دلشاد مراد
أعلن سياسيون كُرد السبت المنصرم (11 أيلول الجاري) ومنهم أعضاء في اللجنة السياسية لحزب يكيتي الكردي في السابق (عبد الباقي يوسف وقهرمان مرعان آغا) إطلاق تنظيم جديد على الساحة الكردية السورية باسم (حراك خوى بون) وذلك من مدينة قامشلو مركز الثقل الكردي في شمال وشرق سوريا.
حمل التنظيم الجديد شعار “نحو إرادة مستقلة”، وعرف نفسه في بيانه التأسيسي على أنه “حراك سياسي وفكري يهدف إلى استقلالية القرار السياسي الكردي وبلورة إرادة حرة جامعة عن طريق الحوار في كردستان -سوريا”.
وأوضح الحراك على صفحته الرسمية على أن “حراك خوى بون ليس حزباً أو تنظيماً حزبياً، بل هو حراك فكري سياسي قومي وثقافي قائم على وضع رؤى يقدمها الأكاديميين من الشباب الكردي الجديد للحلول الواقعية بخصوص الأزمات القائمة على الأرض، وأن الغاية الأساسية من الحراك هو إيصال فكرة استقلالية الشخصية القومية الكردية في “كردستان الغربية” والتأكيد على استقلالية القرار السياسي في هذا الجزء من الوطن إلى الذهنية العامة في مجتمعنا الكردي والعمل على القيام بدراسات اجتماعية وثقافية من أجل توحيد الفكر المجتمعي وتطلعاته في إطار قومي كوردي منظم”.
ورغم أنه من المبكر الحكم على هذا التنظيم الجديد في الساحة الكردية، إلا أنه من المتوقع أن يعاني القائمون عليه الأمرين لكسب ود الوسط الكردي الذي بات يحنق من كثرة التنظيمات السياسية الكردية دون أن يوازيها نتائج وأفعال إيجابية ملموسة على أرض الواقع.
لكن ما يلفت النظر أن مؤسسي التنظيم الجديد لم يعلنوه حزباً سياسياً بل حراكاً سياسياً وفكرياً، وإذا كان لابد من مقاربة جدية لمعرفة الأسباب فلا بد من الانتظار قليلاً لإدراك حقائق الأمور، ولكن حتى ذلك الوقت يمكن مبدئياً إرجاع الأسباب إلى التخلص من التركة الحزبية السيئة السمعة في الشارع الكردي، وبالتالي التسويق لشكل تنظيمي جديد قادر على جذب الأوساط الكردية وبخاصة الفئة الأكاديمية والمثقفة والشبابية. كما أن الدعوة إلى استقلالية الشخصية القومية الكردية والقرار السياسي الكردي في روج آفا هو الطريق الوحيد الذي يمكن لمثل هذا التنظيم إيجاد موطئ قدم له على الساحة السياسية الكردية. مع العلم أن هذا المبدأ موجود في البرنامج السياسي لجميع التنظيمات السياسية الكردية في سوريا دون استثناء، ولكنها دخلت بحكم الواقع وبحكم الجغرافيا السياسية المشتركة للأمة الكردية وطموحاتها وآمالها الواحدة في المحاور السياسية الكردستانية.
ولذلك يتعين على القائمين على التنظيم الجديد بذل جهد كبير لإثبات توجهاته والمبادئ والأهداف التي تأسست من أجله، وإلا فإن الجمهور المحلي لن يتردد في إطلاق حكم قاسٍ عليه. وعليه من المتوقع أن يشهد الأيام المقبلة تحركات نشطة لمؤسسي حراك خوى بون في أوساط المثقفين والشبيبة لجذب هاتين الفئتين إلى التنظيم الجديد وهذا بحد ذاته أمر في غاية الأهمية، وعليه فأن المستقبل القريب سيكشف لنا فيما إذا كان التنظيم الجديد قادراً على تحريك الركود السياسي والفكري والثقافي الكردي أم أنه مجرد فقاعة إعلامية كغيرها من المحاولات المماثلة في أوقات سابقة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الزاوية الأسبوعية “الحديث الثقافي”، صحيفة روناهي الورقية في شمال شرق سوريا، العدد 1013 / 15 أيلول 2021م.