ثقافة المحظور والمسموح كوردياً

م. نذير عجو – هولندا
أنها ثقافة الراعي والقطيع في الحظر والسماح, الإستاذ والتلاميذ في التنظير والقبول, رجل الدين والمريدين في الإفتاء والخنوع ,…., المُقدّس والمؤمنين في الُمنَزّل والركوع, فهل من مُتفهّم لثقافة التحكم لمنطق العقول, بالحجة والإقناع والقبول, والمبني أصلاً على سماع الصوت الآخر ومفهوم الحوار وتبادل المعارف والمفاهيم والآراء على قاعدة الرأي والرأي الآخر, والمبني أصلاً بين المختلفين بوجهات النظر, بغاية التقارب وليس التناحر, والبعيد عن كليشيهات, إما معي أو عدويّ والإتهامات المسبقة لأي وجهة نظر ورأي آخر وبإدخالها في خانات الشخصنة والصراع والعداء !!!.
الكل يقول, حقيقةً أو إدعاءاً بأنهم يخدمون القضية والحق, فليتم سماع الآخر والنقاش والتحاور وتبادل الآراء بحرية بعيدة عن تابويات ( المحظور والمسموح ) من قبل الحركات والأطراف والأحزاب المستبدة والمدّعية لحرية الآراء!!!, ودون إتهامات مسبقة, وليتم الوصول إلى مشتركات بما يتعلق بالقضية والحق, تلك التابويات ( المحظورات ) التي أنشأتها الأحزاب التقليدية لحماية نفسها من أي نقد أو بحث يبتعد عن المسار المرسوم ( المُنزّل ) من قبل المُتحكمين والمُتمسكين بكياناتهم على حساب القضايا والحقوق, ومن أجل شرعنة إستبدادهم وصولاً للدكتاتوريات, وماتلك القضايا العادلة والحقوق المشروعة, إلا دروع يختبئ ورائها هؤلاء الُمتحكمين ويستهلكونها خدمة لمشاريعهم وإستراتيجياتهم الخاصة .
فإن تكلمنا كوردياً عن الإدارة الذاتية وبمايتعلق بالواقع الكوردي في ظل إدارتها وبسلوكياتها وشعاراتها وأهدافها, بنقد وكوجهة نظر ورأي مراقب لاينتمي لكينونتها , وبإبتعادها عن الحق الكوردي المشرعن وضعياً وسماوياً, كشعب يعيش على أرضه التاريخية, فإنما الغاية هي التصويب وتصحيح المسار قدر الإمكان والتكلم عن وقائع ونتائج غير مُفسرة من قبل أصحاب الإدارة ومسؤولييها وبالتالي عدم ترك المصير الكوردي هكذا نحو المصير المجهول حسب ذلك الرأي المراقب أو غيره .
وإن تكلمنا أيضاً وكوردياً عن الأطراف الأخرى بضياع البوصلة الكوردية وتوجيهها نحو السماء ( الفراغ ) وتسليم القضية لأطراف غير مؤتمنة تاريخاً وحاضراً, بل أطراف معادية للقضية ولحقوق الشعب الكوردي, فإنما الغاية هي الوخز في الضمائر المُخدرة, عساها أن تفيق من سُباتها, والتأكيد على لاجدوى مساراتهم, وبالتالي عدم الإستسلام لأهواء قيادات تلك الأطراف الغير قارئة للتجارب التاريخية وللعلاقات مع مغتصبي حق الشعب الكوردي, وبالتالي أخذ المصير الكوردية للمجهول, لابل إلا الموت المحتوم .
أمام هذا وذاك, أليس من مصلحة القضية وإستخلاصاً من تجارب الماضي التصارعي الخاضع للثقافة التقليدية للمحظور والمسموح كوردياً, وتيمناً بالتجارب الحضارية لما يتعلق بثقافة تبادل وجهات النظر والأراء والمعارف والحوارات المفتوحة البعيدة عن الإتهامات المسبقة, ورأفة بحالنا الكوردية وليس بأيدولوجياتنا الخاصة وحالنا الحزبية أو الفردية, بأن نرتقي بحواراتنا لمستوى متقدم يخدم قضية الشعب الكوردي وحقوقه, بعيد عن العصبيات الإنتمائية والتي تعبر عن فقدان مبررات إقناع الطرف الآخر وبالتالي الإلتجاء إلى أسهل سلاح إستبدادي بالتمسك بالرأي دون مبررات وشخصنة الحوارات, وكيل الإتهامات المفبركة للطرف الآخر, وفتح جبهات واسعة من الصراعات المدمرة للقضية والحقوق, وهكذا تضيع القضية ويضيع الحق بين هذا وذاك وكلاهما يدعى الغيرة على القضية والحق, ويبقى هذا وذاك ضحية ثقافة المحظور والمسموح كوردياً , وتبقي سيرورة القهر والظلم والتشرد والقتل والمجازر والإبادات الوصف الملازم للشعب الكوردي مع سبق الإصرار بالتمسك بالمحظور والمسموح كوردياً ونتائجه الكارثية .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…