ملف خاص بمناسبة الذكرى السابعة عشرة لانتفاضة الثاني عشر من آذار 2004 – القسم (11)

القسم الحادي عشر والأخير يضم مساهمات كل من السيدات والسادة:
– عمر كوجري
– خورشيد شوزي «2/2»
– م. محفوظ رشيد «3/3»
– هجار يوسف
– سلطانة داوود
– شهناز كلو
– سيامند ميرزو
– حزني كدو

 

في انتفاضة 12 آذار العظيمة كان بإمكان الكورد أن يغيّروا وجه سوريا ككل لكنهم تُركوا وحيدين في المقتلة
عمر كوجري
بعد سبعة عشر عاماً من عمر انتفاضة آذار المجيدة ورغم أهميتها الفائقة ودورها المحوري في حياتنا العامة في غربي كوردستان، وسيستمر هذا التأثير الهائل لعقود وعقود إلا أن الأضواء لم تسلط عليها كما يجب رغم أن بعض المثقفين والساسة الكرد نشطوا سواء في العاصمة دمشق أو غيرها من المدن السورية، والتقوا بفعاليات سياسية وثقافية سورية، وزار الوفد إلى بعض الدول الأوربية لشرح حقيقة الوضع في غربي كوردستان ورغم بعض النجاح الذي تحقّق على أيدي الوفد، لكن وبسبب الإمكانيات الضعيفة التي امتلكها الكرد على صعيد التفاعل المباشر والدبلوماسي والالتقاء بشخصيات دولية فاعلة كان من الممكن أن تلعب دوراً في لجم بطش النظام السوري آنذاك، وهذا ما أثر في تقليل فاعلية ذلك التحرك النبيل.
شعبنا قبل الانتفاضة، أنصت بانتباه كبير إلى الفرح الذي صدر عن هولير، وكيف أن طاغية بغداد قد تهاوى، رغم جبروته، وهذا ما أسقط طاغية دمشق بالمعنى البلاغي في نفوس الكرد، ولم يروه إلا ساقطاً إن عاجلاً أم آجلاً، فالنجاحات التي ظفر بها حركتنا السياسية وشعبنا في الشطر الجنوبي من القلب.. كوردستان، كان لها وقع السحر في قلوب الكرد في الشطر الغربي من الوطن، لهذا حين حدثت الانتفاضة، هب الكرد هبة عظيمة زلزلت اركان النظام في دمشق، ولو استمرت الانتفاضة لأيام عديدة قليلة، ربما كان النظام في وضع لا يُحسد عليه، ولكن القيادة السياسية الكردية اكتفت بإصدار بيانات كانت في غالبها لها طابع التهدئة، ربما لمعرفتها العميقة بالعقل الأمني والاستبدادي للنظام، والتخوّف من توسّع دائرة الانتقام من موضوعة الحجز لأيام وشهور والاستدعاءات الأمنية إلى اجتياح المنطقة الكردية بأسلحة ثقيلة.
وبعد الانتفاضة، حاول النظام أن يقتل روح المقاومة في قلب شعبنا، فبدأ بإجراءات تعسفية أكثر وحشية مما قبل، وتعمّد قتل العديد من الشباب الكردي في القطعات العسكرية، وكان يمنع أهالي الشهداء حتى فتح توابيت أبنائهم، وزعم النظام أنهم انتحروا، إ ضافة إلى مضايقات واعتقالات وضغط نفسي هائل لإجبار الكرد على الرحيل وترك وطن الآباء والأجداد، في محاولة يائسة من النظام للتخلص من ” العصاة الكرد”!!
وبكل حال، كان صعباً إيجاد مؤسسة للعناية بضحايا الانتفاضة  جرحاها وأسر شهدائها، كان صعباً لأن الإرادة في إيجادها انتفت، وإلا الشهداء والجرحى ليسوا بالآلاف، وهناك في داخل الوطن، وكذا في المهاجر الأوربية شخصيات تملك الكثير من الأموال، وتستطيع دفع المال، ولكن شرط توفر جهة تتوافر فيها المصداقية والشفافية العالية، طبعاً كان مهماً لو تأمنت رواتب ثابتة لأهالي الشهداء، وكان مهماً لو تم الالتفات الى الجرحى، ومعالجتهم في الخارج، حيث الإمكانيات الطبية العالية هناك.
ولكن للأن لم يحصل شيء من هذا القبيل، رغم وجود بعض المعاقين الذين يقضون حياتهم على كراس متحركة منذ سبع عشرة سنة، وحتى الآن، دون أن يلتفت إليهم أحد، أو يزورهم أو يستمع إلى مأساتهم، وهذا الوجع في قمته.
هل هذا يعني أننا جادون، ونتسابق في استذكار هذه الانتفاضة العظيمة في يوم حدوثها فقط، وما ان يحل اليوم التالي حتى نسدل الستار عليها بانتظار عام مقبل، وهكذا؟ إن كان ذلك تمجيدنا لقيم هذه الانتفاضة، فلن نحصد في قادمات الأيام غير الخذلان بكل أشكاله وأوجهه، لأن من يملك روح ذكرى صافية كذكرى انتفاضة آذار يستطيع تقديم الأفضل والأحسن لشعبه حينما يصمم على التغيير واستحصال الحقوق.
  في انتفاضة 12 آذار يمكن القول إن الكرد كسروا حاجز الخوف، وكان من الممكن أن يغيّروا وجه سوريا ككل، لكنهم تُركوا وحيدين في المقتلة.
=====================
انتفاضة قامشلو 2004 م(2/2)
خورشيد شوزي
 
لطخة عار على جبين النظام ؟ 
ان للدم سطوته!، وسيظل الدم لطخة عار على جبين مرتكبي الجريمة، والكردي بطبيعته سموح، لا يحتمل ضغينة تجاه أحد، كان من الممكن استيعاب ما حدث لو أن السلطة عالجت الأمور -بحكمة- من خلال عدم اللجوء إلى الاعتقالات الاعتباطية، وممارسة الضرب المبرح حتى الموت بحق شباب الكرد..!
في الأيام التالية للانتفاضة نفذت عناصر الأجهزة الأمنية القمعية حملات انتقامية وعشوائية، وقامت بارتكاب وممارسة أبشع أنواع التعذيب والمعاملة الحاطة بالكرامة الإنسانية، بعيداً عن أعين الوسائل الإعلامية والمنظمات الإنسانية الدولية في السجون السرية المرعبة، حيث قامت باعتقالات عشوائية للمواطنين من منازلهم، شملت العشرات من الأطفال، وقد تعرضوا للتعذيب بواسطة الصعقات الكهربائية، وتكسير الأصابع، والضرب على مختلف أنحاء الجسم بالكابلات، ولوحظ آثار التعذيب واضحة على أجسادهم بعد الإفراج عن بعض المعتقلين.
وفي جامعة دمشق تم استدعاء 28 طالباً وطالبة للتحقيق معهم، وقد فصل الكثير منهم من الجامعة والسكن الجامعي، بحجة اشتراكهم في الأعمال المخلة بأنظمة الكليات والمدن الجامعية، والاشتراك في أعمال ذات طابع سياسي، وتوزيع النشرات، و وضع إعلانات دون إذن مسبق من رئاسة الجامعة.
لكن النظام وكعادته في امتهان الكذب وتحريف الحقائق أقنع بعض الأخوة العرب من أن هذه الانتفاضة هدفها النيل من جبهة الصمود والتصدي، واقتطاع جزء من الأراضي السورية.
 
سيكولوجيا العنف و معاناة الكردي عامة؟
نعلم أن أحداث قامشلو التي بدأت في 12-3-2004 بين النظام والشعب الكردي كانت الانتفاضة الأولى ضد فجور النظام الدكتاتوري الأمني منذ عقود بعد أحداث حماه وحلب في بداية الثمانينات من القرن الماضي، والتي شملت عدة مدن ومحافظات سورية خلال الأيام القليلة اللاحقة، وكانت حصيلتها عشرات القتلى والجرحى الذين سقطوا على يد قوات الأمن والشرطة، لاستخدامهم الرصاص الحي المتشظي (ينفجر عند الإصابة)، وخراباً وأضراراً كبيرة بالممتلكات العامة والخاصة على السواء، ولأول مرة تم تحطيم تماثيل الطاغية هبل. وتلتها في الأيام التالية حملة اعتقالات عشوائية للمواطنين من منازلهم، شملت العشرات من الأطفال، وقد تعرضوا للتعذيب بواسطة الصعقات الكهربائية، وتكسير الأصابع، والضرب على مختلف أنحاء الجسم بالكابلات، ولوحظ آثار التعذيب واضحة على أجسادهم بعد الإفراج عن بعض المعتقلين.
