اعداد و ترجمة حزني كدو
الحقيقة الأكثر مرارة وصدمة عن الحرب هي ان أدواتها وضحاياها كائنات بشرية فردية تتحول بشكل تدريجي الى جماعية , وهذه الكائنات البشرية منقادة من قبل جماعات سياسية متوحشة بعقد لاانساني وبموجبه يقومون بالقتل اويقتلون في نزاعات ليست من اختيارهم. (الدوس هسكلي )
ديما فقدت والدها وشقيقيها بداية الحرب في مدينة حلب, لقد عثر حراس البنك الواقع على نهر قويق على مجموعة من الجثث مجهولة الهوية , لقد ذهبت ديما الى هناك لتقف على الحقيقة حيث قال لها احد الجيران بانه تعرف على ذويها ضمن كوم من الجثث .
ديما رسامة موهوبة كانت تعمل لدى شركة معلومات صغيرة لتعيل عائلتها ولكنها بعد المجزرة هربت مع امها المريضة الى طرابلس في لبنان “, الصدمة كانت كبيرة, لم يعد اي شيء مهم, (تمنيت الموت, تركت كل شيء خلفي, انقاض بيتي وجثث اهلي من القتلى, شعرت وانا اعبر الحدود اللبنانية مع أمي المريضة بانني وصلت الى قاع الهاوية, الموت الان هدية من السماء, لقد رفضت مغادرة حلب لكنني استسلمت امام الحاح امي واصرارها, لقد كانت لدي مجموعة من الألوان المائية بالوان الثورة السورية, لكنني وقفت عن الرسم, الألوان لم تعد واضحة, اللون الاحمر هو الوحيد المسيطر على مخيلتي, منظر ابي المقتول وشقيقي والدماء في كل مكان على اجسامهم , ومن ئم رمي اجثامهم ككلاب مسعورة, كلما مسكت الريشة لارسم احس بانني على وشك ان ارسم بدماء اهلي وصمة عار على قطعة من القماش”.
سمير, أكاديمي وكاتب من حمص, وصل الى بيروت بعد سنة من الحرب مع زوجته وطفلتهما حليمة, غادر لانه كان قلقا على اسرته, ندم كثيرا على تركه الديار ويشعر بانه خان الثورة, ولكنه يواصل الثورة عن طريق الفيسبوك والتويتر اللتان اصبحتا رئتيه, وهو يعمل للثورة من خلاهما, وهو بصدد تاليف كتاب وثائقي عن الجرائم ووحشيتها, وحتى هنا في بيروت في شارع الحمراء تشاجر مع الشبيحة الذين هددوه, وبدأ يشعر بان حياته أصبحت مهددة حتى بعد هروبه من قبل أعوان وانصار النظام, انه لا يريد ان تصبح زوجته أرملة وطفلته يتيمة.
نائلة, مهندسة معمارية وخريجة جامعة بيروت الأمريكية وهي على شفة الانهيار, والدها يرفض مغادرة دمشق بحجة المرض, والأمن السوري استدعوه واستجوبوه لثلاث ساعات بسبب موقفها من النظام, ” اعرف انهم يراقبونني ويتابعون صفحتي على الفيسبوك, والدي و والدتي أدمنوا سكنى الشام, هواء الشام, كل شيء في الشام ولن يتركوا بيتهم مهما كانت النتيجة, ” لن يجعلوني اغادر ارضي قالها أبي عبر السكايب “كلما تغلق نائلة عينيها ترى الأموات” تشعر كأن جفونها اصبحت غطاء لتوابيت كاملة من الجثث “
علاء, سوري, صحفي موالي للأسد, لا يفوت فرصة حتى يهاجم الثورة السورية ,” ما حدث كارثة حقيقية, المتمردون بدأوا الحرب وهم مسؤولين عن كل بؤس يعيشه شعبي اليوم “نظام الأسد ليس ملاكا لكنه أفضل بكثير من المتطرفين والسلفين, امريكا ومن يدور في فلكها لها أجندتها والغرب يستخدم سوريا لحرب بالوكالة ضد ايران, والمتمردون عبارة عن دمى وتماثيل في يد المصالح الغربية الاستغلالية, الصحفيون والسياسيون والاعلام الغربي ساهم في تأجيج الصراع وفي دمار الوطن السوري الذي سوف لن يعود الى سابق عهده “.
هادكار محمد, كوردي عراقي من السليمانية, غادر السليمانية الى الدنمارك ليدرس في كلية الهندسة حتى يساهم في بناء وطنه, الذي قاس جميع صنوف العذاب والويلات كما رواها له والدته, تعرف هذا الشاب على بعض من فقهاء الظلام واوكار التكفيرين في بلاد الكفر, وبدأوا بتزين درب الجهاد له, وبأن الجنة قاب قوسين أو أدنى, وان حور العين في انتظار الشهداء, حدثوه عن الثورة السورية, وعن العجز في الكوادر الطبية, وتزايد اعداد الجرحى اليومي, ترك هادكار الدراسة واتجه الى التطبيق العملي واستشهد على الارض السورية اثناء عمله هناك.
ختاما, هذه عينات وأراء حقيقة قاسية ومتنوعة من الأزمة السورية, وهناك مشاهد اقسى بكثير, ولكن, موالة كنا ام معارضة, الأزمة الحقيقية هي الأزمة الانسانية, الشوارع تغسل من الدماء يوميا, رائحة الموت في كل مكان, السوريون يقتلون في كل ثانية, اكثر من ٧٠٠٠٠٠ قتيل من ضمنهم ١٠٠٠٠طفل قتيل و الألاف الجرحى, وملايين المشردين والمفقودين, الناس يقتلون كالذباب لان الاسد لن يتخلى عن السلطة ببساطة, المتطرفين الاسلاميون يتوافدون من كل صوب وحدب, تركيا سبب دمار سوريا وانتشار داعش تجار الحروب يضاعفون من ثرواتهم , الثورة تنحرف عن مسارها يوما بعد يوم, حلفاء الثورة من الدول الاقليمية ترحب وتساهم في تدمير سوريا والعالم تحت اسم الاسلام, اللاجئون السوريون يهانون في وضح النهار وتنتهك اعراضهم في الاردن وتركيا ولبنان ومن قبل لوردات الحروب, الخاسر الأكبر المدنيين السوريين شعبا وطنا وكيانا.