أحمد مرعان
لو تفحصنا ما يجري على رقعة الكرة الأرضية منذ الأزل ، حيث توالت حضارات وتوسعت وفق معطيات الزمن ، واطلاق صفة القوة والعظمة والتحدي والبقاء ، ولكن سرعان مالبثت سنون، وربما قرون ثم اندثرت ، وهكذا توالت عبر التاريخ ممالك وحضارات وامبراطوريات تحدت كل القوى في حينها لاستمرارية وجودها والتميز عن غيرها في الاستيلاء على ممتلكات الغير بالقوة لتوسيع رقعتها الجغرافية ، ووضع العالم المحيط تحت سيطرتها ، ظنا منها أنها لن تقهر ، ولكن إرادة الله هي الأقوى في ضياعها رغم طغيانها ، لتبقى عبرة لنا ، ونتوحد ضمن بوتقة السلم والسلام الأهلي ..
وما أن انقسم العالم إلى قارات ودول ودويلات لتنظم شؤون حياتها وفق أنظمة وقوانين ، فسرعان ما تحركت غريزة الأنا بحب التملك والعظمة لبدء الاعتداء وفق قوانين سنتها وحجج واهية للانقضاض على جاراتها واغتنام مصادر ومكامن الخيرات لتزداد قوة وجبروتا، وتخيف العالم .
وما أن توصلت إليه الحضارة العلمية من تكنولوجيا في خدمة البشرية نحو الراحة والأمان ،حتى أُستغَلت للاحتكار والتمرد إلى أن صنعت منها آلة حربية جديدة ومتجددة انفردت بها دون غيرها ، وساد الفساد لبيان عنجهيتها لنهب الخيرات .
وهكذا توالت ما تسمى بالدول العظمى واتفقت على تقسيم مناطق النفوذ ، وسرعان ما تنافست فيما بينها للاحتكار والإتجار ، واختلاق أحلاف بصيغة جمعيات خيرية ، والخير منها براء ..
وما شهده القرن الماضي من الصراع وتوالي الحروب المحلية إلى أن أصبحت تحت مسمى العالمية، وكم من ضحايا وتشريد وضياع آلت إليه آلة الحرب الجديدة ..
والآن تطورت الاحتمالات لتتوارد إلى الأذهان الحرب النووية لإبادة البشرية بصواريخ أسموها يوم القيامة ..
هل هذا ما أنتجه النظام العالمي الجديد من الحكمة ؟
هل هي بعثرة الأوراق المخبأة تحت الطاولة ، أم إعادة ترتيبها للانطلاق نحو حافة الهاوية المنتظرة ؟
وما السلاح المصنع ، مهما كان نوعه، خفيفا أم ثقيلا أم صاروخا كهرومغناطيسيا محملا برؤس نووية ، ليس في خدمة السلام والأمن البشري ، وما هو إلا أداة للتهديد والإبادة ، رغم إظهار تلك الدول نفسها بأنها راعية السلام العالمي، وأنشأت جمعيات رعاية ورأفة بالحيوان وفق قوانين وضعية للحماية ، وهي تدنس في الوقت ذاته القيم البشرية دون راع ورعاية لمقومات الحياة الإنسانية ..
ماذا لو اتفقت تلك الدول المسماة بالعظمى وذات الشأن في انتزاع وتدمير السلاح بكل أنواعه وصنوفه ، وسنت قوانين لذلك بعدم العودة إليها ، وفرض عقوبات قاسية على منتجيها فيما بعد ، وعلى أن تُستغل تلك الميزانيات المهدورة لتصنيع الأسلحة الفتاكة في مجالات أكثر نفعا وفائدة للبشرية ..
ماذا لو اتفقت على أسلوب التكافل الاجتماعي وتبادل الخبرات العلمية والتجارب ، للنهوض والرُقي بأسلوب المقايضة بالسلع والميزان التجاري في كل دولة واستكمال النقص كلٌ حسب انتاجه ليسود العدل والمساواة بالعالم ..
وفيما إذا بقيت أفكار ومفاهيم انتاج السلاح قائمة فمصير العالم مجهول غائب بالبقاء ..
لماذا يكون العالم رهين أفكار سوداوية لأشخاص تمكنوا من استغلال سلطتهم على مبدأ البقاء للأقوى ..
وما تلك القيادات إلا حكومات تحركها حكومات خفية ومنظمات سرية عالمية على رقعة الشطرنج وفق معطيات المرحلة لإعادة ترتيب او بعثرة الأوراق ، لا يهم ، لمصالحها الآنية ..
وربما هذا الطرح لا يناسب الزمان والمكان بما توصلت إليه الحالة العامة وشمولية الفكر المتجدد في الصراع الدائر بأروقة الدوائر الإستخباراتية لإثبات وجودها وقوتها ظنا منها هي الأقوى وأسطورة الجيش الذي لا يقهر مهما بلغت التحديات ، وستعلم تلك القوى المتصارعة حجم الخسائر والدمار الذي خلفته بعد إعادة ترتيب أوراقها من جديد فيما لو بقيت تتنفس الصعداء على حد زعمها وتوقعاتها ..
وفي أحسن الأحوال لن تنال سوى الندم في نهاية المطاف ؟!
( وَيَمكُرُونَ وَيُمكُرُ اللهُ واللهُ خَيرُ المَاكِرِينَ )