ثمة معاناة عامة يعانيها الكردي في سوريا تتعلق بمسألة الديمقراطية والحريات، وهناك معاناة خاصة فهو محروم من أبسط حقوقه السياسية، والثقافية، ولعل الحركة الكردية صاغت مطالبها على نحو جد واقعي، ومن الممكن التفاوض معها مباشرة فهي لسان حال الكرد السوريين قاطبة.
إن نسبة مثقفي الكرد عالية، لأن تعداد الكرد أصلاً عالي في سوريا، فمن الطبيعي أن ينعكس ذلك على دوائر الدولة أيضاً، ولكن كم جامعياً من غير الكرد دون وظيفة، كم طالباً غير كردي طرد من مدرسته من معهده أو جامعته،.. كم.. وكم.. وكم.. كيف الكردي يعامل على نحو استثنائي! وكم وزير كردي عين لأنه كردي، بل كم محافظ كردي عين منذ أكثر من خمسين عاماً؟!.
 
دور المثقفين والإعلاميين إزاء الأحداث؟ 
المثقفون والإعلاميون كل لعب دوره بحسب معدنه وانتمائه، وثمة قول فرنسي شهير: “بالاحتكاك يتبين النحاس من الذهب”، وحقاً كانت هناك مواقف مشرفة لبعض المثقفين ممن لا يمكن نسيان دورهم الكبير، وستظل أسماؤهم محفورة في الوجدان الكردي والوطني، وهناك من وجد الفرصة سانحة لتسويق نفسه لدى السلطة و وسائل الإعلام والثقافة – من قبيل الاستزلام، وهؤلاء بغاث، طفيليون، قصار الرؤى، معروفون بسلوكياتهم وأحقادهم المتراكمة، ظناً منهم أن بقرعهم الأجراس ضد الكرد للتطهير العرقي قادرون على إمحاء الوجود الكردي… باختصار، كان ذلك ضرورياً لمعرفة جوهر كل منهم في بازار الدم الكردي، الذي دعا بعض ذوي القراءات التاريخية الخاطئة، للتكشير عن أنيابهم، وعلى عادتهم، لكنهم لم يحصدوا سوى خسارة ماء الوجه، ريثما يأتون ويمثلون – مرة أخرى – في مسرحية مقبلة.
نظرة الآخر إلى الكردي
أولاً: تصريحات ما يسمى بالمعارضة السورية
· في أواخر عام 2011 صرّح العلماني د. برهان غليون،رئيس المجلس الوطني السوري في حينه، في لقاء تلفزيوني مع قناة “دوتشه فيله” ردّاً على سؤال بخصوص ما يطالب به الكرد من تطمينات لعدم اقصائهم في سوريا المستقبل، قال: إنّ هوية الدولة السورية عربية كون أغلبية السكان من العرب، وأن المكونات القومية الأخرى في سوريا هي جماعات أو تجمعات قومية تشبه وجودها تواجد المسلمين والمهاجرين في فرنسا.
· في حديث منشور في “صوت الكرد” بتاريخ 25/ 11/ 2011 للسيد علي صدر الدين البيانوني القيادي في جماعة الأخوان المسلمين، أكّد بأنه لن يقبل بحق تقرير المصير للشعب الكردي في سوريا ولن يقبل أيضاً بأي مشروع يتبنى الفيدرالية في سوريا الجديدة.
وفي تصريح له لفضائية الجزيرة بأن أكثر من 90% من الشعب السوري هم عرب ومسلمون سنّة.
وفي آب/أغسطس 2012 قال أيضاً في برنامج “نقطة نظام” على قناة العربية الفضائية بأن: الكرد لا يشكّلون أغلبية في المناطق الكردية، وخاصة في منطقتي الحسكة والقامشلي.
· في تصريح للمعارض الحقوقي هيثم المالح على قناة العربية في 13/8/2013 قال: إن الكرد هم عرب نسوا انتماءهم القومي… أيضاً: حقوق الكرد غير مشروعة.
· وفي مقابلة أجرتها معه كرد ووتش في 8 آب/ اغسطس 2011، يقول سمير النشار القومي العلماني، عضو الائتلاف السوري المعارض:
أهم مطالب الكرد هي الاعتراف الدستوري بهم كقومية ثانية في سوريا. هل هذا ممكن؟
ويستطرد قائلاً: أنا شخصياً لا أُقيم اعتباراً للقوميات، بما فيها القومية العربية…
يتخوف بعض القوميين العرب أن يؤدي الاعتراف الدستوري بالكرد كقومية ثانية في المستقبل إلى مطالب من قبيل التقسيم أو حق تقرير المصير أو الإدارة الذاتية. الأكراد هم مواطنون سوريون ككل المواطنين العرب و الآشوريين و الأرمن و الشركس و الآخرين.
وفي برنامج على قناة روداو الكردية، قال: بالمعنى السياسي لا يوجد شيء اسمه الشعب الكردي، المكون الكردي في سوريا جزء من الشعب السوري، نعم يوجد الشعب الكردي بالمعنى الثقافي في سوريا وتركيا والعراق وإيران وأذربيجان وفي دول أخرى، وفي أوربا يوجد الكرد، هذا كلّه بالمعنى الثقافي وليس بالمعنى السياسي.
· وفي مقال بعنوان “أين أمست القضية الكردية” منشور في موقع “كلنا شركاء” بتاريخ 17/6/ 2015، كتب الليبرالي د. كمال اللبواني:
لن تكون بعد اليوم القضية الكردية قضية حقوق إنسان، بل قضية جنايات دولية، وعلى العالم كله أن يتعرّف عليها بوجهها الجديد، الذي لا يقل قباحة عن الوجوه القبيحة التي ظهرت علينا وثـِرْنا عليها وما نزال، وعلى دول المنطقة أن تتعظ مما يجري، وعلى شعوبها أن تحمل السلاح وتقاتل، نقاتلها من أجل الحضارة التي أصبحت في مكان لا تستطيع القضية الكردية أن تدخله.
· وفي ردّه على سؤال طرحت عليه قناة روداو الكردية حول حقوق الكرد، قال منذر ماخوس:
نحن نقول منذ فترة طويلة إن المعايير الجديدة في سوريا هي معايير المواطنة بغض النظر عن الخلفية الإثنية أو الطائفية المذهبية.
وعمّا إذا كان طلب الفيدرالية للكرد مشروعاً، قال:
نحن لا نعتقد ذلك، هناك مكونات أخرى، ويجب المحافظة على هيكل الدولة، والعمل على كيانات شبه منفصلة ليس لصالح الشعب السوري ولا الكرد. (منشور في أورينت نت في 3/2/2016).
· في تصريح لوكالة (آكي) الإيطالية في 12 آذار/مارس 2016، حذّر المعارض السوري ميشيل كيلو العلماني:
من أن السوريين لن يسمحوا بإقامة كيان مشابه لإسرائيل على أرض سوريا، مشيراً إلى مشروع الفيدرالية الذي أعلنت عنه تشكيلات سياسية وعسكرية في شمال شرق سوريا بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، وذراعه العسكري وحدات حماية الشعب. وأكد أنه لا توجد أرض كردستانية في سوريا، إنّما يوجد مواطنون أكراد لهم كل الحقوق القانونية وحقوق المواطنة، وأن لهم الحق في أن يديروا شؤونهم بأنفسهم ضمن توافق سوري عام على شكل الدولة، لكن لا توجد أي وثيقة دولية تتحدث عن أرض كردستانية في سوريا.
· في تصريح لرئيس الوفد المعارض في مفاوضات جنيف أسعد الزعبي لراديو أورينت قال:
إنّ الكرد لا يشكلون 1% من عموم الشعب السوري، وإنهم كانوا ينتظرون في عهد حافظ الأسد ورقة تثبت أنهم بشر.
 
ثانياً: تصريحات النظام السوري
في تصريح لجريدة الأخبار اللبنانية في 8 إبريل/ نيسان2016، شدّد بشار الأسد رئيس النظام السوري، على أن:
أي حبة تراب سورية سندافع عنها وهي ملك للشعب السوري. لا بحث ولا إمكانية ولا فرصة لتقسيم سوريا. هذا كلام واهم لا قيمة له. أما فيما يتعلق بتطلعات بعض القيادات الكردية، فإما أن هؤلاء واهمون أو أنّهم لا يعرفون حقيقة الوجود الكردي في سوريا تاريخياً، وأضاف:
بعد هزيمة المؤامرة الخارجية التي استهدفت سوريا، تحاول الولايات المتحدة وحلفاؤها الاستثمار في المسألة الكردية ولن ينجحوا… والمنطقة التي أعلنت فيها الفيدرالية لا يزيد عدد الأكراد السوريين فيها على 23 في المئة، وهذا ما يجعل الفدرلة وهماً.
