انتخابات الأسد سياسة مبرمجة لإعادة تدويره… وعملية التفاف على الديمقراطية والدستور

            

 عزالدين ملا

بعد أن تجاوزت الأزمة السورية عامها العاشر، نلاحظ أن القوى المتداخلة في الشأن السوري أنها لم تتجاوز المساحات المسيطر عليها، ومن الظاهر أن كل طرف حصل على مبتغاه، كما نلاحظ حركة تجارية بين هذه المناطق المتداخلة دون أن يعترض أو يتعرض أي طرف لهذه الحركة، هذا كله والشعب السوري بمعظمه خارج المعادلة وحتى خارج وطنه ودياره.
أما غرب كوردستان فالأجواء غير مستقرة أمام ما يجري فيها من توترات بين الأطراف الكوردية وأيضا بين القوى المتداخلة فيها أمام رغبة كل قوة في بسط نفوذها فيها. كما أن الوضع الإقتصادي والمعيشي في الداخل السوري وصل إلى مستويات خطيرة جدا.
أمام كل ذلك نجد أن النظام السوري يهيئ نفسه لإجراء انتخابات رئاسية، أو بالأحرى ولاية جديدة لبشار الأسد.
1- ما تحليلك لكل ما يجري على الساحة السورية عامة والكوردية خاصة؟ 
2- هل هذا الهدوء في عدم وجود عمليات عسكرية دليل على قرب انتهاء الأزمة؟ أم بداية مرحلة جديدة من استمرارها؟ ولماذا؟
3- كيف تقيمون إجراء الانتخابات الرئاسية في سوريا؟ هل هي دليل قوة النظام أم صعفه؟ 
4- ما تقييمكم لمرحلة ما بعد إجراء الانتخابات الرئاسية في سوريا؟
قوة الأسد في ضعفه
تحدث عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، مسلم محمد، بالقول: «بعد مرور عقد من الصراع على الساحة السورية لا تزال فرص التسوية الحقيقية مغيبة، وسوريا واقعياً مقسمة بين خمس جيوش، النفوذ الأمريكي في شرق الفرات بمساحة 25%، والنفوذ التركي بمساحة11% في الشمال والشمال الغربي، والنفوذ الروسي ـ الايراني 64% في غرب سوريا ووسطها.
وإثر تدخلٍ دولي متزايد انتقلت القضية السورية من كونها شأناً سورياً خالصاً إلى إعتبارها صراعاً بين أطراف إقليمية ودولية. وما يجري الآن في الساحة السورية هي تعطيل الوصول الى حلٍ سياسي لاعتقاد الأسد وحلفائه الروس والإيرانيين ان اللعب على الوقت من مصلحتهم، وان أمريكا وأوروبا في نهاية المطاف سيقبلون ببقاء نظام الأسد والتفاوض معه كما فعلوا مع كوريا الشمالية وطالبان، وهذا يعني تحول سوريا إلى حالة معزولة عن الاقتصاد العالمي ومنبوذة أكثر في المستوى السياسي والدبلوماسي وازدياد المعاناة المعيشية للشعب السوري وعدم عودة اللاجئين وبقاء سوريا مقسمة إلى مناطق نفوذ وإنتشار العوز والمجاعة وفقدان الأمن وكارثة لحقوق الانسان، وأرضاً خصبة للمتطرفين وبالتالي عدم الإستقرار الإقليمي».
أما ما يجري على الساحة الكُردية فيضيف محمد: «لا تزال الخطوط العريضة لملامح الساحة الكُردية (كُردستان سوريا) غير مستقرة وإن سير الأحداث ينقسم إلى مسارين: الأول: نفوذ أمريكي ويتمثل بعملية سياسية تفاوضية مباشرة بين المجلس الوطني الكُردي وأحزاب الوحدة الوطنية والوصول لصيغة توافق كُردي ـ كُردي تؤدي لتغيير وتعديل الطرف المسيطر على الواجهة السياسية للإدارة الذاتية مع خطواتٍ تحاول عبرها إعادة التموضع والانتشار والنفوذ مع التحالف الدولي في مناطق شرق الفرات التي انسحبت منها سابقاً. ولا شك أن التوتر والصراع قائم في كُردستان سوريا ولم تكتمل اللوحة بعد، الأمر الذي يشي باستمرار أمرهِ كونه مرهونٌ بموازين القوى الدولية والإقليمية المتداخلة على الأرض. إن بناء اتفاق وتفاهمٍ كُردي وبمشاركة جميع مكونات المنطقة هو ضمان للإستقرار وللوجود وللحقوق. المسار الثاني: تقوده روسيا وينشط بإتجاهين: 1- محاولة منع عودة الولايات المتحدة الأمريكية إلى النقاط التي إنسحبت منها نهاية عام 2019. 2- محاولة روسيا لعب دور بين الإدارة الذاتية والنظام السوري حول كيفية إدارة المنطقة وإعادة بسط سيطرة النظام على المنطقة (شرق الفرات) وشبكات الطرق الدولية والتحكم بمخزون سوريا من النفط والغاز والقمح».
