الغرابة في «الاستغراب» قضية للنقاش (204)

صلاح بدرالدين

بعد قيام جماعات مرتبطة بشريكهم المفترض (ب ي د) بحرق مكاتبهم، مسؤولون با (الانكسي)، يستغربون الصمت الأمريكي على الحادث، والاستغراب المفاجئ هذا يثير أيضا المزيد من التساؤلات للأسباب التالية: 
  أولا – بعد كل هذه الأعوام في تعامل (المجلس الوطني الكردي) – الانكسي – مع الجانب الأمريكي والذي حصل كما نعلم بالواسطة، واعتباره في مستوى العلاقات الرسمية، والادعاءات المتكررة بانه لا يرعى (الاتفاق الكردي الكردي) فحسب بل يضغط باتجاه تسريع الخطى بهذا الشأن، يظهر من – استغراب – بعض أعضائه هشاشة تلك العلاقة، ونوع من خيبة الامل، بل اشارة مبطنة بان الامريكان يصطفون بالجانب الآخر .
  ثانيا – حتى يكون موضوعنا اكثر وضوحا، فان مسألة الوجود او النفوذ الأمريكي في سوريا يقتصر على مناطق، واجواء، معينة في محافظات الحسكة، ودير الزور، والرقة، وهو في اطار عسكري – استخباراتي، وكل تعاملاتهم مع التعبيرات الحزبية، والمسلحة، والعشائرية، على الأرض، تخدم استراتيجيتهم حول الإرهاب، والنظام، ومواجهة روسيا، وايران،  كما هو معلن في بياناتهم، وتدار من جانب – البنتاغون –  والمخابرات المركزية سي آي أي، والقيادة المركزية العسكرية بالشرق الأوسط، وليس من جانب البيت الأبيض او وزارة الخارجية بشكل مباشر، والسياسة الامريكية كما الروسية حول سوريا لاتتضمن موضوعا خاصا باسم القضية الكردية، ولم نسمع يوما أي مشروع سياسي امريكي لحل القضية الكردية في سوريا .
ثالثا – عندما كنا مع العديد من الوطنيين المستقلين،وأصحاب الفكر والراي، نطالب بإلحاح بان يعيد الجانب الأمريكي النظر في شكل ومضمون تعاملاته مع الحالة الكردية السورية كانت قيادات الأحزاب تمتعض وتتجاهل،كما كنا نرى انه اذا كان لابد من رعاية أمريكية للاتفاق بين كرد سوريا فيجب وبالضرورة ان تشمل الوطنيين المستقلين أيضا كطرف ثالث مع أحزاب طرفي الاستقطاب ،،وان يعقد المؤتمر الكردي السوري في الوطن برعاية امنية أمريكية كطرف محايد، ولو تحقق ذلك لازدادت فرص النجاح، ولاجبرت الأحزاب بما فيها ب ي د واحزابه بالالتزام بالحوار السلمي، والرضوخ لقرارات المؤتمر المنشود، ولاعتبر المخل بالقرارات، او المثير للفتن، والمعتدي على الآخر، أيا كان خارجا عن الاجماع القومي، ومعرضا للمساءلة  .
  رابعا – كنا قد اوصلنا التصور هذا الى مسامع الجانب الأمريكي، وشرحناه للاشقاء بإقليم كردستان العراق، وارسلناه لاطراف أخرى معنية بالملف السوري، والكردي، إضافة الى الراي العام السوري ومن ضمنه الكردي المعني أصلا، وقبل ان يجيب الجانب الأمريكي علي هذا المشروع – المقترح ، تجاهلته قيادات أحزاب طرفي الاستقطاب، لانها ببساطة ليست مستعدة للتخلي عن مواقعها، وغير مؤمنة بحل ازمة الحركة الكردية، وتوحيدها بشكل ديموقراطي، وانتخاب مجلس قيادي كفوء لها في هذه المرحلة الصعبة، شديدة الخطورة، وهذا لايعني ان الأوان قد فات، بل هناك متسع وفرص لاعادة النظر .