إذاً ما الفرق بين المعارضة والنظام؟! أليسا وجهان قبيحان لعملة واحدة. ويعكسان الذهنية العامة لدى قادة المعارضة والنظام على حدٍ سواء، ونظرتهم الشوفينية المشبعة بالحقد تجاه المكونات الإثنية وخاصة المكون الكردي، وأن بعضهم يقترح على الحكومات والشعوب القابعة على جغرافية كردستان على حمل السلاح وإبادة وإلغاء الوجود الكردي على أرضه التاريخية.
 
ثالثاً: تصريحات بعض الكتاب العرب والترك والفرس
هناك تيار من الكتاب العرب والترك الذين تحرروا من هذه الرؤية العدمية للأمور، وتبنوا رؤية أشمل وأعمق لمجمل القضايا وخاصة تلك التي تمس وجود الشعب الكردي وحقوقه. إنّهم يرصدون واقع هذا الشعب من المنظور التاريخي والإنساني والحقوقي، ويسعون لتأسيس فكر يكون العنصر الأساسي فيه الانفتاح و قبول الآخر المختلف و إقامة علاقات متكافئة معه.
· وفي هذا السياق يمكن الاستشهاد بما قاله عالم الاجتماع التركي الشهير إسماعيل بيشيكجي الذي قضى سبعة عشر عاماً وشهرين في السجون التركية بسبب مواقفه المبدئية ودفاعه المستميت عن الشعب الكردي وحقه في تقرير مصيره:
«إنّ الأكراد ليسوا أقلية، فهم يعيشون في وطنهم وعلى أرضهم. وهم السكان الأصليون لهذه البلاد. ولم يأتوا إلى كردستان من إقليم أو منطقة أخرى. وعلى العكس من ذلك، لم يصل الأتراك، على سبيل المثال، إلى الأناضول إلا في القرن الحادي عشر الميلادي. فالأكراد ينتمون، شأن العرب والفرس، إلى السكان الأصليين في الشرق الأدنى. وينفرد الأكراد من بين هذه الشعوب في أنهم قُسّموا وشتتوا ووزعوا بمشيئة سياسة إمبريالية واستعمارية. وقد أدى هذا التقسيم وهذا التوزيع للأراضي الكردية بين مختلف البلدان إلى خفض نسبة السكان الأكراد داخل حدود كل دولة. ويجدر التأكيد على أن من الصعوبة بمكان الحديث عن أقلية يتراوح عددها بحدود 30 مليون نسمة». (كردستان مستعمرة دولية ص26).
· وكتب الأستاذ جهاد الخازن، الكاتب والصحفي الفلسطيني اللبناني، في زاوية «عيون وآذان» في جريدة الحياة في 24 آذار /مارس 2015 مادة تحت عنوان «لست من هذه الأمة»  قال فيها:
»أسجّل هنا على نفسي أنني أؤيد قيام دولة كردية في مناطق الأكراد من تركيا وسوريا والعراق وإيران، هم وحدهم قاوموا الإرهاب والإرهابيين وحموا أنفسهم، وأثبتوا أنهم أكثر استعداداً للحكم وأعبائه من عرب فتحوا الأبواب لعصابات إرهابية تقتل المسلمين والمستأمنين»، ويضيف:
«قررت أن أطلّق الأمة العربية طلاقاً بائناً لا عودة عنه. لن أكون من أمّة تقتل أبناءها، تدمّر مستقبلها، تنفّذ ما يريد أعداؤها، ثم تتهم الآخرين ودم الأبرياء على يديها«.
· يقول الكاتب العراقي هادي العلوي عن الأمة الكردية في معرض وصفه لكتاب «ميديا» -إ.م. دياكونوف، ترجمة وهبية شوكت:
»أعرق أمّة في هذه المنطقة التي يسميها الغربيون (الشرق الأوسط)، ولعلهم أسبق وجوداً فيها من أولى الموجات السامية كالأكديين، ومن المؤكد أنهم أقدم من الآراميين والعرب، ولا شك أنهم أقدم من الأتراك الذين لا يزيد عمرهم في آسيا الصغرى على السبعة قرون. ومن المتعارف عليه بين الأثريين والمؤرخين أن دولة ميديا كردية. ولعلها الدولة الكردية الوحيدة التي ظهرت في التاريخ، فقد خضعت كردستان بعدها لإمبراطوريات أجنبية جزأتها أو ألحقتها بها كاملة. واستمرت على هذه الحال حتى اليوم«.
 
وختاماً،
وإذا كنا الآن، نستذكر هذه المناسبة، حيث الروزنامة الكردية برمتها تحت سطوة الألم الكردي.. في هذه الفترة من التاريخ الكردي.. ذي العلامات اللافتة. لذلك فإن ثمة دين كبير لتلك الكوكبة الرائعة في ذمة كل كاتب كردي ذي ضمير، كي يواجه أبواق التضليل التي راحت تصور الكرد: مارقين و مجرمين و دعاة تمزيق خريطة الوطن، وداعين إلى راية أجنبية معادية.. إلخ..، والجميع يعلم الألعاب القذرة التي مارستها وتمارسها سلطة البعث، وما نفذوه بأيدي آثمة صنعت جرائم كبرى، ليس ضد الكرد وحدهم.. فحسب…!
مؤكد أن العام 2004م سيظل وشماً على الذاكرة والضمير الكرديين، بل الوطنيين، والإنسانيين، بعامة، حيث إنه استهل كردياً بحمامات الدماء التي هزت ضمائرنا، ودخلنا بسببها دوامة من الألم والحوارات مع عدد من مستمرئي الدم الكردي، وحتى الآن.
وأخيراً، على الكرد الاتعاظ من تاريخهم وحاضرهم وهم يُباعون ويُشترون بأبخس الأثمان في أسواق النخاسة من قبل الغرب والشرق معاً.. على الشعب الكردي عموماً ونخبه السياسية والثقافية التعاضد وترك عادات التخوين والتشرذم، والابتعاد عن تنفيذ خطط محتليهم، ورفع شعار الكرد وكوردستان أولاً وأخيراً.
ان بناء سوريا الجديدة يجب أن يتم بموجب عقد اجتماعي جديد يحقق شراكة حقيقية ضمن دولة ديمقراطية علمانية بين العرب والكرد وسائر المكونات الأخرى، يتمتع فيه الشعب الكردي بحقه في تقرير مصيره بنفسه استناداً إلى المواثيق والأعراف الدولية، ولتحقيق هذا الهدف المنشود يحتاج الكرد إلى جهود ساستهم ومثقفيهم، وإلى ضرورة أن تنصب هذه الجهود في خدمة هذا الهدف، لا أن تتشتّت وتتنافر وتتصارع.
لكن هل سنرى سوريا الموحدة المستقرة المتآخية الاثنيات و الطوائف؟، أم أن التحالفات والتجاذبات والتنافرات ستستمر؟.
ومرة أخرى، من سيتحالف مع من ومن سيعمل ضد من؟ وأين حقوق الأقليات في الوطن الجديد إذا كانت المعارضة خارج الحكم لا تعترف بها، فكيف هي على رأس الحكم؟ كما فعل المالكي والعبادي في العراق؟؟؟!!!.
أعتقد – وأرجو أن أكون مخطئاً- أن العامل الرئيس في عدم توحيد الكلمة الكردية إضافة للنظرة العروبية الشوفينية تجاه الاثنيات غير العربية من أغلب أطراف المعارضة السورية والنظام لا فرق، هو شعور البعض بأنهم سيحرمون من “كعكة القيادة”، والدليل على ذلك أنه طوال المدة التي مرت على تأسيس الأحزاب والمجالس الكردية، والتي خلالها تم إصدار الكثير من البيانات التي دافعت عن الكرد والوطن، لم نلمس عملياً سوى الفرقة في التوجهات، والحالة الوحيدة التي تلاحم فيها الشعب الكردي في سوريا بمثقفيه وأحزابه ومستقليه وشبابه ونسائه وأطفاله كانت في الانتفاضة الكردية سنة 2004.
هوامش
1- مقالات عن الانتفاضة لـ ابراهيم اليوسف.
2- “الملامح التاريخية لشعوب شرق المتوسط – الكرد نموذجاً” قيد الطبع، المؤلف: خورشيد شوزي.
