الالتزام و الجدية ضد التقاعس والتمييع

عبدالله كَدّو

ذات مرّة دخل مدرس جديد الصفَّ ، و بدأ يقطع أرض الصف ( الشعبة) طولا و عرضا،  بتثاقل ينمّ عن التفكير بشيء جديد، الأمر الذي كان غريباً على معظم طلاب الصف العاشر في ثانوية الطلائع…فإذا بهم يتغامزون، و بدأ البعض بإطلاق العنان لابتسامات وتنهّدات، توحي عن استهجان ما، وآخرون تصنّعوا حركات، فإذ بالبعض يضبط مقعده و آخرون يضبطون جليسهم و…..، و ظل ثبات الطلاب هو الغائب الوحيد .
عندما أراد البعض البدء بالتكلم أوقفهم المدرس مطالباً برفع الأيدي و عدم الخروج عن مواضيع التعليم ، وعندما أبدا البعض إشارات التذمّر و التأفّف،  خرج المدرس عن صمته قائلاً: الظاهر أنكم لم تروْا الانضباط و الإشراف الحقيقيَين للمدرسين بعدُ .
ما أريد قوله هو أن نفس الأمر يحدث لدى السوريين المتابعين للشأن السياسي، ذلك عندما يجدون مسؤولين أو سياسيين جادّين، من السوريين عامة ، ومن الكرد خاصة، ممّن يؤْثِرون السلوك والممارسة المؤسّساتيَيْن ، أولئك  الذين يرفضون تحويل الكلام الجادّ إلى نُكَت ومُزاح من نوع “عند اللزوم” تلك التي تأتي لتمييع الحديث السياسي منعاً للتدقيق فيه ، و لكبح الجِدّية، كمدخل للاستبداد والفساد ، و عليه تروْن أن نسبة كبيرة من المسؤولين السياسيين السوريين و خاصة الكرد منهم، يتخذون من رشّ (المزاح) على سردياتهم، سبيلا، حتى صارت  موضة، للتهرب من استحقاقات السياسة، لا بل لتمييعها ..لكن أياً كانت العطالات ، و منها هذه الجزئية السلوكية الضارة ،  فإن الثبات على السيْر الجادّ  نحو ” المؤسساتية ” التي تقفز على الاعتبارات و المصالح الشخصية و العائلية و المناطقية وغيرها من المعرقلة لتطبيق القانون ، هو الوسيلة و الغاية التي لا نجاح  قبل تحقيقها . 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…