  خامسا – من غير المنطقي الانتظار من الدولة العظمى أمريكا التحرك من اجل حماية مكاتب حزبية وهي تغض الطرف منذ أعوام عن الاستجابة لنداءات السوريين، وتقديم الدعم السياسي، والعسكري اللازم لاسقاط نظام الأسد، ولاتستجيب لمطلب تبني الحقوق المشروعة للكرد السوريين والدفع الجدي نحو توحيد الحركة الكردية، وتوفير شروط عقد مؤتمرهم الجامع، او ليس ونحن امام هذه الحقائق، بان نبدي الشكوك على كل ماصدر من تصريحات، وبيانات بهذا الشأن، ونعتبرها مجرد تضليل جديد، واهانة للراي العام الكردي السوري ؟ لان الأمريكي وامام هذه الواقعة وغيرها لن يتجاوز الموقف العائم، والعام، مثل ابداء القلق على غرار قلق (بان كي مون) واكثر من ذلك فموقفه لايحسد عليه من جهة يضع – ب ك ك – في قائمة الإرهاب، ومن الجهة الأخرى يخصص ميزانية لجماعاته الحزبية، والعسكرية بمئات ملايين الدولارات !!.
  سادسا – أخشى ما اخشاه ان سبب ارتفاع تلك الأصوات اعتقاد مطلقيها انهم يستغلون التناقضات بين أمريكا وروسيا، ويغازلون المحتل الروسي كمدخل اقرب الى الوصول الى دمشق – الأسد – كما يفعل ذلك انصار – ب ي د -، في سياساتهم الجوفاء سابقا، ولاحقا، خاصة وقد لوحظ تهرب الأحزاب عن اعلان الموقف الوطني والإنساني المناسب من الغزو الروسي العدواني على أوكرانيا .
   في جميع الأحوال على قيادات أحزاب طرفي الاستقطاب و،أصحاب المصالح الخاصة، ان يعوا الحقيقة الساطعة انه من دون توحيد الحركة الكردية السورية سلميا وديموقراطيا عبر المؤتمر الجامع، ومن دون انتخاب قيادتها الشرعية، وترسيخ استقلاليتها، لن يكون للكرد دور او تاثير لا محليا، ولا سوريا، ولا كردستانيا، ولا إقليميا او دوليا، حتى نظام الاستبداد لن يتعامل جديا مع (ألاحزاب التي تجاوزت المائة) وتفتقر الى الاجماع الكردي، فكيف اذا باستعداده للحل ؟ كما انه من دون ذلك لن يظهر أي موقف مؤيد للكرد وقضيتهم لا من جانب الأمريكيين أو غيرهم من القوى الكبرى، والصغرى، هذا مااستنبطناه من التاريخ القريب في نضالنا طوال عدة عقود، وهذا هو بيت القصيد في الحكاية كلها  .
  سابعا – سبق وان واجهنا مرارا وتكرارا سياسات، وممارسات – ب ي د – ومسميات سلطته بالادانة، والاستنكار، والرفض المطلق بشأن التصفيات، والاعتقالات، واحراق المكاتب، ورفض الآخر المختلف، اما بيانات – الانكسي – وتصريحات أعضائه، فلن تتمتع بالصدقية من جانب الجمهور العريض، والنخبة الا اذا اقترنت بفك الارتباط من كل الالتزامات مع الطرف الاخر الذي تعتبر ممارساته إرهابية في بياناتها ، والانسحاب من اتفاقيات أربيل، ودهوك، وقبول الإرادة الشعبية الكردية، ومطالب الوطنيين المستقلين، بالعمل على توفير شروط انعقاد المؤتمر الكردي السوري الجامع اليوم قبل الغد .
  اما التشبث بالمواقع، والتمترس وراء الشعارات البراقة، والتمسك بخطابات (تخوين المخالف، والتمثيل الشرعي، والفعل ورد الفعل ..) فبمثابة فيلم طويل ممل، ومخدر لن تنتهي فصوله الى الابد .
  والقضية قد تحتاج الى نقاش  
  

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…