ماذا يريد آلدار خليل؟

 جان كورد

 كما هو معلوم، فإن حزب العمال الكردستاني، الذي يختلف في بنيته التنظيمية وفلسفته وفي تراكمات ممارساته ونشاطاته غير الديموقراطية عن كل الأحزاب في العالم، لم يتمكّن من كسب صداقة أي حزبٍ أو دولةٍ أو زعيمٍ في العالم، سوى تبعيته شبه المطلقة لدولٍ اقليمية مثل إيران الملالي الذي بدأ ينهار وحلفاءٍ أضعف منه كحزب البعث العربي الاشتراكي الفاشل وحزب الله اللبناني والحشد الشعبي التابع للحرس الثوري الايراني. وفي الوقت الذي دافع كل العالم بقادته وحكوماته وشعوبه ومنظماته المدافعة عن حقوق الإنسان عن الزعيم الأفريقي الكبير نيلسون مانديلا خلال فترة سجنه الطويلة وبعد توليه رئاسة بلاده في الحرية، فإن الزعيم عبد الله أوجالان الذي يرفع السيد آلدار خليل صورته بحجم كبير كخلفية لمنابر تفلسفه الذي هو نسخةٌ سيئة عن قائده “الذي لا حياة من دونه!” لم يتمتّع حتى اليوم بدعم أو تأييد أي قائد أو دولةٍ أو حزبٍ ديموقراطي في العالم، بل تتجاهل وجوده منظمات حقوق الإنسان أيضاً، رغم أنه لا زال في قبضة نظامٍ عنصري وحاقد على الشعب الكوردي الذي لا يريد سوى حريته والعيش في أمنٍ واستقرارٍ على أرض وطنه كوردستان.
 وما أشدّ على الأتباع أن يروا زعيمهم تتلاشى ظلاله في غياب الرحمة الدولية. فكان لا بد من شخصية تأخذ مكانه على منبر الخطب الرنانة والتحليلات الطنانة والأحلام الأممية لاستمرار خداع الشعب الكوردي ونثر الرماد في عيون الشباب الوطني لتحريف مساره القومي الأصيل صوب أمميةٍ هرب منها الأمميون الكبار بأنفسهم وتركوا وراءهم نماذج ذات نفسياتٍ مريضة مثل الزعيم الكوري الشمالي في العالم. وكان لا بد من إيجاد شخصية تستحكم بالسفينة المثقوبة التي تقترب من شلال قوي التيار، والزعماء المختفون في كهوف جبل قنديل أو ينامون في فنادق عليها السرّبة التامة في جنوب كوردستان لا يستطيع أحدٌ منهم الاستيلاء على منصب الرئاسة بمفرده، لأن اسماء بعضهم في قائمة الإرهابيين المطلوبين من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والانتربول الدولي، ولذا كان لا بد من تفعيل كادر حزبي ملتزم ومطيع لهم، له مواصفات لا تختلف عن مواصفات رئيسهم أوجالان، ومنها شكلية كالشوارب الغليظة وصفات نفسية كالظهور بمظهر فيلسوفٍ ذي إطلاعٍ واسع على كل القضايا العالمية والاقليمية والكوردستانية، وكذلك صفات الهجوم بحقٍ أو غير حق على من يشاء من زعماء كورد وأحزابٍ كوردستانية تقف عائقاً أمام وصول حزب العمال “الكوردستاني!” إلى ذروة القوة والسلطة في عموم كوردستان. إنه يعربد ويزأر بأفضل من ذاك الذي أحرق بغداد من أجل كركوك ثم أحرق أنقره من أجل عفرين وكذب.
 مثل هذه الشخصية المريضة أو المشكوك في ولائها للقضية الوطنية الكوردية لا تحتاج سوى إلى بضعة مئات من النساء والأولاد للتصفيق وترديد الهتافات كما تحتاج إلى صور بعض الشهداء تتوسطها صورةٌ كبيرة للرئيس الذي من دونه لا حياة للأمة الكوردية كلها. وقد خصصت المسارح للهجوم ليس على أعداء الحزب الذين يشنون الحرب عليه وإنما للهجوم على أحد أعرق أحزاب كوردستان، الحزب الديموقراطي الكوردستاني، لأن في إضعاف وإرهاق هكذا حزب فوائد جمة لحزب السيد آلدار خليل وللقوى أو الدول التي تدعم مشروع ضرب اقليم جنوب كوردستان الذي يشق طريقه على طريق الحرية والديموقراطية والتقدّم الحضاري رغم كل العوائق والتحديات والانتكاسات وهجوم الخونة بالتنسيق مع الأعداء عليه. السيد آلدار خليل يريد احتلال منصب السيد أوجالان ومن أجل ذلك كان عليه تقزيم دور كلٍ من صالح مسلم والجنرال مظلوم عبدي و كل الرفاق الساعين لتحقيق وفاقٍ وطني مع الأحزاب الكوردية الأخرى في غرب كوردستان، فهو قادرٌ على خلع قناع “الوحدة الوطنية!” لينفث سموم الغدر والخيانة القومية والتحالف مع الأعداء بكل صفاقة وليس من وراء حجاب كما يفعل بعض رفاقه الأقدم منه في الحركة الأوجلانية من الكورد السوريين. وذلك بدليل أن كل من تخاطبهم من رفاقه الأساسيين يؤكدون لك بأنهم لا يوافقون السيد آلدار خليل على ما ينفثه من أحقاد ضد الديموقراطي الكوردستاني وسائر الأحزاب الديموقراطية الأخرى في غرب وشمال وشرق كوردستان، إلاّ أنه قيادي بارز لا يضاهيه أحد في تقمّص دور سيده أوجالان، كما يقولون بأن السيد أوجالان ذاته لا يوافق على هذه العنجهية التي عليها تلميذه آلدار… فماذا يعني ذلك؟ إنه السعي الحثيث من قبل هذا الكائن الغريب كلياً على كل الحراك الوطني الكوردستاني، بل على كثيرين من كوادر حزبه أيضاً، لكي يصعد على ما تبقى من درجاتٍ ليتم إعلانه دون تصريح علني منه بأنه خليفة سيده في الحزب الذي يفقد يوماً بعد يوم بريقه وتسوّد صفحته لاستمراره في التنكيل والتقتيل والترهيب ضد مناوئيه… وقد يكون السيد آلدار مبرمجاً بهذا الشكل العنيف كمقدمة للتخلّص منه كما تخلّص الحزب سابقاً من عديدٍ ممن أرادوا الجلوس على عرش الأوجلانية السائرة نحو الزوال. وحقيقةً، إذا أراد السيد آلدار القضاء على أحد أحزاب كوردستان القوية عسكرياً وذات الشعبية الهائلة في عموم كوردستان، فليشرع أولاً في تحرير (جبل الكورد، تربى سبي و سرى كانيى) من خازوق الاحتلال وإرهاب الفصائل المتطرّفة أولاً، أم يبحث مثل رفيقه النشيط مراد باشا قره يلان عن قداحة ليشعل بها النار في هولير؟   قم بتنظيف هذه المناطق من الشر الذي كان حزبك سبباً في حدوثه يا آلدار خليل قبل أن تهاجم اقليم جنوب كوردستان وتخسره أيضاً وتعرّض شعبنا هناك إلى كارثةٍ جديد أيضاً.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…