذي اتخذته مديرية تربية الحسكة بحق طلبتنا نتساءل هل كانت عمليات الامتحانات الثانوية والاعدادية نزيهة وتجري على قدم وساق قبل الثورة السورية و في ظل نظام يحكم قبضته على كل شيء، واذا كانت حجة المديرية بأن عددا من المراكز تقع خارج سيطرتها و هي تقصد بذلك الادارة الذاتية في روج آفا، لماذا لم تقدم على نقل المراكز الامتحانية الى المناطق التي تقع تحت سيطرة الدولة في داخل المدينة نفسها، بدلا من نقلها الى مدينة الحسكة، علما بأن خيوط اللعبة السياسة لم تعد تخفى على أحد، والحال هذه هل راعت مديرية تربية الحسكة  واقع الطلبة القادمين من مناطق ابعد من القامشلي كالمالكية والجوادية وغيرها ممن سيضطرون الى قطع مسافات طويلة مرورا بالحواجز الامنية التي تحبط نفسية الطالب و تجعله بعيدا عن أجواء الامتحانات، أم أن ما خفي هو أعظم من ذلك ويخضع لاعتبارات سياسية غايتها تضييق الخناق على ما تبقى من جيل الشباب ليضعه أمام خيارين لا ثالث لهما الهروب والبحث عن مستقبل خارج الوطن أو الاذلال و الركوع لسياسات الامر الواقع بما تمليه مصالح بعض الاطراف الحاكمة، والغريب في الامر أن موقف الادارة الذاتية ما يزال صامتا ازاء هذه الممارسات الظالمة بحق الطلبة وهي التي تعول على ادارتها، فأين هي مديرية تربية الادارة الذاتية من كل ما يحدث، لماذا لا تقدم على خطوة جريئة تنصف حقوق الطلبة، ام أن الأمر خارج السيطرة و يخضع للتوافقات السياسية التي يدفع ثمنها الشعب و جيل أصبح مصيره على عتبة الهلاك.
كاتب ومخرج سينمائي

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…