يتزايد القلق المتسم بالتوتر والترقب بسبب الغزو الروسي على اوكرانيا منذ 24 شباط الماضي ، واستخدام سياسة الارض المحروقة ، وتدمير البنية التحتية رغم حالة الاستنكار الدولية الواسعة لهذا العدوان ، والعقوبات الحاسمة التي لم تجد لها مثيلا ، والمترافقة مع تعاطف شعوب ودول العالم مع الشعب الاوكراني ، وتلقيه الدعم المكثف في كافة مجالات التسليح والتدريب وتبادل المعلومات بالقدر الذي اظهر فيه الشعب الاوكراني صموداً بطولياً مع استمرار مفاوضات فيينا حول الملف النووي الايراني ، والتصريحات المتناقضة حولها واولوية العودة الى الاتفاق بالنسبة للإدارة الامريكية الحالية مما يقلل من أي توقع في تبدل الموقف الامريكي حيال الملف السوري والوجود الروسي في سوريا على المدى المنظور. لأن من المرجح ان تستمر الولايات المتحدة وحلفائها في تكثيف جهدها العسكري المضاد في اوكرانيا وأن تستمر في سياستها الحالية تجاه سوريا ، وعرقلة الحلول الروسية فيها .
لم يكن غزو بوتين لاوكرانيا مفاجئا فقد سبق له ان غزا شبه جزيرة القرم واحتلها عام 2014 كما شجع ودعم تمرد الاقليمين دونيتسك ولوهانيسك في شرق اوكرانيا ، واعترف باستقلالهما في 21 شباط 2022 .
لقد ادت الحرب الروسية الاوكرانية الى تعميق الاستقطاب الدولي ، ومن عدم المرجح التوصل الى وقف نهائي للحرب لان شروط السلام غير متوفرة ، وبالتالي حظوظ النجاح لمحاولات الوساطة التي تقوم بها تركيا واطراف اخرى قد تكون ضئيلة ، وهذا ما قد يؤدي الى حدوث ارتدادات كبيرة على العالم أجمع وعلى كافة الاصعدة السياسية والاقتصادية والامنية والعسكرية وقد يشكل بداية لتشكل نظام عالمي جديد وحرب باردة قد تدوم لسنوات طويلة ، وزيادة في عمليات التصعيد والتسليح على الصعيد العالمي ، والتي ستكون لها تأثير كبير على النمو الاقتصادي العالمي ، وسيكون التوجه نحو التكنولوجيا العسكرية بدلاً من التكنولوجيا المدنية التي تحمي الانسان وتساهم في رفاهيته واستكشاف الحلول الناجعة لكافة الامراض المزمنة والعصرية ، . فالحرب الروسية على اوكرانيا لم تكن حرب خاطفة بالقدر الذي تصوره بوتين ونظامه بل جاءت مدمرة و ازهقت عشرات الآلاف من ارواح العسكريين والمدنيين الابرياء وانهكت اقتصاد البلدين ودمرت مدن كاملة في اوكرانيا كما انهكت الاقتصاد العالمي ، واثقلت كاهل الشعوب الفقيرة من ارتفاع اسعار الوقود والسلع ونقص الغذاء وانعكاساته على الوضع المعاشي ، كما ان المقاومة والشجاعة التي ابدتها القيادة الاوكرانية ورئيسها زيلينسكي افشلت حتى الان كل المخططات العسكرية الروسية ودمرت معنويات قواته وعزلت روسيا عالمياً واعادت اوربا الى الحاضنة الامريكية والى حلف الناتو وطبقت عقوبات عسكرية قاسية على روسيا ، كما فتحت اوربا وامريكا واليابان والعديد من دول العالم مستودعاتها العسكرية لاوكرانيا ، وقدمت لها اسلحة متطورة لتزيد من مقاومة اوكرانيا للهيمنة العسكرية الروسية .
