الغباء السياسي

مروان سليمان

الساقطون في التاريخ سواء من المستبدين و الضعفاء وصلوا إلى النهاية الوخيمة هذه بفضل الغباء السياسي الذي وصل إلى الحدود القصوى لديهم و قد ذاع صيتهم بين الناس و أحياناً كثيرة قد تتجاوز شهرتهم أعمالهم و قدراتهم أو حتى مدة حكمهم، حيث في الشرق تمنح الشهرة أحياناً لقطاعين الطرق و الجلادين و المجرمين في حين تبخل بذلك على عظمائها الذين لم يتبرع أحد بقليل من الوقت لكي يكتب تاريخهم في بعض السطور، في حين أن أجهزة الأعلام لدى المتحكمين بزمام الأمور تبث الدعايات و الأكاذيب لكي يضمن بقاء المستبد في السلطة أطول فترة ممكنة من خلال تزييف الوعي و المبالغة في إظهار إنجازات الديكتاتور و تبرير أفعالهم المشينة ومدحهم و تحويل هزائمهم إلى إنتصارات تاريخية و وضع صور المستبد كرمز من رموز النظام في كل مكان و ينسب إليه أفعالاً لم يقم بها و بطولات ليس له علم بها فيتم حجب الحقيقة عن الجماهير و يجدون أنفسهم في حالة من الإضطراب و التناقض نتيجة لحالة الخداع التي تعرضوا لها.
تعالوا إلى مراجعة شاملة في خلوة نفسية أحادية و أسألوا أنفسكم، لمصلحة من تتخلون عن مسؤولياتكم و واجباتكم تجاه شعبكم لتدخلوا نفقاً مظلماً لا مجال للندم بعده؟؟.
 السياسيين في الغالب يعتذرون بعد فوات الأوان و عندما تمر الأحداث و يتأخر الوقت و بعد خسارة الأرواح و الممتلكات و تدمير الأرض و ما عليها و إبادة و تهجير الناس. فهل هناك تفسير لموقف رافضي الإعتراف بحقوق الشعب الكردي و التعامل غير العقلاني و ممارسة عقلية الإقصاء و التشبيح عندما يسقطون الجميع من حساباتهم و يرفعوا شعار الوحدة تحت رايتهم فقط و بما أن القواعد العلمية لا تحتاج إلى تفسيرات سياسية فالأمر يقف عند معادلة بسيطة و هي أن مجموعة من المتنفذين الذين ركبوا موجة التفرعن يحتكرون القيادة و يعطون لأنفسهم الحق في التمثيل.
لم يصدف أن مستبداً أو ديكتاتوراً قدم إعتذاره عن جرائمه في الوقت المناسب و لكن في هذا الوقت بالذات و بما أن الأحداث لا تزال ساخنة في هذه المنطقة و ينتظرون التغييرات التي لا بد منها في قادم الأيام وحدهم القيادات الكردية و عقلائهم لا تزال لديهم الفرصة التاريخية لتقديم واجب الندم و الإعتذار عما فعلوه في المرحلة الماضية ضد الشعب الكردي سواء بقصد و تخطيط من طرف أو جهل و عدم دراية كافي من طرف آخر بالعودة عن مشاريعهم الفاشلة مثل أخوة الشعوب و ديمقرططتها قبل فوات الأوان.
إنهم حتى الآن يعيدون نفس الغطرسة و الجهل و يجوبون الحارات و الشوارع و يعقدون التحالفات و يشكلون المحاور مع الآخرين  ضد بعضهم البعض و يتابعون خطوات قياداتهم المقدسة لديهم و يعيشون في حالة من النكران لما حدث و أقل ما يقال عنهم أنهم رهينة عقلية دونية و مشكلة الذين يدعون الإستقلالية و تقرير المصير و التمثيل الحقيقي للشعب و لكن واقعياً فإن دونية تسكتهم أمام من يعتقدون أن يوفر لهم الحماية لأن المشكلة لا تعالج بالتواضع و الإنسانية و الأخلاق و لذلك لم نجد أي تفسير عن كيفية إدارة المشاريع العامة و الخاصة في منطقة سيطرة العصابات التابعة لتركيا و من ضمنها الإئتلاف الذي يحوي المجلس الكردي .
لصالح من تتخلون عن مسؤولياتكم عندما تدمرون أرضكم و شعبكم ؟ هل هي إرضاء للأعداء الذين ينهبون خيرات بلادنا و يحملون في الربيع و الصيف كل ما غلا ثمنه سواء تركيا أو إيران أو النظام السوري و نحن في غمرة التصادم و الإقتتال لكي تتركوا الشعب يواجه مصيره لوحده و يكون ربيعه و صيفه ليس كمثل كل ربيع و صيف.
أم أنكم تعملون على تدمير شعبكم لتثبتوا أنكم مع محاربة الإرهاب و ضده لترضوا بذلك الممولين لكي يقال بأن سياستكم حكيمة و لكم وزنكم على الساحة الذي لا يقارن بوزن الريشة في الملاكمة.
إنها أحلامكم الكبيرة و ما كان لهذه الأحلام أن تزور يقظتكم لولا أحضان الأنجاس التي أغرتكم و أعمت أبصاركم و قلوبكم أمثال الأسد و المالكي و ملالي طهران ، هل فكرتم يوماً ماذا يريدون منكم؟؟؟؟
لماذا العداوة مع الكورد الذين لم يتدخلوا في شؤونكم يوماً من الأيام و لم يعادوكم إعلامياً، أم أن الكوردايتي لا تساوي حفنة من مبادئكم المغشوشة و أوهامكم النرجسية، حقاً أنكم لا تستحقون إدارة المنطقة هذه! و لم تترك أقلامكم المأجورة و لا أعلامكم الكاذب وسيلة إلا إنتهجها و لا طريقاً إلا سلكته حتى فاح كذبها.
و لذلك فالمطلوب منكم و من أجل بلدكم أن تقدموا لشعبكم نموذجاً جديداً في الندم و التوقف عن التدمير و التهجير لأن القادم عليكم ستكون نتيجته كل ما حققتموه سراباً.
مروان سليمان
السلك التربوي- المانيا
10.04.2021

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…

شادي حاجي في عالم يتزايد فيه الاضطراب، وتتصاعد فيه موجات النزوح القسري نتيجة الحروب والاضطهاد، تظلّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) طوق النجاة الأخير لملايين البشر الباحثين عن الأمان. فمنظمة نشأت بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت اليوم إحدى أهم المؤسسات الإنسانية المعنية بحماية المهدَّدين في حياتهم وحقوقهم. كيف تعالج المفوضية طلبات اللجوء؟ ورغم أن الدول هي التي تمنح…