يتابع محمد: «الأزمة السورية لم تشهد استقراراً كبيراً في ظل استمرار التجاذب الدولي والإقليمي حول ماهية الحل السياسي المراد الوصول إليه والتدهور المتزايد في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وتشديد الحصار والعقوبات والمزيد من الضغوط على الليرة السورية لتوسيع الفجوة بين السلطة والشعب المقيمين في الداخل في محاولةٍ لإخراجهم إلى الشارع بحركاتٍ احتجاجية ضاغطة تدفع إلى الإطاحة بالسلطة السياسية الدموية أو قبولها  بتسوية سياسية تنتج للولايات المتحدة الأمريكية التموضع في الشرق الأوسط وغرب اسيا. أما المرحلة المقبلة فسيكون الصراع على مشاريع إعادة الإعمار لذلك نجد بعض دول الخليج وسعياً من روسيا تحاول إستعادة العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع نظام الأسد كما ان مشاريع إعادة الإعمار تجذب الحكومات التي تبدو أنها تتجه نحو تطبيعٍ شامل مع دمشق».
يؤكد محمد: «ان الإنتخابات الرئاسية في سوريا مسرحية هزيلة وغير شرعية وهي إعادة إنتاج الأسد ونظامه الدموي ولن تؤدي إلى أي تطبيع دولي للنظام بعد حربٍ دامت عشر سنوات ضد الشعب واسفرت إلى القتل والتدمير والتهجير ودمار البنى التحتية واستنفذ الاقتصاد وشرد أكثر من نصف السكان، وهذه الإنتخابات غير شرعية كون النظام غير شرعي وفق بيان جنيف، وهنا تكمن مسؤولية الأمم المتحدة لمنع الإنتخابات الرئاسية لأنهم هم من أصدروا قرار مجلس الأمن وهي المسؤولة عن تطبيق قراراتها وحمايتها وحتى ينقذوا مصداقية المؤسسات الدولية والعدالة الدولية والقيم والمبادئ التي تستند اليها منظمات الأمم المتحدة عليهم ان يفعلوا شيأً. لأن القرار رقم 2254 الصادر عن مجلس الأمن في كانون الأول من عام 2015 هو المرجعية الأساسية من أجل التوصل إلى حل سياسي في سوريا». 
يشير محمد: «أن أحداث السنوات العشر الأخيرة أثبتت أن قوة الأسد في ضعفه لأن المصلحة الدولية تتطلب وتتلاقى بقاء الأسد ضعيفاً وهذا ما يفسر عدم قبولهم بتسوية طالما أن أي بديل لن يكون ضعفه مضموناً كما الحال الآن، وعند هذا تتلاقى المصالح الدولية وهناك شك في وجود بديل يحقق كل هذه المكاسب. إن دعم الحلفاء لنظامٍ ضعيف سيكون أكثر مرونة لتمرير مصالحهم ولأن بقاءه ضعيفاً يفسح المجال للقوى الخارجية بالتدخل كإيران وروسيا وحزب الله».
يختم محمد: «سوف يترتب تداعياتٌ خطيرة بعد الإنتخابات وفي مقدمتها استمرار معاناة الشعب السوري أكثر فأكثر وتدفق موجات جديدة من اللاجئيين إلى الدول المجاورة وتوفير أرضية خصبة للمنظمات الإرهابية المتطرفة مما سينعكس سلباً على إستقرار دول  الجوار وستستمر إدارة الرئيس بايدن في تطبيق قانون قيصر عبر فرض حزم إضافية من العقوبات ولربما تذهب لجهة تشمل النشاط العسكري للنظام.
 كما أن الأزمة مرشحة لمزيد من الإنسدادات المتأتية عن إرتفاع وتائر العدائية الأمريكية ضد إيران وحلفائها. واصبحت سوريا هي الساحة الأبرز  لـ (مكاسرة الإرادات) وعلى جبهاتها المتعددة والمتداخلة سترسم ملامح النظام الأقليمي ـ العالمي الجديد».
