خالد بهلوي
تحتفظ بعض الدول العربية بعادات دينية او اجتماعية منذ سنوات، رغم تغير الأوضاع المعيشية وقيام الثورات في هذه البلدان أحدثت تغيرات طرأت على مجتمعاتهم، لكنها حافظت على هذه العادات مثل عادة حق الملح.
هذه التسمية ترمز الى الملح الذي تضعه المرأة في الطعام رغم انها صائمة تضطر إلى تذوق الأكل بلسانها دون بلعه، وذلك لمعرفة مدى ملوحته حتى تضمن أكلا معتدلا لعائلتها.
عاده حق الملح كانت سارية في المناطق الراقية والميسورة رغم انها كانت قديمة عادت بفعل انتشار الانترنيت ووسائل التواصل الاجتماعي، وقد تصبح حقا مكتسبا للمرأة يوما ما في المجتمعات الأخرى.
وتعرف انها هدية يقدّمها الزوج لزوجته تكريما لها لقاء اتعابها طيلة شهر رمضان في إعداد وجبات الإفطار والسحور. واعتراف لها بالجميل. على صبرها، رغم انها صائمه تقوم بإعداد كل أصناف الأطباق المشتهاة لعائلتها، وتنظف المنزل وتقدم الحلويات.
لهذا لابد من شكرها على صبرها وتحملها، قد تكون الهدية قطعة ذهب او مبلغ من المال او عطور تناسب وامكانيات الزوج ليعبر عن حبه لزوجته وتقديره لمجهودها طيلة شهر الصيام.
ودرجت العادة أيضا ان بعض النساء يتفاخرن بين بعضهن بقيمة وغلاء الهدية المقدمة لهن وتعتبرن ان الهدية مقياس لحب زوجها لها.
هنا لم تعد هدية رمزية بل أصبحت غالية ومكلفة على الرجل خاصة من يعمل بقوت يومه وكأنها من أحد حقوق المرأة، لذلك فإن هدية حق الملح أصبحت تأخذ طابع الطقوس في كل أعياد رمضان بعد صلاة عيد الفطر تجهز سيدة المنزل القهوة لزوجها مع الحلويات التي جهزتها لهذه المناسبة. ولن يرجع الزوج الفنجان فارغا بل عليه اسقاط قطعة ذهب او مبلغ من المال تقديرا واعترافا بما قدمته وخدمت به الاسرة بكاملها وهذه العادة اخذتها الأمهات من الجدات وتناقلتها الأجيال تباعا.
إلا إن بعض النساء تعتقدن ان تحضير وجبات العشاء اليومي من واجبات المرأة تجاه اسرتها فهي ليست خادمة باجر حتى تنتظر هدية مقابل ما قدمته برضاها طيلة شهر رمضان.
وتعتبرها البعض عادة برجوازية لأنها لا تعبر عن الحب الحقيقي بين الزوجين بل اصبحت مدعاة تتفاخر بها الزوجة امام زميلاتها بالهدايا الذهبية التي أهدت لها يوم العيد
ويعتقد البعض ان الهدية تقرب المودة بين الزوجين بشرط ان لا يكون ملزما وحسب إمكانات الرجل وقدراته المادية، لأنها تعبير عن حقيقة المشاعر المتبادلة بين الزوجين لكن يجب ان لا ينحصر بشهر رمضان بل على مدار السنوات التي تعمل فيه المرأة وتقدم وجبات الطعام لأسرتها.
هذه العادة كانت بين الآباء والأجداد تناقصت اليوم بمرور السّنين وهي في طريق الاندثار والتّلاشي. لأنها فقدت قيمتها الرمزية وأصبحت ترمز الى الثراء الفاحش بين الاسر الميسورة وتشكل عبئا ثقيلا على الاسر الفقيرة التي تعيش هذا الوسط او تسمع بما قدمه بعد الأزواج لزوجاتهن أيام العيد، وقد تؤدي الى خلافات عائلية وتضر بالعلاقات الاجتماعية بين الاسر العاجزة عن توفير لقمة العيش لأولادهم وغيرهم يتفاخرون بالأموال الطائلة التي تصرف في هذا اليوم المقدس.
بالمقابل من اندثار بعض العادات ظهرت عادة بين بنات سوريا في أوروبا وهي حق حليب الام عندما تنخطب الفتاة اول طلباتها حق حليب الام التي رضعته البنت وتقدر بالف يورو. لله في خلقة شؤون.