=====================
في أحداث 12 آذار كان لنا موقفاً… «3/3»
(*)م.محفوظ رشيد 
بغية قطع السبل أمام التأويلات والتحليلات لبعض المواقف والشعارات والممارسات، التي تتبناها أفراد أو فئات من الشعب الكوردي ( تطلق من هنا وهناك)، انطلاقاً من أجندتها الخاصة، فهناك من يسعى لتبرئة ذمته للسلطات، وثان ليظهر نفسه بطلاً قومياً، وثالث ليغطى على ضعفه وتخاذله، ورابع ليثبت وجوده من خلال التسابق والتنافس، وخامس يسوق لجهات لها مصالح وأهدف (؟؟)، وسادس يدافع عن أنانيتـه ومصالحه الشخصية، وسابع يعمل لاديولوجيته وحزبيته… من خلال وسائل الأعلام وخاصة الفضائيات والانترنت الواسعة الانتشار، والتي تخلق حالات كثيرة من اللغط والخلط والتشويه واللبس في طروحاتهم وطموحاتهم التي تجانب الحقائق والوقائع أحياناً، وتختلف مستوى شدتها وصحتها باختلاف الشخص ومكان تواجده ظروفه وامكاناته….
فهناك من يشكل حكومة في المنفى، وثان يطالب بادارة ذاتية، وثالث بحماية دولية، ورابع بكردستان الغربية المحررة، وخامس نشأ في الظل ويعمل في الظل، وسادس لا توجد كلمة واحدة تدل على هوية حزبه الكوردية، وسابع جندي عتيد لهذا الحزب أو ذاك من الثاثوث الكردستاني، وثامن يوصف أحداث 12 آذار بالفتنة وآخر بالانتفاضة، وتاسع يعتبر الاعتصامات تهور ومغامرة وإثارة لغضب السلطة، وعاشر يرى المظاهرة ضرورة نضالية… وهكذا فالاجتهادات والتنظيرات تختلف باختلاف المشارب والنوايا، وهذه هي الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير ولا ضير في ذلك، ولكن تكون بعض هذه الحالات صحية إذا كانت تصب في خدمة ترتيب البيت الكوردي وصيانته وتوحيده، ولا تؤدي إلى التنافر والتناحر والتشرذم.. ولا تسيء للقضية الكوردية والتي تعني بمفهومها ومضمونها هوية الكورد ووجودهم، وتعبر عن تاريخهم وحاضرهم ومستقبلهم، لذلك فمن المحرمات والممنوعات تجاوز الخطوط الحمر التالية :
1- المتاجرة والتلاعب بالقضية من خلال تحالفات أونشاطات أوبيانات صغيرة ومحددة ومؤقتة في التأثير… لغايات حزبية أوشخصية أو….
2- الاستفراد في رسم صورة القضية وأبعادها وتحديد الأولويات والثانويات من المهام والبرامج ومحاولة فرضها كأمر واقع.
3- الاستخفاف أًوالتشويه لأي شكل من النضال ومن أي فصيل كان ومحاربتها، لأنها تعني التوقيع على وثيقة إدانة للنضال الكوردي عبر التاريخ، وتعني الموافقة على ممارسات وسياسات الشوفيين ضد الكورد… وبالتالي الوقوف في خندق الجلادين ضد الضحية والتي هي القضية الكوردية.
4- عدم الالتزام بثوابت القضية في النهج والممارسة، أوتجاوزها أوشطبها أوتحجيمها أوالمبالغة فيها… بحسب الأهواء والظروف… فتخلق أخطاء كبيرة في التقديرات والحسابات وتجلب المصائب والكوارث على الشعب الكوردي برمته، ويحاكم بأكمله بجريرة فرد ( أوحزب أومجموعة أحزاب…) آلى على نفسه التحليق خارج السرب منتهجا التطرف أوالتشدد أوالمساومة أوالتخاذل أو التملق…
إن حل المسألة الكوردية بشكل سليم وجذري شرط أساسي في بناء الوحدة الوطنية والتحولات الديمقراطية والاصلاح والتغيير والعملية السياسية بصورة عامة، وعامل هام في ترسيخ أمن الوطن واستقراره.
ولهذا يتطلب من الشعب العربي في سوريا (سلطة ومعارضة) بكافة قواه السياسية ونخبه الفكرية والثقافية وفعالياته الدينية والاجتماعية ونشطاء حقوق الإنسان ودعاة المجتمع المدني، تفهم القضية الكوردية بشكل جيد من خلال التحاور مع ممثلي الحركة الكوردية والسعي الجاد والحثيث لحلها سلمياً وديمقراطياً، تعزيزاً لوحدة الوطن وسلامته.
كما أن جميع الاثنيات والأديان والطوائف ( وبكافة اتجاهاتها الفكرية والسياسية والثقافية… ) المكونة للنسج الوطني السوري، شركاء في الوطن، ويوحدهم المصير والتاريخ، ويتحتم على الجميع التحاور والتفاهم والتآخي والتلاحم… على أرضية الاعتراف بالجميع دستوريا ً، والمساواة في الحقوق والواجبات أمام القانون…
والكل يتحمل المسؤولية التاريخية (السلطة أولاً) لمجابهة التطورات الخطيرة والتحديات الكبيرة والضغوط المتصاعدة التي تحدق بسوريا الوطن وتستهدف الوحدة الوطنية، الكفيلة بحماية الوطن وتطوره وتقدمه، والظروف لا تتحمل التأخير والتأجيل، وتتطلب الحسم والحزم والعزم …
إن قراءة دقيقة وواقعية بين سطور اللوحة السياسية في سوريا، لا بد وأن نتوقف عند عدة نقاط تستحق الدراسة، من أهمها :
1- إن القوى الدينية السلفية والأصولية والتكفيرية… الحاضرة بقوة في الجوار، ليست نائمة فهي تنشط من حين لآخر، وتنتظر الفرصة السانحة لتمارس أفعالها من تفجيرات واغتيالات…. ضمن الداخل السوري وهي لم تستثن سوريا من القائمة.
2- إن القوى التي تذرف دموعاً غزيرة على صدام حسين كانت وما زالت تتفق على قضية اساسها العداء المبدئي والتاريخي للنظام السوري وخطرها ما زال قائماً.
3- إن القوى المشكلة للجبهة الوطنية، باتت مفلسة وغير فعالة جماهيرياً وسياسياً، ولم تعد موضع الرهان والثقة والاعتماد في الظروف الحالية والمستقبلية.
4- إن نسبة كبيرة من الحزبين في الوقت الراهن هو لحماية مصالحهم المادية والمعنوية بنفوذهم السلطوية ومزاياها، ومعظهم على شاكلة أنصار الرئيس الروماني المخلوع تشاوتشيسكو قبل سقوط نظامه وبعده.
5- والقوى الأخرى التي ادّعت الحياد أو الموالاة، لكسب المناصب وتسلم المسؤوليات كشفت عن حقيقتها من خلال تعاطفها وتعاونها مع القوى المعارضة للتواجد السوري في لبنان وأثناء حكومة عون في لبنان سابقاً.
6- والأكراد هم القوة الأكبر حجماً في تنظيمهم وتماسكهم، ولا يقلون شأناً واخلاصاً عن غيرهم للدولة السورية، وثقلهم سيرجح كفة الميزان في المعادلات المستقبلية في ضوء المعطيات والمتغيرات المرتقبة، وأهدافهم الرئيسية هي نيل حقوقهم القومية والوطنية المشروعة ليس إلا، وبالتالي احتضانهم أفضل من معاداتهم.
فإذا كان هذا حديث شخص ساذج (على أقل تقدير ) فهو صريح وصادق وبنفس الوقت ينبض بالحرص والاخلاص.. لمصلحة الوطن العليا، وهو المخرج الصحيح لإزالة مضاعفات 12 آذار 2004، وما أحدثته من جروح وشروخ وأثار سلبية..
والمعالجة تكمن في حسم القيادة وحزمها في اتخاذ القرارات، ومن قصر الرئاسة تحديداً:
1- وذلك باطلاق سراح جميع الموقوفين والمعتقلين على ذمة الاعتصامات والمظاهرات والأحداث.
2 ـ التعويض الفوري والكامل لجميع المتضررين، من الذين أصيبوا بعاهات دائمة نتيجة الاصابة بالرصاص أوالتعذيب…والذين نهبت أملاكهم ومحلاتهم…
3- تقديم جميع المسؤولين عن الأحداث للقضاء ومحاكمتهم، وخاصة المسؤولين عن قتل الشباب الكورد في أقبية التعذيب وقطعات الجيش.
