م. نذير عجو- هولندا
كان ياماكان في قريب الزمان, عندما أُعتقل اللبواني وأُودع مضافاً للكثيرين من الثائرين والمجاهدين قديماً وحديثاً في سجون النظام السوري الديكتاتوري, هؤلاء الثائرين!!! والمجاهدين!!!, كانت ثورتهم وجهادهم تحت أسماء وأهداف مختلفة, فمنهم من كانت أهدافهم عقيدية طائفية (الإسلاميون) وعينهم على السلطة, ومنهم من كانت أهدافهم أيدولوجية عقائدية (الشيوعيون) وعينهم على المشاركة في السلطة, ومنهم من كانت أهدافهم (يدّعون) ليبرالية ديمقراطية (مستقلين ديمقراطيين وأصحاب رأي معارضين) وعينهم على كرسي من السلطة, ومنهم من كانت أهدافهم قومية تحريرية (الكورد) وعينهم على التحرر وإثبات الهوية والوجود والذات الكوردية ضمن خارطة وجودهم .
عند سماع الكورد آنذاك بإعتقال وسجن ماسمي بصاحب الرأي الحر الليبرالي!!! الديمقراطي!!! (د. كمال اللبواني) في أقبية النظام السوري, نسيَّ أو أجّل الكورد سجنائهم وحكاياتهم المأساوية المستدامة, وخرجوا للتعبير عن رفضهم وسُخطهم لسجن الدكتور كمال اللبواني وهَرعوا نحو الهيئات والمراجع الأوربية والدولية برفقة القليل من الآخرين من السوريين وغيرهم ذوي الأهداف المختلفة, حيث ثقل الكورد وخبرتهم وباعهم الطويل في التعبير عن سُخطهم ورفضهم لتنكُّر الانظمة التي يتواجدون فيها (سوريا مثالاً) ولوجودهم الكثيف على إمتداد دول إحتواء الكورد (الدول الغربية) عبر سرمدية زمنية من الهروب من بطش ووحشية الأنظمة التي تسلطت على كوردستان المجزئة ورقاب شعبها الكوردي, حيث إلتجائهم من ذلك الإضطهاد والبطش نحو دول الحرية والديمقراطية والقيم الإنسانية الحقيقية (الدول الغربية).
حيث خرج الكثيرون من الكورد المتواجدين في الدول الأوربية مع غيرهم رافعين شعار الحرية لسجين الرأي الليبرالي!!! الديمقراطي!!! (د. كمال اللبواني) من أقبية النظام السوري الديكتاتوري, وقامت الدنيا ولم تقعد لحين خروج السيد الدكتور كمال اللبواني, تنفس حينها الكورد وغيرهم من المشاركين الصعداء إضافة للكثير من الهيئات والمنظمات الدولية الحقوقية والإنسانية (الأمنستي مثالاً), حيث كان إحساس الكورد بإنتصار سيكون له إمتداد للمستقبل!!! وأنهم كسبوا صديقاً سعوا من أجل تحريره وسيكون بدوره صديقاً من أجل تحررهم .
واليوم الكورد أمام رد جميل من السجين الليبرالي السابق وإنعكاس للإحساس الذي تأملوه عند تحرير الدكتور كمال اللبواني آنذاك, بكسب صديق لهم يؤمن بهويتهم ووجودهم كما هوية ووجود ماينتمي هو لهم, حيث اليوم الدكتور كمال اللبواني يمحو القومية الكوردية بفيلم طوله بضع دقائق من قاموسه وينسبهم للقومية العربية من منطلق أن الكورد أستوطنوا المدن وتكلموا العربية وهم بالتالي عرب, إضافة للكثير من هلوساته الليبرالية والديمقراطية, حسب المفهوم النسبي لليبرالية الكماليزمية الليبوانيزمية, مشاركاً شيخ قضاة سوريا (قاضي سوريا الأسد السيد هيثم المالح) حيث تعريفه للكورد بأنهم عرب كوردوا إلى الجبال فأصبحوا أكراد!!!, ولن نطيل السرد عن الكثيرين من أوجه السحارة كما يقولون, مما بنى السوريون عليهم آمال التغيير الحقيقي في سوريا والتي أثبتت الوقائع عكس ذلك, وكذلك كان للكورد نصيبهم من هؤلاء السوريين في بناء آمال الإيمان بالتعايش المشترك وفق الإعتراف المتبادل بالوجود والهوية والحقوق, والتي كانت الخيبة من نصيبها, والتي ستكون بدورها عنوان اللا إستقرار والصراع الدائم بين أصحاب الحقوق ومغتصبيها.
حكاية الشعب الكوردي مع جيرانهم بدايتها ممتدة عبر عقود وعصور من صور القهر والمآسي الإنسانية المترافقة بجرائم القتل والإبادات, وعلى مايبدو ليس لها نهاية, طالما أن جيرانهم لن يحيدوا عن مفهومهم العنصري والمتطرف للآخر, ومن ناحية ثانية طالما أن الكورد لا يتعلموا من دروس التاريخ ويعيدوا ويكرروا تعاملهم العاطفي على حساب إلتفاتهم وإهتماهم لقضيتهم وحقوقهم الخاصة والتي لاتتعارض مع قضايا وحقوق الآخرين بميزان الشرعية الدولية والعدالة والقوانين الإنسانية الوضعية والسماوية.
وما حدث ويحدث اليوم على الساحة السورية والفرصة التاريخية للشعب الكوردي الذي شاءت إرادة أصحاب القرار في وقتها, أن تكون جزء من كوردستانهم ضمن الخارطة السورية دون إرادتهم, تفرض على الكورد بأن يعبروا عن هويتهم وذاتهم بالوقوف أمام الآخرين كأنداد, يؤكدون فيها على أحقية ومشروعية قضيتهم كشعب يعيش على أرضه التاريخية كثابت كما ثابت أحقية ومشروعية قضية الشعب العربي في سوريا مثالاً, وتتفرع عن تلك الثوابت تفاهمات وتوافقات مافوق دستورية ضامنة تعطي الأمان والضمان لكل الأطراف ولاسيما الطرف الكوردي الذي أثبتت التجارب بأنهم كانوا ضحايا الشعارات والمفاهيم الإنسانية النسبية والمجزأة والمفصلة حسب المصالح الذاتية, إضافة إلى النفاق ونقض العهود والمواثيق البعيدة عن الضمانات المؤكدة من الأطراف التي خبرت كيف تؤكل كتف الكوردي .
فهل من الكورد من ينطلق من ذاته بالإيمان أن قضيته هي قضية أرض وشعب وقضية هوية ووجود, وبالتالي يغير قاعدة التعامل مع الآخر من الإستجداء والإسترحام إلى قاعدة الند للند المبني على مشروعية الوجود والحقوق وفق الشرائع والمواثيق والقوانين الدولية الوضعية منها والسماوية؟؟؟.
فكم من اللبواني سوف نساند بدلاً من مساندة ذاتنا المقهورة؟ كم من القوى الناشئة سنستجديهم ونذهب معهم دون ضمانات حقيقية أو ثوابت واقعية ومشروعة؟ وكم من التجارب سنخوض؟ وكم من مرة سنقع ونتهيأ لتجربة جديدة ومكررة ؟ فهل هي جينة في الشعب الكوردي أم نتركها للأجيال الأتية لكسر القاعدة من أجل إرساء أسس الإنعتاق والتحرر وإثبات الهوية والذات الكوردية.
٢٠-٠٢-٢٠٢١