ما قُتِل ودمر في اكرانيا وسوريا ومنع سقوط نظام الاسد هو الطرف الروسي رغم اختلاف الدوافع فما تتعرض له ماريوبيل سبق ان عانته حلب من حيث حجم الدمار والتهجير مع فارق تقديم الدعم والمساعدة العالمية حيث وقفت حلب وحيدة في مواجهة مصيرها وتخلت تركيا عنها من اجل مصالحها مع روسيا .
لقد اعلن تيار مستقبل كردستان سوريا موقفه من الغزو الروسي على اوكرانيا منذ اليوم الاول ويجدد ادانته واستنكاره لهذه الحرب الظالمة ولكل الجرائم والانتهاكات التي ترتكبتها القوات الروسية في اوكرانيا وضرورة محاسبة مرتكبيها ، حيث عانى الشعب السوري سابقا من جرائم روسيا كما عانى شعبنا الكردي في سوريا والعراق من نظام بوتين ودعمه للأنظمة الدكتاتورية فيها .
لن يكون الشرق الأوسط وسوريا بمنأى عن ارتدادات الاحداث هذه والتموضعات الجديدة وخاصة الحرب الروسية على اوكرانيا ، لأنها ستزيد من انعدام فرص ايجاد الحلول التسووية للازمة السورية بل ربما ستزيدها تعقيدا لان روسيا ستحاول ان تعوض عن فشلها في اكرانيا وفي هذا المسار جاء ما سمي بعملية ” الاصلاح” داخل الائتلاف وما يحدث في صفوف المعارضة السورية من اعادة ترتيب ومؤتمرات ، وعودة السفير السعودي للبنان ، وتقديم مساعدات للحكومة اللبنانية ، وتشكيل مجلس رئاسي في اليمن ، وتحسين العلاقات السعودية التركية ، وتحجيم لأذرع ايران في العراق رغم الضغوط الايرانية على بعض الاطراف الشيعية في العراق ، والهجوم الصاêروخي على هولير ، وتصعيد حزب العمال الكردستاني ضد الديمقراطي الكردستاني ، وممارسة المزيد من الضغوطات لإنهاء تحالف الحزب المذكور مع مقتدى الصدر.
في حين يزداد الوضع الكردي في سوريا تعقيداً وتوتراً رغم عودة السفير الامريكي الى المنطقة وعقده عدة جولات مع هيئة رئاسة المجلس الوطني الكردي وقسد ، ورغم الجهود الامريكية في تحريك المياه الراكدة بغية الوصول الى اتفاق ، ووعوده باستثناء المنطقة من قانون قيصر وتحسين الاوضاع الحياتية التي باتت تضغط على المواطن في المناطق الكردية وتهدد حياته ، وتقديم الخدمات ، والطلب من جميع الاطراف ضبط النفس وعدم التصعيد بمن فيهم دول الجوار . تستمر الانتهاكات من قبل سلطة الامر الواقع من خطف للأطفال ، وتجنيد القاصرين والقاصرات واستمرار اعتقال الاعلاميين صبري فخري ودارا عبدو واحمد صوفي وتهديد قادة وانصار المجلس الوطني الكردي بالسجن والاعتقال ، وفرض المزيد من الضرائب والاتاوات وهدرالمال العام ، وتفاقم الفساد والافساد ، والتنصل من المسؤوليات في ايجاد حلول لمشكلة الغلاء والقمح وافتعال ازمة المحروقات وبيعها في السوق السوداء عن طريق بعض السماسرة.
ان الاحتجاجات التي تجري في كل المناطق وما جرى منذ ايام من قبل أصحاب المحلات في قامشلو في 5 نيسان الجاري امام مبنى البلدية مؤشر على درجة السخط ومدى الاحتقان الذي باتت تعيشه المناطق الخاضعة لسيطرة ب ي د نتيجة سياساتها الاقتصادية التي ان استمرت ستدفع الى زيادة وتيرة الهجرة وازياد معدلات السرقة والجريمة والى فتح باب المجهول امام اهالي المنطقة .
تيار مستقبل كردستان سوريا
الهيئة التنفيذية
قامشلو 13 نيسان 2022