فقدان النظام والمعارضة لقرارهما المستقل
تحدث عضو اللجنة السياسية في حزب يكيتي الكوردستاني- سوريا، فؤاد عليكو، بالقول: «حول الوضع السوري بشكل عام فلا يبشر بأي تحول نحو الأفضل في المرحلة الحالية، فالمفاوضات متوقفة منذ أكثر من أربعة أشهر ولا يوجد في الأفق المنظور بإستئنافها، كما وحتى إن استؤنفت فلن يكون النتائج بأفضل من سابقاتها لأن القوى الدولية والإقليمية المؤثرة على الساحة لم تتفق بعد على شكل الحل المستقبلي، إضافة إلى فقدان النظام والمعارضة لقرارهما المستقل ناهيك عن انقسام هيئة التفاوض الممثلة للمعارضة منذ أكثر من عام دون القدرة على ترميم وضعها الداخلي، لذلك يبدو أن اتفاقا غير معلن بتبريد الجبهات إلى مرحلة يتم فيه التوافق الدولي على شكل الحل في سوريا هو المعتمد حالياً، وهناك تعقد الآمال على لقاء الرئيسين الأمريكي والروسي المقبل لحصول اختراق ما بإتجاه حل الأزمة السورية». 
يتابع عليكو: «كُردياً، فالوضع أكثر من معقد لأن ب ي د تخلق الحجج والذرائع وتقوم بممارسات سلبية على الأرض من أجل إفشال الحوار الكُردي الكُردي لأنها في الأساس غير مقتنعة به وإنما تقوم بذلك مسايرة للرغبة الأمريكية لا أكثر، وتجربة المجلس الوطني الكُردي معهم من خلال ثلاث إتفاقيات منصرمة باءت بالفشل والكل يعرف من كان يفشلها في كل مرة. لذلك لا يمكن إنجاح الحوار إلا إذا كان هناك تدخل أمريكي ضاغط بإتجاه التقارب. ومن الجهة الثانية هناك روسيا والنظام يحاولون بشتى الوسائل عودة المنطقة إلى حظيرة النظام سواء عبر التفاوض مع ب ي د أو حتى الحسم العسكري لكن خشية التصادم مع الأمريكان يعرقل هذا التوجه. لذلك يعيش مواطنو المنطقة حالة قلق دائم على مستقبل المنطقة عدا عن معاناته في توفير الحد الأدنى من ظروف المعيشة القاسية».
حول تقييم لإجراء الانتخابات الرئاسية حاليا، يؤكد عليكو: «فإنها تعتبر بكل المقاييس غير شرعية لأن ثلثي سكان سوريا سوف يكونون خارج العملية الانتخابية لأنه وبحساب بسيط فإن 5 ملايين في شرق الفرات و5 ملايين في غرب الفرات و 7 ملايين في الخارج لن يشاركوا في الانتخابات ولن يبقى من يحقُّ الانتخاب في منطقة النظام سوى 9 ملايين، لكن النظام وحلفاءه من الروس والإيرانيين مصرون على إجراء الانتخابات في موعدها خوفا من حصول فراغ دستوري وحينها سوف يتخذ المجتمع الدولي ذلك ذريعة لسحب الشرعية السياسية والقانونية منه، وبالتالي يعتبر النظام غير شرعي قانوناً، وحينها يحق للمعارضة تشكيل حكومة في المنفى تحظى بالشرعية الدولية ويصبح النظام عبارة عن مليشيات متمردة على السلطة الشرعية لا أكثر». 
يعتقد عليكو: «انه، ما بعد الإنتخابات سيحاول النظام إبداء بعض المرونة في اللجنة الدستورية بشكل يفضي إلى إحتواء المعارضة وليس إلى تغيير جذري في بنية وهيكلية النظام، ولا أعتقد بأن هذا التصور سيجد طريقه إلى النجاح وقبول عودة النظام إلى المجتمع الدولي بهذه البساطة لأن الأزمة عميقة والجرح غائر في عمق المجتمع السوري، ولا يمكن المعالجة إلا بإحداث تغيير جذري في هيكلية النظام بما فيه الرئاسة ولازال القرار الدولي 2254 قابلا للتطبيق والقبول في معالجة الأزمة، وما عدا ذلك فلن يكون هناك حلا يرضي الجميع وتبقى الأزمة مستمرة».