4- اصدار قرار بمنح الجنسية لجميع المحرومين /أجانب ومكتومين/.
5- الغاء جميع المشاريع والقوانين الاستثنائية المتعلقة بالأكراد ومناطق تواجدهم ابتداء من المرسوم (93) الجائر الذي جرد بموجبه أكثر من 300 ألف كوردي من الجنسية السورية، وانتهاء بالمشروع “الحزام العربي” العنصري (!!) .
وتتطلب الخطوات السابقة السرعة وعدم التأخير، لأنها مبادئ اسعافية لبناء الثقة وتهدئة النفوس وإعادة الاعتبار وفتح الحوار.. ويتطلب أن تتبعها جملة من الحوارات والدراسات لوضع حلول جذرية وعملية لكل المعضلات والأزمات التي أحدثتها المشاريع والقوانين الاستثنائية الجائرة التي طبقت بحق الكورد، كمدخل لحل المسألة الكوردية بشكل نهائي في الاطار الوطني العام وفي سياق عمليات الاصلاح والتجديد والتطويروالدمقرطة….، التي يقودها الرئيس منذ اعتلائه سدة الرئاسة، وكما جاء في خطاب القسم أمام مجلس الشعب.
فزمام المبادرة بيد صاحب القرار، وهو رئيس الجمهورية والسلطة السياسية في البلاد، والكورد مستعدون لتحمل جميع مسؤولياتهم التاريخية من خلال التعاون البناء والايجابي مع ما يصدر بهذا الشأن.
أما على الصعيد الوطني العام(حيث الكورد جزء أساسي من نسيجه) فلا بد من إلغاء حالة الطوارئ والأحكام العرفية واجراء تعديلات دستورية واصلاحات ديموقراطية شاملة ، وتحسين الوضع المعيشي للمواطنين، ومكافحة الفساد والمحسوبية وطي ملف المعتقلين السياسين ومعتقلي الرأي وإطلاق سراحهم، واطلاق الحريات العامة والسماح بالنشاطات السلمية والديمقراطية، التي من شأنها دفع البلاد نحو التطور والازدهار والأمن والاستقرار..
وأخيراً نقول: إن الأكراد يمثلون القومية الثانية في سوريا، ويعتبرون بحق ركناً أساسياً في بناء الوحدة الوطنية، التي تتطلب تعزيزها وتمتينها، فالوحدة الوطنية هي الوحيدة القادرة على ردع الأخطار والاعتداءات ومواجهة التحديات التي تتعرض لها سوريا، وأن القيادة تدرك جيداً طبيعة الظروف الدولية والاقليمية الراهنة الدقيقة، وتدرك حراجة الموقف وخطورة الوضع في ظل الضغوط المتزايدة من كل الجهات سيما وأن عاصفة التغيير ستنطلق..  وستنتشر وسوريا لن تكون بمنأى عن التأثيرات والتحولات الجارية في المنطقة، “فلا بد من اتخاذ مواقف جريئة وحكيمة وسريعة وحازمة .. من قضية التغيير الوطني الديمقراطي المطروحة على جدول أعمال بلادنا، والتي يمكن أن تجد طريقها إلى المعالجة والحل عبرحوار وطني شامل بين جميع القوى والأحزاب والفعاليات الاقتصادية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني، لتجنب الوطن السوري من المخاض الكبير”.(**)
—–انتـهــت—–
ملاحظات :
(*) نشر المقال في جريدة الاتحاد الشعبي الكوردي في سوريا – العددين آذار ونيسان لعام 2006
وفي عدة مواقع إلكترونية بتاريخ 17/3/2006 باسم(م.رشيد) وفيما بعد بتاريخ 11/3/2011باسم (م. محفوظ رشيد).
=====================
انتفاضة قامشلو ٢٠٠٤ في ذكراها السابع عشر 
هجار يوسف
بعد جملة من التغييرات على الساحة السياسية في العراق، وتمكن القوات الأمريكية من إلقاء القبض على الرئيس العراقي الدكتاتور المقبور صدام حسين في  ديسمبر عام ،2003  أخذت القضية الكردية أولى شهقات الحرية و احتلت المركز الأول في القضايا الساخنة على الصعيدين الدولي والعالمي. هذه القضية التي غدت تبحث عن حل سياسي ديمقراطي بعد هيمنة طويلة من الدول المجاورة وعلى أرضها التاريخية ، إلا أن سقوط النظام البعثي في العراق، و زوال رأس النظام فتح أول أبواب الحلول في كردستان العراق، وجاء الحل من اعتراف الدستور العراقي بالفدرالية، هذه الفدرالية التي رسخت أولى دعائم الوجود الكردي وتحفيز الشعب في تحقيق تطلعاته، و بهذا الاعتراف راحت الدول المحتلة لكردستان تتخبط في قراراتها السياسية، ومن أجل عرقلة الكرد في تحقيق مطامحهم القومية، أخذ الأعداء يعدون للشعب الكردي المكيدة تلو الأخرى، ودب الخلاف في الحركة الكردية، لكن الشعب الكردي في كردستان العراق نجح في توحيد صفوفه، ونجح في توحيد الخطاب السياسي، وهذا ما أثار جنون الرجعية العربية والفاشية التركية، ونظام الملالي الدكتاتوري .
 للقضية الكردية في الجزء السوري أبعاد منها قومية ، ثبوتية الشخصية المحورية على أرضه التاريخية، الوجود الكردي وتعداده والذي يشكل ثاني أكبر قومية على رقعة الدولة السورية، وانطلاقا من هذه الأبعاد ابتعدت المعارضة عن الفلسفة السياسية لتستفيد من التطورات الأخيرة، وعملت على قيام انقلاب شعبي ضد النظام السوري من خلال المكون الكردي، وكل نتائج هذه الانتفاضة كانت تصب في مصلحة تلك المعارضة، في حال نجاحها تكون قد قضت على النظام الأسدي وبسطت سيطرتها على الدولة السورية، ودخلت في تفاوضات مع بقية الأطراف القومية وفي حال فشل الانتفاضة وإخفاقها تكون قد أدارت عجلة الحقد والكراهية نحو المكون الكردي الذي يعمل على الانفصال عن دولة سورية العروبة، ومن نجم انتفاضة قامشلو التي أطلقت صافرة بدايتها من المذيع الرياضي خليل قطيني في يوم الجمعة  ١٢. ٣. ٢٠٠٤  ، هذه الانتفاضة دكت أسوار الخوف وحطمت حصون حكم البعث و رئيسها الأسد، و هدم  تماثيل الأسد الأب في كل المدن الشمالية والداخلية، وقد دفع شعبنا الكردي ثمن فاتورة الانتفاضة من دماء ما يقارب الأربعين شابا ، سجل بدمائهم وثيقة تاريخية وحفظت في ملف بطولات الكرد على مد العصور، و تم اعتقال أكثر من ألفي شاب تركوا بصمات العار على جبين السلطة السورية، وتعالت الخطابات السياسية ضد النظام البعثي وعملت المنظمات الحقوقية والإنسانية على رصد جميع جرائم بحق شباب العزل من أول طلقة خرجت من فوهة مسدس سليم كبول محافظ الحسكة والذي عين بعد الأحداث مباشرة سفيرا لسورية في المملكة الأردنية الهاشمية، وحتى الاعتقالات التعسفية، ولا يخفى على الجميع أن الحركة الكردية في سوريا لعبت دورا تقاعسيا حيال هذه الانتفاضة الشعبية.
=====================
قامشلو، عفرين، كوباني.. الانتفاضة، والثورة، والاحتلال 
سلطانة داوود
تحولت مجريات وأحداث ملعب نادي الجهاد الرياضي في قامشلي  إلى انتفاضة كردية عارمة شاملة، بدأت شرارتها في قامشلي، وامتدت كألسنة اللهب إلى عفرين، مرورا بكوباني.
