الحوار البيزنطي الكردي

عبدالعزيز قاسم  

منذ بدء الحوار الكردي-الكردي ، كنا ندرك ونتفهم أنه ستكون هناك عقبات كبيرة في طريق هذه العملية، لكن لم يكن من المتوقع حقًا أن يتحول هذا الحوار الى شكل من أشكال الحوار البيزنطي “Discusión bizantina” ، في وقت تتراجع حظوظ وفرص النجاح، وتتبخر آمال وتطلعات شعبنا الكردي من أجل غد أفضل.
 تتزايد الخلافات بين الطرفين المتحاورين( ENKS،PYNK ) يومًا بعد يوم ، لدرجة ان هذه المحادثات باتت لاتعني لهم شيئا ولم تعد لها قيمة، خاصة وان قيادة حزب الاتحاد الديمقراطي لا تزال تتبع نفس السياسة كما كانت من قبل، ويبدو أنه حتى الأطراف الضامنة “أمريكا وفرنسا “، على الرغم من لقاء الوفد الأمريكي الأخير مع الأحزاب الكردية لبدء المباحثات، إلا أنه يبدو واضحا أن الوفد الأمريكي غير مهتم لإنجاح الحوار الكردي الكردي كما في السابق.
 من ناحية أخرى، لايزال يستمر المجلس الوطني الكردي ضمن صفوف المعارضة الموالية لتركيا وهذا يشكل عقبة أيضًا، والأحزاب الكردية بشكل عام لاتستمع الى الرأي العام الكردي وغير مهتمة بالوضع المعيشي ومآسي الشعب، مما أدى الى خلق تشاؤم في المجتمع الكردي بسبب عدم تعامل الاحزاب الكردية بجدية مع الوضع السيئ للشعب الكردي والقضية الكردية.
 التصريحات السلبية لقادة الأحزاب الكردية أدت إلى تعليق المحادثات الكردية الكردية، فيما يتحد النظام مع معارضته لانهاء المسألة الكردية والوجود الكردي بمساعدة الدولتين المحتلتين (تركيا وإيران) بوضع خلافاتهم جانبا للعمل من أجل إبادة الشعب الكردي والتغيير الديموغرافي في الأراضي المحتلة (عفرين وكري سبي وسري كانيه)، حيث يرتكب الجيش التركي وعصاباته أعمالاً وجرائم يومية بحق الشعب الكردي وخاصة في عفرين، وبحسب إحصائيات وتقارير بعض المنظمات الحقوقية أن التغيير الديموغرافي حصل بنسبة 80٪ في عفرين و 100٪ في سري كانيه وكريسيبي.
 تدهور الوضع الإنساني في المناطق الكردية الى خط المجاعة، حتى في المناطق الخاضعة لسيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي، بسبب عدم توفر الخبز والطعام وغيرها من المواد التموينية الضرورية، وارتفاع قيمة الدولار مقابل الليرة السورية بشكل حاد ما ينذر بمخاطر كبيرة، في وقت أصبح فيه قادة الأحزاب الكردية أكثر ثراءً لدرجة ظهور طبقة جديدة أو شكل من أشكال المافيا السياسية في المجتمع الكردي.
 اليوم، تقع مسؤولية تعليق الحوار الكردي الكردي على عاتق الطرفين الكرديين ENKS و PYNK ، و بشكل خاص حزب الاتحاد الديمقراطي، وعلى وسائل الإعلام الكردية أن تتحمل هي أيضا مسؤولياتها لتقريب الأطراف الكردية، ويجب أن لاتشكّل الصراعات الحزبية تهديدا على مصير الشعب الكردي ومن الضروري على جميع الأطراف التعامل مع المرحلة الحساسة لشعبنا ولقضيته القومية كقضية (أرض وشعب) بمسؤولية تاريخية، وإلا فإن لعنة الشعب الكردي ستلاحق الأحزاب الكردية الى الأبد وستكتب عنهم صفحات التاريح وترميهم في مزابله.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…