الانتخابات لا تنم عن قوة النظام وهو فاقد الشرعية والإرادة
تحدث عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، صالح جميل عمر، بالقول: «إن ما يجري في سوريا هو نتيجة الأزمة البنيوية الناتجة عن تشكيل دولة سوريا دون أخذ رأي الشعوب التي تشكلت منها الدولة السورية ومن ثم فرض نمط معين من الحكم وصف بالقسوة والاستبداد ومحاولة صهر الشعوب في بوتقة القومية السائدة تحت يافطة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول أما في العشر سنين المنصرمة وإتباع سياسة الأسد أو حرق البلد واستنجاده بروسيا وإيران وميليشياتها والتدخلات الإقليمية والمليشيات التابعة لها معاً خلقوا أزمة بنيوية اقتصادية واجتماعية أوصلوا المواطن السوري إلى مستوى معيشي خطير جداً. أما الشعب الكوردي المغبون تاريخياً مثله مثل عامة الشعب السوري فقد ذاق الأمرين كونه سورياً من جهة وكوردياً من جهة ثانية بالإضافة إلى فرض عليه قوة بفكر عسكري محاولة إلغاء تاريخه النضالي والقومي. والحركة الكوردية التي لم تنخرط في العمليات العسكرية، وحافظت على قوتها الفاعلة جماهيرياً ومشاركة في العملية السياسية وفق مسار جنيف والقرار الأممي ٢٢٥٤، وهي شريك فعلي في هيئة التفاوض وكتابة الدستور السوري الجديد، والكورد أمام استحقاق تاريخي يجب عدم الإفراط به كون الظروف والمناخات الحالية لصالح الشعب الكوردي، وممكن أن لا تكرر مرة أخرى فالإسراع بتشكيل موقف كوردي وبرعاية أمريكية وأوروبية بات كالقدر».
يتابع عمر: «بعد انهيار ما يسمى بالدولة الإسلامية /داعش/ ووقف العمليات العسكرية بين المجاميع المسلحة تشي إلى نهاية الصراح العسكري وبداية صراع سياسي لا يقل عن الأول ضراوة حيث الصراع بين الدول الكبرى المسيطرة لتوسيع نفوذها وبين الدول الإقليمية لتنال حصتها وبين النظام والمعارضة وحتى بين المعارضة نفسها وبعد كل التدمير والقتل والتشريد أقتنع الجميع بضرورة الحل السياسي/الصراع السياسي/».
يتصور عمر: «أن النظام وحلفاءه يعتقدون أن الانتخابات ستمنحه المشروعية الداخلية والخارجية، وسينجح بإجرائها في المناطق التي يسيطر عليها بغض النظر عن نسبة المشاركة واعتقد بأنها ستكون منخفضة لأسباب إقتصادية وإجتماعية والتي يرزح تحت وطأتها المواطن السوري في مناطق سيطرة النظام. أما في مناطق الإدارة الذاتية التي تسيطر عليها ب ي د فستكون صعبة إن لم يتوصلا إلى اتفاق معين رغم وجود مربعات أمنية للنظام ضمن مناطق الإدارة الذاتية. ومستحيل إجرائها في مناطق التي ترزح تحت وطأة الاحتلال التركي والجماعات المسلحة المحسوبة عليها، والانتخابات لا تنم عن قوة النظام من عدمه لأن النظام فاقد الشرعية والإرادة وهو رهين إملاءات حلفائه من روس وإيرانيين والمليشيات المحسوبة عليهما».
يرى عمر: «ان مرحلة ما بعد الانتخابات ستكون أسوأ بالنسبة للشعب السوري عامة والقاطنين في مناطق سيطرة النظام بشكل خاص لأنه يطيل من أمد الأزمة بما ينعكس على النظام نفسه بسبب رفض المجتمع الدولي له وبعده عن محيطه العربي وسيكون وبالاً حتى على حلفائه».
