ثورة ايرانية ورمزية كردستانية

عبدالعزيز قاسم 

 
تتسع الحركة الاحتجاجية في جميع أنحاء إيران وكردستان يوما بعد  يوم، ويزداد زخم الشارع الإيراني المنتفض ضد وحشية نظام الملالي بعدما دخلت اسبوعها الثالث إثر استشهاد الفتاة الكردية (ژینا أميني) على يد شرطة الإرشاد، وسط تزايد القمع الوحشي الذي يمارسه الحرس الثوري (الباسدار) ضد المنتفضين في الداخل وقصف إقليم كردستان ومقرات الاحزاب الكردستانية (الايرانية) بالصواريخ البالستية والدرونات المفخخة لاحقاً، الامر الذي أدى إلى تعاطف العديد من الدول مثل أمريكا،بريطانيا، المانيا، فرنسا والسعودية مع الحركة الاحتجاجية الإيرانية والاحزاب الكردستانية التي تعطي زخما وقوة لهذه الانتفاضة وكذلك مع قيادة إقليم كردستان وخاصة الرئيس مسعود بارزاني الذي اصبح رمزا وطنيا ليس لكردستان فحسب وإنما للعراق ككل في مواجهة خطط النظام الإيراني وعثرة في وجه تمرير سياساته في العراق والمنطقة وبخاصة في وجه مخططه لتشكيل حكومة موالية له في بغداد. 
تتخذ الحركة الاحتجاجية في كردستان وإيران أبعاد داخلية وإقليمية ودولية بسبب التدخل والتوسع الإيراني في المنطقة عبر أذرعه ومليشياته في اليمن، سوريا، لبنان والعراق وبعد الحرب الروسية على أوكرانيا وغزوه لها، وكما أنها غدت ايران عمقا استراتيجيا للكرملين إلى جانب تركيا التي تتقاسم معها العداء التاريخي للشعب الكردي. 
ولحسن الحظ فإن الاحزاب الكردستانية في إيران هي التي تأخذ اليوم بزمام الأمور وتحاول جاهدة على لملمة صفوف المعارضة وتوحيد موقف الشارع الإيراني المنتفض في وجه العدو المشترك ،
وها هو الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني يلعب دورا مميزا في هذا الاتجاه وكالعادة ،وباعتباره حزب عريق، له تاريخ نضالي طويل وكاريزمية تاريخية في الشارع الكردي والايراني وتمتعه بعلاقات جيدة مع البلوج، العرب، الاذريين وحتى الفرس، وإضافة إلى تواجده الميداني في معظم مناطق ومدن شرق كردستان، ايضا له تواجد قوي في الدول الاوربية و  امريكا وكندا واستراليا ولا يزال يقود معظم المظاهرات المناوئة للنظام الإيراني في الخارج، وعلى مايبدو استبق الديمقراطي الكردستاني هذا الحدث بالقيام اولا في توحيد جناحيه قبل شهر تقريبا. 
نعم قد يصمد النظام الإيراني أمام هذه الانتفاضة شهور او سنة او اكثر كما صمد نظام الشاه خمسة سنوات أمام الثورة…، ولكن بعد اتساع الحركة الاحتجاجية “الثورة” في كافة المدن الإيرانية وتمزيق وحرق لافتات وصور كبيرة للخميني والخامنئي وقاسم سليماني وكذلك المظاهرات الضخمة التي تنظمها المعارضة الإيرانية وبخاصة الكردية أمام سفارات وقنصليات النظام الايراني في أوربا وامريكا وخروج بعض هذه الدول من قمقم صمتها تجاه جرائم نظام الملالي، بات سقوط هذا النظام الاستبدادي – نظام المشانق والاعدامات- مسألة وقت لا اكثر ومن المتوقع ان نشهد في الأيام القادمة اتساع رقعة الانتفاضة أكثر فأكثر وخروج مدن ومناطق من سيطرة حرسه وإحالة ملف جرائمه والقمع الوحشي للمنتفضين والهجمات الصاروخية على إقليم كردستان إلى مجلس الأمن الدولي وبالتأكيد سوف يكون سقوط هذا “النظام” مدويا وليس كأقل من سقوط حكم الشاه، وستكون بداية مرحلة مختلفة تماما وعهد جديد في الشرق الأوسط.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف   منذ 2011، فتحت تركيا أبوابها للسوريين، ليس دعماً لهم، بل لاستغلال نزوحهم، على أكثر من صعيد، متوهمةً أن سقوط النظام لن يطول. استقبلت الأيدي العاملة، بأجور جد زهيدة، و استغلتهم عبر أساليب مشينة، واستفادت من ضخّ المساعدات الدولية الممنوحة للسوريين، بينما اضطر رجال الأعمال إلى نقل مصانعهم إلى هناك، لاستمرار معيشتهم وديمومة حياتهم، ما عزّز الاقتصاد…

في إطار الاهتمام العالمي بالقضية الكردية عامّةً، وفي سوريا على وجه الخصوص، بعد الأحداث الدامية في 12 آذار 2004م، ازداد اهتمام العواصم الأوروبية بقضيتنا الكردية؛ فأوفدتْ مندوبين عنها إلى الجزيرة من قبل الاتحاد الأوروبي والقارة الأمريكية (كندا)، وذلك للوقوف على الحقائق كما هي في أرض الواقع؛ بغية الوصول إلى رسم تصوّرٍ واضحٍ ومباشرٍ لوضع الشعب الكردي في سوريا ومعاناته الاجتماعية…

ماهين شيخاني كان يكبرنا سناً ومحل احترام وتقدير لدينا جميعاً وفي المؤتمر (……) كان بيني وبينه وسادة، لمحته ينظر لوجوه المؤتمرين، هامسته : هل أكملت جدول الانتخاب ..؟. أجاب: مازال قائمتي بحاجة الى بعض المرشحين ..؟!. وضعت ورقتي المليئة بالأسماء التي انتخبتهم حسب قناعتي بهم على الوسادة أمامه، تفضل ..؟. نظر أليَّ باستغراب، رغم ثقته بي ووضع…

صلاح بدرالدين   منذ عدة أعوام ولم تنفك وسائل اعلام أحزاب طرفي ( الاستعصاء ) – ب ي د و انكسي – تنشر تباعا عن تدخل وسطاء دوليين لتقريب الطرفين عن بعضهما البعض ، والاشراف على ابرام اتفاقية كردية – كردية ، وانهاء عقود من حالة الانقسام في الصف الكردي السوري !!، من دون توضيح أسس ، وبنود ذلك الاتفاق…