د. محمود عباس
بغض النظر عن كارثة عدد الأحزاب، ومنهجية القطب الواحد لبعضهم والتي خلقت الأحقاد، كان سابقا عضوية البارتي وصفا، أصبحت اليوم مذمة.
الملامة الكبرى تتحملها شريحة واسعة من حراكنا الثقافي الكوردي قبل السياسي، فهي التي سمحت وساهمت في نشر ثقافة التخوين، بأساليب غريبة، ولا زالت مستمرة رغم نتائجها السلبية التي تجاوزت حدود إيقافها.
لمجرد أن يتم تبيان الأخر على أنه من المجلس الوطني الكوردي أو أحد أحزابه أو من الـ ب ي د أو العمال الكوردستاني، أو من مؤيديهم، فهو خائن لدى الطرف الأخر، الحكم مطلق لا يقبل النقد، وعلى أسس هذه المنهجية الساذجة تبنى المواقف لمعالجة أية إشكالية أو مفهوم يهم أمتنا، وعلى خلفيتها تستمر الحوارات والنقاشات، ويتم تغييب المدارك الفكرية وتختفي احتمالات تصحيح الأخطاء وتتعتم الدروب، وبالتالي تتعمق العداوات الشخصية.
إن كان عن وعي أو جهالة، فنحن أمام كارثة ثقافية-سياسية، سنحتاج إلى عقود طويلة لإزالة أثارها، والتي بدأت تنتشر بشكل مرعب بين شعبنا، خاصة بعدما انتقلت من أحضان الحراك الثقافي-الحزبي إلى الشارع الكوردي وبدأت تتبناه شرائح واسعة من العامة.
نحن أمة عظيمة، نأمل أن نكون على سويتها، هناك من نشر مفهوم خاطئ بيننا، ولا بد من تصحيحها، وهي على إننا أمة (على شقاق) منذ الأزل، ونظل كذلك إلى الأبد؟ وأنه من شبه المستحيل أن نتفق، جميعنا رددنا هذه الجدلية إلى درجة أصبح بعضنا يقتنع بها ويصدقها، وكثرنا من جلد الذات، وعممنا على أن جميع ثوراتنا وحركاتنا انتهت لأن مداركنا لا ترقى إلى سوية الاتفاق على نقاط معينة عن طريق الحوارات المنطقية، فعرضنا، وفي كل المراحل والحالات، الطرفين، بين سمتين، الخائن والوطني بمطلقة، كما نفعله اليوم، ودون تحليل، ودراسة للواقع، والظروف، ونسينا أو تناسينا العلاقات الإقليمية، والدولية.
فأصبحنا نؤمن على إننا شعب لا نشبه الأخرين، الصراعات الداخلية من ثقافتنا الرئيسة، وسننتهي إلى الضياع على أسسها، أو سنظل شعب تابع للقوى الإقليمية، أي نحن من يمثل صراع الأضداد، يجب أن يقضي أحدنا على الآخر ليعيش، أي لا مكانة لحزبين أو لطرفين سياسيين بين الشعب، ودعم أي نشاط إيجابي لا بد وأن يخون من الجهة الأخرى، إلى أن أصبحنا نطعن في الكل الحزبي، ولا بد من إلغاء الأخر مهما قدم من خدمات إيجابية، فعدم انتباهنا إلى تراكمات هذه الجدلية الخاطئة، دون تصحيحها وتنوير دروب تفكيرنا وتعاملنا مع بعضنا، سننتهي إلى ما يتمناه الأعداء.
هل فقط نحن الكورد دون شعوب العالم نحمل هذه السمة الغريبة؟
هل هناك قوى وراء نشرها، ونحن نتقبلها دون دراية، أم نحن من يخلقها عن جهالة؟
لماذا أصبحت صور الأحزاب الكوردية مشوهة إلى هذا الحد؟ هل جلها من سلبيات نشاطاتهم، أم أننا لا نثق بذاتنا، وبقدراتنا، أم هناك قوى خارجية خلفها؟
لماذا وكيف انتشرت منطق أن كل النشاطات الحزبية مشكوكة سلفا بمصداقيتها؟
لماذا حل الطعن في الشخصية مكان النقد الموضوعي، وأصبحت الحزبية سمة شخصية مطعونة فيها؟
الولايات المتحدة الأمريكية
10/10/2022م