ففي ١٢ آذار من سنة٢٠٠٤  اندلعت أعمال شغب في مباراة كرة القدم بين فريقي الجهاد والفتوة، حيث قام بعض جمهور النادي الضيف  باستفزاز الشباب الكورد بحمل صورة  للطاغية صدام حسين،  وإطلاق شعارات  معادية للكورد مما أدى إلى غضب شبابنا الكورد، والرد عليهم بالمثل، وهذا ما أدى إلى تأجيج أعمال الشغب، إن كان المصطلح كذلك، بين جمهور الفريقين، إلا أنه كان مخططا له في الصميم، إذ تدخل رجال الأمن السوري مباشرة مستخدمين إطلاق الرصاص الحي على شبابنا  في أرض الملعب، م
ما أدى إلى  استشهاد بعض  شبابنا  وجرح العشرات، و سرعان ماتم تداول الخبر في المدينة، وخارجها، فانتفصت النخوة الكوردية في نفوس الشباب والنساء والشيوخ، فأصبحت كل المدن الكوردية واحدة تلو الأخرى تنتفض،  ولم تتوقف الانتفاضة في المدن الكوردية، بل امتدت إلى أماكن تواجد الكورد في بعض أحياء دمشق، وحلب،. التي يقيم فيها الكرد، ولم تتوقف  هناك أيضا، كما امتدت هذه الانتفاضة إلى الدول الأوروبية، حيث تواجد الكورد وأتذكر، أننا توجهنا ضمن مظاهرة عارمة هزت مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل، تعبيرا عن غضبنا  الشديد، حيال هذه الأعمال الإجرامية التي قامت  بها السلطات البعثية القومجية في سوريا،  بحق الكورد.
أجل استغرقت هذه الانتفاضة ستة أيام، وكانت المرة  الأولى التي عجزت خلالها الأحزاب الكوردية عن السيطرة على الشباب الكورد، إذ خرج هؤلاء عن صمتهم، وكانت الانتفاصة مبادرة شبابية خارجة عن أي تنظيم سياسي، فقدكسرت حاجز الخوف، ولأول مرة،  في ظل نظام ديكتاتوري، مثل نظام حافظ الأسد الأب،  أما نصيب عفرين من هذه الانتفاضة فكان بمهاجمة  الجيش السوري  أهالي عفرين المنتفضة، بالأسلحة،  والدبابات، ووجه الرصاص الحي إلى صدور المتظاهرين، و أقلع النظام السوري، ولأول مرة، طائراته الحربية، بعد حرب تشرين١٩٧٣، ضد عفرين، مما أدى إلى استشهاد بعض الشباب والفتيات،  متناسيا بأن عفرين سورية وليست إسرائيلية وأن شعبها وطنيون من الدرجة الأولى  لذلك فقد امتدت الشرارة أكثر فأكثر من مدينة كوردية إلى أخرى ومن حي كوردي إلى آخر وتوجه الشباب الكوردي إلى التظاهرات في الجامعات قاصدا القصر الجمهوري، تعبيرا عن رفضهم لكل ما يحصل للكورد من محاولة إبادة وطمس للهوية.، وقتها سعى النظام  إلى كبح الشباب المتحمس لقضيته العادلة، ولكن الشباب ظلوا مصرين على غضبهم وعنفوانهم، فتم تطويقهم،  وأسفر ذلك عن هذه الانتفاصة ٤٠ شهيدا وآلاف الجرحى، وتم اعتقال أكثر من ٢٠٠٠ كوردي،    وأثناء تشييع جنازة شهداء عفرين اطلقت الشرطة العسكرية على  المشيعين الرصاص الحي، والغازات المسيلة للدموع، ولكن مقاومة العفرينيين أجبرت الأجهزة الأمنية والشرطة العسكرية على الهروب من مكان التشييع .وبذلك كانت انتفاضة قامشلي أول شرارة للثورة السورية عام ٢٠١١. هذه الثورة التي اعتقد السوريون في البداية. بأنها ثورة شعبية وأنها ثورة الكرامة، فقد اتحد السوريون في بداية الأمر وأطلقوا شعار الوطنية وكان الكورد جزءا من هذا الحراك الوطني،  وسرعان ما تحولت قوى الثورة إلى الفصائل و الميليشيات  وخرجت الثورة السورية من مسارها الصحيح من ثورة سلمية الى ثورة مسلحة، فتغير  محتوى الثورة  وأصبحت الثورة تاكل شعبها وتعددت الأطراف واصبحت الأطراف الفاعلة دمى يتلاعب بها دول اقليمية لمصالحهم القومية، واحتلت تركيا بمساعدة هؤلاء المنحرفين من الثورة السورية  من الفصائل والمرتزقة بعض المناطق الكوردية، أولها عفرين الجريحة. مدينة الزيتون والسلام، وكوباني، وسري كانيه، لإجراء التغيير الديمغراغي  ضد الكورد، وهذا ليس بالجديد على الكورد، فمنذ خمسة آلاف سنة وهم يتعرضون للإبادة والتنكيل ومحاولة طمس الهوية، ولكنهم  باقون على أرض آبائهم وأجدادهم، مهما حاول الأعداء ورغما عن أنوف جميع  هؤلاء، فنحن شعب لن نموت، بل نحيا كل يوم. المجد والخلود لشهدائنا الاحرا ر
=====================
من المشاركة إلى الاعتقال
شهناز كلو 
الحديث عن وقائع انتفاضة الثاني عشر من اذار٢٠٠٤ معروف عند الجميع، لكنني سأسرد ماعايشته آنذاك :
في ذلك اليوم المشؤوم تلقينا نبأ ماجرى في الملعب البلدي في قامشلو، وخارجه، بألم كبير، وشعرنا بذل عظيم، وبمدى الظلم الذي يلحق بالكردي، فلا ينجو من الموت حتى في حالة ممارسة الرياضة.
وقد أدى كل ذلك إلى حالة احتقان كبيرة لدى الشعب الكردي الذي تضامن مع أسر الشباب الكرد الشهداء والجرحى، وعند الانطلاق لتشييع الجنازات، في اليوم التالي، لم يسمح لهم النظام السوري، بل أطلق النيران عليهم، ما أدى إلى استشهاد عدد أكبر من الكرد، فانتفض الشعب الكردي في كردستان سوريا والمدن السورية ، ولأول مرة، توحد ضد الظلم الذي لحق بالكردي.
وقد كنت إحدى ضحايا الانتفاضة، فقد تلقيت النبأ بألم شديد. حقيقة لاأستطيع وصف ماحدث، فقد تحولت إلى كتلة نار لاتهدأ، إلا بالذهاب إلى قامشلو، فخرجت من المنزل متحدية الأهل، وعيون البعثيين وأجهزة الاستخبارات التي كانت تملأ المكان… توجهت مع بعض الناس من رميلان إلى /كركي لكي/ لكن هذا لايكفيني… وإذ بسيارة (فوكس) متوجهة إلى قامشلي، وبدون وعي أوقفتها وطلبت من الناس أن يأتي من يريد إلى قامشلو، فذهبنا مجموعة من الفتيات، وعند وصولنا نظرت أمامي، ورأيت العلم الكردي مرفوعاً في قامشلو… يالجمال المنظر، وياللشعور الجميل وياللحلم الذي تحقق، رغم أن صوت الرصاص كان يملأ المكان… لن أنسى تلك الفرحة الممزوجة بحزن عميق، وبحرقة أجهشت بالبكاء، من الفرح حينا، ومن الحزن على شبابنا الذين يموتون بدون اي ذنب، حيناً آخر.
كان الاحتقان على أشده، كان شبابنا يستطيعون أن يتحدوا أية قوة بصدورهم العارية، ولم يكن يتصورون مرور أي منتم أو مؤيد للنظام.
وقد حدثت طرفة آنذاك أمامي، حيث أتى رجل على دراجة من (٣ دواليب) وكان مرتديا شماخا (جمدانية) فاعتقد الشباب أنه من النظام فهجموا عليه، وأنزلوه من الدراجة، إلا أن الرجل وبخهم قائلاً: انا كردي… كردي… اتركوني.
هتفنا كثيراً مثل : كرد نامرن – بزي كردستان – بزي يكيتا كلي كرد، وأزيز الرصاص يعلو لانعلم من سيصيب؟؟!!
