زاكروس عثمان
اختلفت اراء كورد روزئافا حول زيارة وفد من زعماء الإرهاب التركسوريين إلى هولير/ اربيل عاصمة إقليم كوردستان باشور، وذلك بين فريق رحب بالزيارة وآخر ندد بها، وكما العادة فان المرحبين وكذلك المنددين بدلا من تقييم هذه الزيارة تقييما سياسيا نفعيا وحساب مدى ضررها او خدمتها لقضية روزئافا ولمصالح الإقليم، اتخذوا مواقفهم تبعا للمرجعية التي يتبعون لها ماليا ايديولوجيا سياسيا وتنظيميا، حيث وجد الروزئافاويين من انصار قنديل وخصومهم من انصار هولير في الزيارة فرصة لتجديد الولاء لمرجعياتهم وكذلك فرصة للمكايدة والمناقرة فيما بينهم، والمحزن ان الشريحة المتعلمة؟ ضمن الفريقين هبطت إلى مستوى ما دون الرعاع، إذ شن المناوئون هجوما على هولير لاستقبالها وفد المرتزقة، بالمقابل اظهر الموالون تعصبا مصطنعا لقيادة الإقليم ليشنوا هجوما لاذعا حتى على اصوات محايدة انتقدت باستحياء وكل احترام قيادة الاقليم على سماحها لعصابة إرهابية معادية للقومية الكوردية بدخول ارض كوردستان.
على ما يبدو ان الكوردي ليس بمقدوره الشفاء من آفة التعصب لزعيمه وحزبه، فالعوام يعتقدون بان زعيمهم إله ((لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ…)) فان هو احرق كوردستان فانه يفعل ذلك عن حكمة وتقدير، والمشكلة في الخواص “المتعلمين” الذين يتخذون عن قصد آفة التعصب أداة تملق تدر عليهم انهار من العسل واللبن، والويل لكافر محايد ان هو مس الذات الالهية للزعيم بحرف، الرب لا يخطأ فكيف لزنديق ان ينتقده.
هذا هو حالنا التعيس درسنا في الجامعات وامتلكنا كل ادوات تفتح الوعي وتوسيع الادراك، لكننا مصرين ان نبقى ذاك المريد اسير تكايا الصوفية الذي يزحف على قوائمه الاربعة وينبح قائلا انا كلبك يا شيخي، وكم سمعت مريدين يقولون شيخي اعلم من ربي، فيما مضى كان مريد الصوفية يضر نفسه وعدد قليل من المحيطين به، اما اليوم فان مريد الزعيم وحزبه يؤذي بشدة الوف الناس ويلحق ضررا بالغا بزعيمه، فحين اهاجم اي شخص ينتقد زعيمي واقول له زعيمي اعلم من الله، فإنني مع مريدين كثر سوف نجعل الزعيم يصدق انه معصوم عن الغلط كي يتمادى فيه لتكون الطامة الكبرى.
احزنني كثيرا منشورا لمريدة عصرية تهجمت بفظاظة على من انتقد قيادة الاقليم بسبب استقبالها لزعماء الارهابيين الذين يحتلون عفرين سري كانيية وكري سبي، معتبرة كل من (انتقد الزيارة يوزع الوطنيات) موصفة اياهم بالأصوات النشاز، لتخرج بأحكام قطعية وتغلق بكل عنجهية باب النقاش، رافضة توجيه النقد إلى الرئيس مسعود بارزاني كونه اكبر من ان توجه إليه انتقادات، فأي تعصب هذا واي تملق، هل انتقاد الزعيم بارزاني يقلل من شأنه او يصغر مكانته، ومتى كان كبح الآراء وتكميم الافواه من خصاله، لماذا نتصور ان كل عملية نقد موقف عدائي، اليس قبول افعال ومواقف واقوال اي زعيم دون تفكير ونقاش ضربا من الخيانة له، هل الانسان معصوم عن الخطأ مهما علت مرتبته وامتلك الخبرة والحنكة، اليس النقد بل النقد الصارم هو الذي ساق الشعوب المقهورة إلى الانعتاق والحرية.
بلغت الحمية بهذه السيدة مبلغا افقدها رشدها فأخذت تضرب اخماس في اسداس، وتتهجم بانفعالية “مبالغ فيها” على من تجرأ وعبر عن امتعاضه من استقبال هولير لقتلة الكورد، واعتبرت كل من خالفها الرأي جبناء واشباه الرجال، لتأتي في النهاية وتعترف بان نصر الحريري زعيم الارهابيين يعمل على إنهاء الوجود الكوردي، لصالح قوميته العربية، هذا هو الضرر الهدام للتعصب الاعمى او التعصب التملقي للزعيم، وهو انك لا تملك ثقافة مخالفته حتى لو كنت متأكدا انه في مسألة معينة على خطأ، هو انك لا تستطيع ان تتصور انك ستبقى وفيا لزعيمك حتى لو خالفته في نقطة ما، هو انك لا تملك الثقة بنفسك كي تعتقد ان رأيك اصح من رأي الزعيم.
لا اخفي ان البارزانية كمدرسة سياسية اقرب تيار ايديولوجي إلى فكري، لا انكر انني اثق إلى درجة كبيرة بقيادة السروك مسعود بارزاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني، وهذا لا يعني أنني متوافق مع هذا الخط 100% بل اخالفه في سكوته على انتشار الاسلام السياسي في الاقليم من انتشار الفساد من عدم سعيه إلى بناء اقتصاد يحقق الاكتفاء الذاتي للإقليم، ولن يتبدل موقفي من القيادة ان قلت انها اخطأت في استقبال هؤلاء الارهابين الذين بدأت مختلف العواصم الاقليمية والعالمية تلفظهم، وان زيارتهم لهولير كانت محاولة لإعادة تدوير هؤلاء المفلسين وانقاذهم من السقوط.