سيناريوهات عديدة بانتظار سوريا منها العسكرية والتقسيم
تحدث عضو المنسقية العامة لحركة الإصلاح الكُردي في إسطنبول، عثمان عكيد، بالقول: «لا شك ان ما جرى ويجري في سوريا منذ اكثر من عشر سنوات مضت وما رافقته من أحداث مع أسوأ أنواع اليأس الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والدمار الشامل الذي لحقه هو جرّاء عناد النظام الاستبدادي ورفضه كل أنواع الحلول السياسية والسلمية ضاربةً عرض الحائط كل المحاولات التي بُذلت منذ اندلاع الثورة في 15-03-2011 من قِبل الجامعة العربية والبعثات المختلفة للأمم المتحدة وحتى من علماء المسلمين بغية سعيهم لإنجاز الحل السلمي للأزمة السورية والحد من تطوير وتوسيع ودرء المزيد من الأخطار التي لاحقت وتلاحق الشعب السوري من قتل وتهجر ونزوح واعتقال وتدمير في أغلب المرافق العامة في سوريا، مع كل ذلك لم تفلح تلك المحاولات أمام عناد النظام وتسلطه بمقدرات الشعب وقوته بل وراح يبذل كل ما في وسعه لقلب موازين الثورة السلمية المُطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية ناهيك عن بطء الحركة والممارسة الدبلوماسية الناتجة لدى المعارضة التي كانت تحظى باعترافٍ دولي واسع وطرحها الوصول بسوريا إلى دولة تعددية ديمقراطية، مما شجّع النظام أكثر وراح يخلق نزاعاً مسلحاً وهو يمارس أبشع أنواع خلق الأزمات الانسانية ليس في سوريا فحسب بل على مستوى العالم أجمع، الأمر الذي شجّع ومنح المبررات لدخول القوى الخارجية الإقليمية والدولية وملحقاتهم من قوى إرهابية متنوعة المذاهب والأفكار والشعارات والتدخل في شؤون سوريا مما زاد من التعقيد وإبعاد الشعب السوري من حقوقهِ السلمية المشروعة وفق قرارات 2118 و 2254 والقرارات الأخرى ذات الصلة ولا حل غير ذلك وستذهب بسوريا إلى المجهول. أما بخصوص القضية الكُردية في سوريا فلا شك بأنها جزء لا يتجزأ من سوريا، وحلها جزء لا يتجزأ من الحل السوري العام أيضاً. كما أن الشعب الكُردي الذي عانى طويلاً منذ استقلال سوريا عام 1946 وحل قضية الشعب الكُردي لن يتحقق ما لم تتحقق الديمقراطية والعدالة في دولة تعددية ديمقراطية توافقية يمنح الحقوق لعموم المكونات السورية بما فيها المكون الكُردي الرئيسي. وذلك وفق قرارات حق تقرير المصير للشعوب في ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الشعوب. كما أنه يجب على الحركة الكُردية العمل على الوصول إلى تفاهمات مشتركة مع كافة الشرائح في المجتمع السوري وفيما بينهم سيّما بين المجلس الوطني الكُردي وأحزاب الوحدة الوطنية الكُردية على ضوء الرؤية المشتركة للحركة الكُردية عام 2012 والاتفاقيات التي تمت في هولير 1 و 2 ودهوك الاخيرة عام 2014 برعاية ومباركة الزعيم مسعود البارزاني وأصدقائه للوصول إلى استقلالية القرار السياسي للحركة الكُردية في سوريا وفك الارتباط بقنديل. كما أن على الحركة الكُردية إجراء مراجعة نقدية شاملة على مسيرتها السياسية والعمل على السير نحو الإصلاح والتغيير ومشاركة قوى اجتماعية كفوءة بغية توسيع وتطوير الحركة الكُردية لمواكبة متطلبات المرحلة السياسية الراهنة المعقدة والحساسة والتي تعصف ليس على سوريا وحدها فقط, بل على الحركة الكُردية أيضاً».
يتابع عكيد: «في الحقيقة أن سوريا لم تنعم بهدوءٍ منذ أكثر من عشر سنوات إلا أنه رافق تلك الفترة هدوء نسبي هنا وهناك تحت مسميات مختلفة كالمصالحات بين القوى المُتصارعة وبعض أقطاب تلك القوى ظناً منهم بإعطاء حلٍ زمني لإعطاء كل واحد منهم فرصة في تجميع قواتهم ورسم خارطة عملياتهم العسكرية المختلفة سواء أكانت بين النظام أو غيرهم من القوى المسلحة في سوريا. وهذا الهدوء ناجم جراء مشاورات دولية وإقليمية فيما بينهم للوصول إلى حلٍ يُرضي الجميع بعيداً عن حق الشعب السوري الثائر وتوزيع سوريا إلى أربع مناطق فيما بينهم كالمنطقة الساحلية يقودها الروس والإيرانيون والنظام والمنطقة الجنوبية تقودها الأردن وإسرائيل والمنطقة الوسطى يقودها الأمريكيون مع التحالف الدولي وتركيا وأيضاً المعارضة السورية والمنطقة الشرقية أي شرق الفرات يقودها التحالف الدولي بقيادة أمريكا ومعها تُركيا والحركة الكُردية المشتركة (قسد – بيشمركة)».