بعد الحدث نشط المخبرون وأصحاب التقارير، وأصبح النظام يعتقل الكرد بشكل كبير، وبما أنني كنت من المنبوذين عندهم، نظرا لمواقفي الوطنية والاعتزاز بكرديتي، فكنت بين من كتبت عنهم التقارير، فبعد مرور شهر تقريباً على الانتفاضة، اي في ٢١/ ٤ وفي الساعة العاشرة ليلاً وإذ باربعة رجال من الأمن السياسي المسلحين داهموا بيتي، واعتقلوني، وفي الطريق إلى المفرزة كانوا يضحكون ويصيحون : فلوجة… فلوجة ، هذا يدل على مدى احتقانهم وحقدهم على الكرد نتيجة سقوط صدام حسين، بقينا ساعتين في المفرزة. حيث جيء بمعتقلين آخرين، من/ كركي لكي /، بعدها جاؤوا بكلبجات، فاستغربت وسألت : ليش شو عاملين نحن. فرد : مطلوب منا أخذكم مقيدين في الليلة نفسها إلى سجن الحسكة، وقيدونا ومضوا بنا في سيارة /فوكس / وما إن وصلنا حتى استقبلنا أحدهم مستهزئاً، ثم أنزلونا إلى القبو، واغلقوا الأبواب الحديدية، حيث هناك لاصوت… لاضوء… لاحياة… لاكرامة، بل هناك ضغط نفسي كبير… تعذيب… إهانة الإنسان…
وللأمانة قال لي عنصر أمن كان يعرفني عندما كنت أعمل في الشركة حيث كان يرى مدى إخلاصنا وعملنا، لاأدري لماذا قال : يلزمك مصاري، قلت لا. لم أكن أعلم أنني سأحتاج بعض المال، لشراء حبوب وجع الرأس.
كان الكرد يتعرضون للتعذيب بوحشية في بادئ الأمر، إلا إنه وبعد مرور بعد الوقت، صرح بشار الأسد أن الكرد من النسيج السوري وبقوله هذا خففوا عنا التعذيب قليلاً، أعتقد لذلك لم يعذبوني أنا والمرأة الأخرى التي اعتقلت معي، إلا إنهم كانوا يعذبون الشباب، لكنهم يضغطون علينا كثيراً لنعترف لهم بأسماء المتظاهرين، وقالوا لي مابقى تشوفي ولادك بحياتك، وعندما كانوا يملون من الاستجواب، من دون فائدة، يعلى صراخهم.
وفي إحدى المرات عندما قلت لهم : لو أبقى ٣٠ سنة فإن كلامي سيبقى نفسه، لاني لم أر أحدا وماعندي أسماء. فرفع عصا غليظة وكاد يضربني، فأجبته بنظرات قوية : تستطيع أن تضربني دائمآ بس انا بحكي انسان لانسان، الله خلقني كردية… والله كنت أريد ألا يوجد لدي هم أو غم، وأعيش مثل بقية الناس بس الله خلقني كردية وأنا فخورة بكرديتي، فأنزل العصا ولم يضربني.
نمت على بطانية عسكرية وتغطيت بأخرى، شعرت ببرد شديد لكن لم نخرج أنا والمرأة الأخرى رؤوسنا من تحت البطانية، كان الخوف الأكبر من الاغتصاب، وياله من شعور مرعب، ومذل، لم ننم طيلة الليل، كنا ندعي الله لكي لايقترب أحد منا، هذا كان أصعب شعور على الإطلاق، وعند اقتراب أحدهم من نافذتنا الصغيرة، كنا نرتجف، ونود لو الأرض تنشق وتبتلعنا.
وفي اليوم الثاني أخذونا إلى السجن الانفرادي، وبعد تحقيقات كثيرة أخذوا الجميع من ذلك المهجع، وأبقوني وحيدة في سجن انفرادي، كان مظلماً مخيفاً، وبين الحين والحين ياخذونني للاستجواب.
في إحدى المرات سمعت صوت صراخ شاب يصل إلى السماء، وهم يضربونه بوحشية، وهو يردد كلمتين فقط :دخيلك ياسيدي. ضربوه لفترة طويلة جداً، وصراخه يقطع قلبي كنت أبكي عليه بحرقة… بكيت كثيرا… ولا زلت أبكيه حتى الآن، كنت استغرب مدى الحقد والوحشية لدى هؤلاء الوحوش.
كانوا يقولون لي :عندنا إثباتات وأدلة وتقارير وصور كثيرة، لذلك اعترفي. فكنت أقول لهم : اخرجوها إذاً، لكنهم فقط أخرجوا أوراقا كثيرة مكتوب فيها اسمي.
كان الأكل مقرفاً كأنه مخصص للحيوانات موضوعا  في سطل، فلم أستطع أكله، فاعتقدوا أنني مضربة عن الطعام فجن جنون المحقق وقال لي : ليش مضربة عن الطعام حتى يحسبونك شهيدة علينا، انشاء الله تموتي.
وعند طلب الذهاب إلى التواليت، ضربت على الباب كثيراً حتى أتوا وفتحوا الباب، لاأعلم اذا كانت مقصودة او أنهم كانوا فعلاً بعيدين، ولم يسمعوا فقرفت من إهانة الإنسان، كانت توجد قنينة بلاستيك واحدة، قذرة لكل شيء، وقال لي الحارس : اذا أردت فاشربي الماء من القنينة؟!!
المهم بعد تهديدات ووعيد قالوا لي:
سنطلق سراحك، نحن لسنا بوحوش. صراحةً لم أصدق ذلك، فقالوا سنخبر أهلك ليأتوا ويستلمونك من هنا. ولم أكن أريد ذلك خوفاً على اعتقالهم. فطلبت أن يوصلوني إلى كراج باصات دجلة، لأذهب وحدي. فقالوا : لا، إذا أصابك مكروه في الطريق فسيقولون نحن قتلناك.
وكانوا قد طلبوا من أهلي كما فعلوا مع عائلة الشهيد فرهاد، فظن أهلي أنهم سيستلمون جثتي، واحتقن جميع أهالي قريتي والقرى المجاورة وتضامنوا معي وتوعدوا بإقامة مظاهرة كبيرة، وفعل الكثير، بينما أهلي أصبحوا في حالة أشبه بعزاء.
وكم كان جميلاً تضامن الناس الوطنيين معي، حيث زارني الكثير بعد خروجي من السجن، مباركين اعتقالي كمدعاة فخر ووسام شرف لي، ولا أنسى قلة من الناس امتنعت عن زيارتي، خوفاً من النظام.
ولاأنسى ابداً موقف منظمة حقوق الإنسان في سوريا – ماف، متمثلاً بالكاتب ابراهيم يوسف، الذي كتب كل شاردة وواردة في ذلك الوقت العصيب، ولم ينسني، بل كتب مقالات عني. أذكر أنه كتب : كيف يعتقلون ابنة شهيد؟. ويجوز أن يكون هذا سبباً للإفراج عني.
وأخيراً تم فصلي بقرار رقم (٢٥٧٥) والصادر عن مجلس الوزراء في ٢٩/ ٨/ ٢٠١٦، صرف عن الخدمة، وإيقاف صرف المستحقات التقاعدية.
الآن وبعد مرور ١٧ سنة على الانتفاضة الكردية، للأسف لم نرتق ولم نتعظ من مآسي شعبنا ومايفعله العدو بنا، نحن لانتطور ، بل الغالبية تبقى كما اعتادت، لاتكلف نفسها لتغيير الأخطاء أو إيجاد الحلول التي تخدم الجميع، وبمساعدة الجميع، نفتقد إلى روح التعاون المشترك، بل الكثير كان يهرول للعمل لبروز اسمه، او صورته، أما الآن حتى هذا اختفى، فتحصل كوارث للشعب، فلا تكاد ترى مواقف جريئة لاصوتا ولاصورة ، وننسى الوضع المزري لشعبنا… ونهرب من فشلنا في كل النواحي، فنحارب بعضنا البعض، ونناضل فقط على الورق والصفحات والشاشات وفقط” نهربج” ، وكلما زادت الهربجة كلما طاف على السطح ناس غير أكفاء يعتاشون بذلك ويهدمون ماكان مبنياً في الماضي أيضاً.
=====================
في ذكرى انتفاضة 12اذار الكبرى
سيامند ميرزو
نعتبر شهر آذار. شهر الكرد، بامتياز، لما نشهده من علاقة بينه والكرد، منذ أقدم عصور الزمن وهو الشهر الذي يصادف بداية الربيع واعتدال الأجواء بعد برد قارس شديد طوال فصل الشتاء حيث تبدأ الثلوج بالذوبان، من قمم الجبال العالية. الجبال التى امست رمزا وحاميا وظهيرا لشعبنا الكردى المظلوم على مر السنين والعصور. إنه شهر بداية اكتساء طبيعة ارض كردستان بأجمل الألوان..
شهر اذار شهر الكرد بامتياز يوم يلبس الكرد رجالا ونساء والبنات والشباب أحلى الملابس الزاهية ويمجدون تراث أجدادنا بإشعال النيران في أعالي الجبال والقمم الشاهقة والتلال، وكل الأمكنة والتي ترمز إلى القوة والخير والحياة الكريمة.
 و شاءت الاقدار أن يضم في هذا الشهر، مناسبات كثيرة، منها تلك التي تفرح ومنها ما تشمئز منها القلوب البشرية. قلوب الكرد، نتيجة الكثير من المآسي، من جراء ما شهده التاريخ من مظالم بحقنا، إضافة الى ظلم الانظمة التي تعاقبت على الحكم، في الدول التي تتحكم بمصيرنا.
شاءت الأقدار ان تضم الانتفاضة الكبرى لغربي كردستان في يوم 12 اذار من عام 2004 بعدما اندلعت شرارة الانتفاضة الشعبية الكردية فى قاشلو أولا، وما لبث ان توسعت الشرارة لتشمل جميع مدن غربي كردستان. من عين ديوار في اقصى شمال شرق سوريا، الى العاصمة دمشق في زور آفا في اقصى جنوب غربي سوريا. هذه الانتفاضة التى حققت مكاسب كبيرة للكرد في غربي كردستان خاصة، وللكرد في الوطن والمهجر، فعلى اثرها لأول مرة تم كسر حاجز الخوف عندما بدأ الكرد بجميع الشرائح وبمشاركة النساء والاطفال والشيوخ، وفي كل اماكن تواجدهم بالخروج إلى الشوارع، ليروا بأعينهم أن الخوف قد ولى.
في ذكرى انتفاضة 12 آذار الكبرى من الشهر ذاته يحمل للكرد الما آخر ليضاف إلى آلامهم ومأساتهم، هذه المرة ليس من القوة الباطشة، بل من تفرق القوى السياسية، وعدم اتفاقهم الحد الأدنى على قيادة سياسية موحدة ورمز وعلم موحد. إن هذه المناسبات وهذه الصراعات جزء من مشاكل عديدة  تظهر للكرد في المنعطفات الكبيرة والخطيرة مع كل المآسي والكوارث ستظل جذوة النضال متقدة. ولهذا ينالون نصيبهم من ظلم التاريخ وظلم الانظمة الفاشية سواء كان فى العراق او تركيا او ايران او سوريا، وحتى فى المهجر وفي مدن اذربيجان وأرمينيا، وما كانوا في عهدة الاتحاد السوفيتي سابقا. عانوا ما عانوه ولكن الكرد على مر التاريخ لم يتوقفوا يوما، ولم يخضعوا للذل والمهانة، ولم يقفوا مكتوفي الايدي ازاء الغبن والظلم الذي يلحقه بهم اعدائهم من الفاشيين والشوفينيين، بل كانوا دائما فى ساحات النضال والوغى للدفاع عن وجودهم وحقوقهم المشروعة، لأن الكرد لم يكونوا يوما بادئين بالاعتداء على أحد، بل هم شعب مسالم يحب الحرية والعيش الكريم، ولم يكن ابدا ليحملون حقدا او كراهية ضد اية امة من الأمم، بل كانوا دوما يحاولون مد يد الصداقة والاخوة الى كل القوميات والمجتمعات التى تجاورهم، ولكن الآخرين لم يكونوا متجاوبين وكانوا دوما يحاولون طمس معالم امة كبيرة تتجاوز ال50 مليون إنسان في السعي إلى إبادتهم وتهجيرهم وطمس هويتهم، وهذا يعني باختصار أننا نحن الكرد في هذه المرحلة التاريخية الاستثنائية نكون على مفترق طرق تاريخي، والعالم يعلم أننا نحن شعب بارع في المقاومة، لكننا لسنا بارعين في السياسة والدبلوماسية.
=====================
الذكرى السابعة عشر على انتفاضة قامشلو
حزني كدو
اليوم تمر الذكرى السابعة عشر على إنتفاضة  مدينة الحب, مدينة قامشلو , هذه المدينة الوادعة التي تعتبر عاصمة كورد سوريا ومعقل ساستها قديما وحديثا, هذه المدينة التي وجدت  نفسها امام مجموعة همجية مدفوعة بحقد عرقي دفين جالت وصالت في شوارعها, شتمت وهانت قادتها ورمز نضالها, ورفعت شعارات وهتافات طالما عانى منها الكورد لنصف قرن, وجرت بحقهم ابشع انواع الجرائم في العصر الحديث.
ان  حزن قامشلو في ذكراها السابعة عشر وبداية الذكرى االعاشرة على الثورة السورية, من نوع مختلف , قامشلو حزينة  مثل سائر أخواتها الكورديات والعربيات السوريات, وأهل قامشلو وأخواتها  يزورن أضرحة شهداءهم الذين قتلوا على يد النظام الاستبدادي أعداء الانسانية والحرية , قرين فارس العرب صدام حسين الذي كان له صولات وجولات في ابادة الشعب الكوردي والعراقي .
 ان حزن قامشلو ويأسها مختلف عن  يوم انتفاضتها وعن حزن سائر أخواتها في المدن السورية الأخرى, انها ليست فقط خائفة من الأعداء المحيطين بها و المتعششين بداخلها, والحاقدين عليها والنظام الجائر والتكفيرين, بل هي خائفة  مثل أخواتها  الكورديات على أنفسهم من اولادهم , من فلذات اكبادهم, الذين تفرقوا شعبا وفصائلا تحت مسميات عديدة ,ومع الأسف كلها أسماء تنادي بالوحدة والديمقراطية والتقدم , وجلها تعمل خلاف ذلك, ان خوف قامشلو عاصمة كورد سوريا كسائر أخواتها  اليوم  , ينبت ويخرج من بين ثنايا اضلاعهم الرفيعة والهشة ,هذه الاضلاع التي من الواجب تقويتها وصونها والسهر عليها وحمايتها  ,و توجيهها الوجهة الصحيحة , وردع كل من يسوس له نفسه من ان يفكر بان يعكر صفو هذه الامهات اللواتي عانت  كل شيء ,وذاقت الحرمان .
ان الشعب الكوردي السوري وهو يعيش هذه الذكرى يقف اليوم على مفترق طرق, وهو محاصر ومطوق من أغلب الجهات, وبناء على ذلك وحقنا للدماء والاقتتال الأخوي وحرصا على الوجود الكوردي وهويته نناشد السروك مسعود البارزاني و قنديل و السليمانية ان يقوموا بواجبهم الوطني في وأد الفتنة في شنكال وترسيخ الأمن لليزيدين الذين ذاقوا فظائع داعش  وان يأخذوا بيد المجلسين الكرديين  والتحالف الكردي والحزب الكردي التقدمي وجميع الفعاليات الكوردية بمختلف شرائحهم وطبقاتهم للعمل الفوري على الاستماع الى صوت العقل وإعادة تفعيل جميع بنود اتفاقية دهوك على الارض وعدم الانجرار وراء المؤامرات الاقليمية والدعوات الشخصية الحاقدة على الكرد ولها باع طويل في ضرب الوحدة الكوردية, كما يجب على جميع العناصر والاسايش المسلحة ان تعرف متى واين وكيف وضد من توجه  سلاحها, وان توقف عن كل ما يضر مكاتب الأحزاب الكردية والمجلس الوطني الكردي, وان تحاسب بكل قوة الذين يعيثون في الأرض الفساد.
ان ما يجري اليوم في سوريا عامة والمنطقة الكوردية بشكل خاص كارثة حقيقية, فكل المؤتمرات بدء من جنيف واحد مرورا بالقاهرة و حنيف 2و 3 و الاستانة وموسكو و حميم و جنيف 4 لم تضع اي أسس لحل الأزمة السورية.
 ان النظام ومن معه من مؤيديه سيمضون في تنفيذ أجنداتهم ومن خلفهم روسيا و ايران, و تركيا مستعدة ان تبيع كل المعارضة السورية شريطة التخلي عن الكرد، والمعارضة السورية السياسية والمسلحة ممزقة وغير موحدة، وموقفها تجاه ما يجري ضد الكرد من قبل داعش، وتركيا يضعها في خانة داعش وليس في خانة المعارضة السورية الوطنية ، والمجلس الوطني الكردي لا حول و لا قوة له. أما بايدن وبعد حوالي شهرين من رئاسته فلا يزال غامضا بالنسبة للسورين عامة و الكرد بشكل خاص.
ان الكرد في روشافا وفي كردستان العراق مهددون في وجودهم من قبل تركيا و ايران وما تقوم به قوات التحالف ضد بقايا الدولة الإرهابية داعش مشكورا ليس رادعا ولا بد من تقديم كل الدعم العسكري والأسلحة المتطورة للقوات الكردية لانهم برهنوا انهم الأجدر والأوفى على محاربة داعش في العراق و في سوريا ولزاما على التحالف الدولي ان تقوم بحماية الكورد والأقليات الدينية في كل من سوريا والعراق.
=====================
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…