 يعتقد عكيد: «ان هناك سيناريوهات عديدة بانتظار سوريا منها العسكرية والتقسيم، سيّما نشوب خلافات بين الدول الفاعلة في سوريا حول حصتهم من الكعكة التي يريدها الجميع لتكون نقطة خلاف جوهرية وبداية اندلاع أزمة واسعة قد تمتد إلى إيران والصين وأُكرانيا عبر جزيرة القرم بين تلك القوى والدول في سوريا. كما أن التوترات السياسية الصاعدة والمتصاعدة هنا وهناك ووفق تحليلاتٍ سياسية فإن جميعها تدل على مؤشرات باندلاع أزمة في عموم الشرق الأوسط وذلك وفق استراتيجية الغرب (الشرق الأوسط الجديد – النظام العالمي الجديد – سياسية القطب الواحد) على ضوء أنهم في عصر حرب الطاقة في العالم».
يضيف عكيد: «منذ تأسيس سوريا عام 1946 وحتى الآن لم تكن هناك انتخابات ديمقراطية شرعيّة حرة في سوريا سيّما في ظل نظام الاستبداد وحزب البعث فيها كون الأنظمة البرجوازية والمستبدة لا تستطيع إجراء الانتخابات النزيهة فقط تكون شكلية ومزورة وذلك بهدف السيطرة على مشاعر الناس العامة وذلك وفق بروباغندا فوضوية قوية تلعب وتشوّش على عقول البسطاء والابرياء وزجهم نحو ما يسمى بصناديق الاقتراع، وتأتي هذه الانتخابات ضمن سلسلة سياسات مبرمجة كغيرها بتشجيع ودعمٍ من روسيا وبمشاركة إيران محاولةً منهم باللعب على الرأي العام الداخلي والخارجي لتكون ورقة ضغط على المجتمع الدولي ايضاً بغية تحقيق بعض المكتسبات السياسيّة على المنصات الدبلوماسية السياسية الدولية والإقليمية إبراز النظام بصورة قوية لفرض مبادئ دستورية قادمة مخالف للمجتمع الدولي والقرارات الدولية لإجراء انتخابات حرة تحت مراقبة الأمم المتحدة ومشاركة ممثليّ كافة المكونات السوريّة بحرية وديمقراطية لكي تأتي بثمارها ضامنة طموحات كافة المكونات السوريّة كُرداً وعرباً وآشوراً. وأي انتخابات لا تضمن ولا تعترف بذلك فهي غير مُعترف بها من قبل الشعب السوري ولا تمثل عموم المكونات السوريّة».
يؤكد عكيد: «ان هذه الانتخابات لم ولن تأتي بثمارها، كونها تُقام دون مشاركة غالبية شرائح المجتمع السوري بل وتُساهم إلى المزيد من التعقيد لحل الأزمة السوريّة المرتقبة وذلك وفق قرارات الشرعية الدولية خاصةً 2254 و 2118 التي تنص على الانتقال السلمي للسلطة والانتخابات الحرة بإشرافٍ من الأمم المتحدة وإعداد دستور دائم يُشارك فيه جميع مكونات شعب سوريا المستقبل».
الخاتمة:
من الواضح أن القوى الدولية والإقليمية المؤثرة على الساحة السورية لم تتفق بعد على شكل الحل المستقبلي، وإضافة إلى فقدان النظام والمعارضة لقرارهما المستقلي، نستنتج من ذلك أن بوادر قرب انتهاء الأزمة السورية غير وارد. 
والحركة الكوردية التي بقيت محافظة على سلميتها ولم تنخرط في العمليات العسكرية وحافظت على قوتها الفاعلة جماهيرياً ونالت ثقة كافة مكونات المنطقة برغبتها على إيجاد حل يحقق العدالة والمساواة بين كافة المكونات، ومشاركة في العملية السياسية وفق مسار جنيف والقرار الأممي ٢٢٥٤، وهي شريك فعلي في هيئة التفاوض وكتابة الدستور السوري الجديد، لذلك الكورد أمام إستحقاق تاريخي يجب عدم التفريط به، كون الظروف والمناخات الحالية لصالح الشعب الكوردي، وممكن أن لا تكرر مرة أخرى، كلما تمّ الإسراع بتشكيل موقف كوردي وبرعاية أمريكية وأوروبية كلما حققنا جهوزيتنا لأي استحقاق سوري قادم.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…